Search
Close this search box.

دروس في خطبة الرسول الأكرم (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك

نطالع الكثير من الدّروس من خطبة الرّسول الأكرم(ص) في آخر جمعة من شهر شعبان المعظم، حيث استقبال شهر رمضان المبارك، فهو من أفضل الشهور عند الله تعالى، المليء بالرحمة والبركات الربانية المضاعفة ، حيث يدعونا الله فيه إلى ضيافته الكريمة، وأن نكون من أهل كرامته.

يعتبر شهر رمضان المبارك مدرسة شاملة ومتعددة الابعاد والمستويات في تربية وتنشئة الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس.

ولقد دأب أئمة الهدى، عليهم السلام، على تذكير الأمة بهذه الخطبة المباركة لما تشمل من أبعاد وآفاق معنوية وتربوية واجتماعية وجهادية، يمكن استلهامها من معين النصّ النبوي الشريف وهو يتحدث عن عظمة الضيافة الرمضانية الكبرى.

فقد بشر رسول الله ( ص) المسلمين في خطبته التي استقبل بها شهر رمضان المبارك بالاجر العظيم والبركات الاستثنائية منها:

1- نومكم فيه عبادة

2- عملكم فيه مقبول

3- دعاؤكم فيه مستجاب

كما بيّن (ص) استثنائية الوقت فيه قائلاً:

1- أيامه أفضل الأيام

2- لياليه أفضل الليالي

3- ساعاته أفضل الساعات

لأجل هذه الاستثنائية في الشهر الفضيل دعا رسول الله (ص) الى اتباع البرنامج الآتي:

التحرّر بالعودة إلى الله:

أوضح رسول الله (ص) أنّ النفس الإنسانية تقيّدها وترهنها الأعمال السيِّئة، فتعيق مسيرتها الكمالية نحو الله تعالى، لذا دعا (ص) إلى تحرير النفس بالاستغفار والتوبة إليه سبحانه فقال (ص): “إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكّوها باستغفاركم”، وقال (ص): “توبوا إلى الله من ذنوبكم”.

الصوم الحقيقي:

اعتبر النبيّ محمد (ص) أنّ الصيام لله تعالى فرصة كبيرة تحتاج إلى توفيق خاص من الله تعالى، وبالتالي فإنّ تحقّقه كما يريده عزّ وجل يحتاج إلى دعاء نابع من إخلاص القلب الذي طهّرته التوبة.

قال (ص): “فاسألوا الله ربَّكم بنيِّات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه”.

أمّا عن الصوم الحقيقيّ المطلوب، فإنَّ النبي (ص) اعتبر – في بعض أحاديثه الواردة- أنّه لا يقتصر على صوم البطن، بل هو بتعبيره الشريف: “إنّ أيسر ما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام”، لذا قد يحصل هذا النوع من الصيام من دون حصول النتيجة المطلوبة منه، وبتعبيره (ص): “ربّ صائم حظُّه من صيامه الجوع والعطش”.

وقد تحدّثت بضعة المصطفى (ص) السيدة الزهراء (ع) عن الصوم الحقيقي قائلةً – فيما ورد عنها -: “ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يَصُنْ لسانه وسمعه وبصره وجوارحه”.

إذاً الصوم الحقيقي هو – إضافة إلى صوم البطن – صونٌ لأربعة أشياء نتحدث عنها تباعاً:

صوم اللسان:

عن رسول الله (ص) في خطبته الآنفة الذكر: “واحفظوا ألسنتكم”.

وحفظ اللسان هو صيانته عن الحرام، كالكذب والغيبة والبهتان والنميمة والسبّ والبذاءة وما شاكل.

وفي إطار الدعوة النبويّة إلى صوم اللسان ورد أنَّ رسول الله (ص) سمع امرأة تسبّ جارية لها وهي صائمة، فدعا رسول الله بطعام، وقال لها: كلي، فقالت: أنا صائمة يا رسول الله، فقال (ص) لها: “كيف تكونين صائمة، وقد سببت جاريتك؟ إنّ الصوم ليس من الطعام والشراب”.

وقد بيّن أمير المؤمنين علي (ع) المرتبة الفضلى لصوم اللسان من صوم البطن قائلاً – فيما ورد عنه-: “صيام اللسان خير من صيام البطن”.

صوم البصر:

عن رسول الله (ص) في خطبته الآنفة الذكر: “غضّوا عمّا لا يحلّ النظر إليه أبصاركم”.

وغضُّ البصر وهو الشرط في الصيام الحقيقي يتحقّق بتجنّب النظر إلى المحرَّمات كالنظر إلى غير الزوجة بشهوة، وإلى ما يخفيه الناس ولا يقبلون النظر إليه كاستراق النظر إلى رسائل الآخرين على الهواتف، وإلى بيوت الآخرين من على الشرفات، وكذا النظرة إلى أهل الإيمان نظرة إرعاب وتخويف وإيذاء وهكذا.

صوم السمع:

قال (ص) في خطبته السابقة: “غضّوا عمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم”.

وغضُّ السمع وهو الشرط في الصوم الحقيقي يتحقق بتجنب استماع المحرّمات كالغناء ونحوه.

صوم الجوارح:

كصوم اليد عن الضرب المحرّم للزوجة والأولاد، وعن السرقة، وكصوم القدم عن الذهاب إلى الأماكن المحرّمة، الخ…

استحضار الآخرة:

إن إحدى العبر التي ركَّز عليها النبي (ص) في خطبته هي تذكُّر الآخرة التي من عقباتها الجوع والعطش، فقال (ص): “واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه”.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل