إن الحياة الدنيا وفقاً للتصور الإسلامي ليست دار قرار، بل دار ممَرٍّ نَحو الآخرة، مجرَّد مرحلة انتقالية محكومة بالزوال والانتهاء، يعيش الإنسان فيها مُدَّة من الزمن ثم يرتحل عنها إلى الآخرة التي هي دار القرار، وليست داراً للراحة والنعيم المطلق، وإنما هي دار ابتلاء واختبار.
كما أن الله تعالى لا يمنع عن أعدائه وهم الكفَرَة الفَجَرة الظَّلَمَة لا يمنع عنهم الدُّنيا بل يعطيهم منها، وقد يزيدهم فيها إتماماً لحجته عليهم، واستدراجاً لهم.
قال تعالى: “وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً” ﴿35/ الأنبياء﴾ والابتلاء هنا يعني أن الإنسان يُمتحن في ظروف متنوِّعة، سواء كانت تلك الظروف رخاءً أو شدّة، كما يُعتَبَر أداة لتحقيق الحكمة الإلهية من خلق الناس، وهي ابتلاؤهم بالخير والشر ليختبر مدى صبرهم وشكرهم، وعليه، فمن المؤَكَّد أن يمُرَّ المؤمن بمصاعب وابتلاءات في الدنيا، لكن هذا لا يتنافى مع مكانته عند الله، بل هو جزء من سنن الحياة التي أرادها الله لعباده.
وقال تعالى: “إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴿103﴾ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ﴿104﴾ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴿105﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴿106﴾ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴿107﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴿108/ هود﴾.