الطاعة لله تعني الالتزام بأوامره كلها

الطاعة لله تعني الالتزام بأوامره كلها

 إن الطاعة لله تعني الالتزام بأوامره كلها والابتعاد عن نواهيه كلها استجابةً له ولما أنزل من أحكام في شريعته، وشريعته تعالى رحيمة وحكيمة، فكل ما فيها من أوامر ونواهي هو مظهر عظيم من مظاهر رحمته تعالى.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ بادَرَ إِلى مَراضي اللّهِ، وَتَأَخَّرَ عَنْ مَعاصيهِ، فَقَدْ أكمَلَ الطّاعَةَ”.
معادلة تلَخِّص فلسفة الطاعة لله، وهي الجمع بين السَّعي لفعل الخير والباقيات الصالحات وكل ما يُرضي الله تعالى والابتعاد عن الشَّرِّ والمعاصي وكل ما لا يرضاه الله تعالى، هذه المعادلة تجعل الإنسان متزناً في سلوكه، قريباً من ربِّه، وناجياً في الآخرة، وكي يحقق كُلٌ مِنّا هذا الهدف، يجب أن نجعل طاعة الله محور حياتنا، مدركين أن فيها سعادتنا في الدنيا والآخرة.
الطاعة لله تعني الالتزام بأوامره كلها والابتعاد عن نواهيه كلها استجابةً له ولما أنزل من أحكام في شريعته، وشريعته تعالى رحيمة وحكيمة، فكل ما فيها من أوامر ونواهي هو مظهر عظيم من مظاهر رحمته تعالى، وكل ما فيها من أوامر يهدف إلى جلب النفع إلى الإنسان، سواء كان نفعاً مادياً أم معنوياً، وكل ما فيها من نواهي يهدف إلى دفع الضُّرِّ عن الإنسان، مادياً كان أم معنوياً، وهذه هي الغاية منها جميعا.

والطاعة هي المظهر الأجلى للعبودية التي تنبع من الإيمان بالله وصفاته الكمالية، كالرحمة والعدل والحكمة، إذ تعكس إدراك الإنسان أن الله سبحانه هو الخالق والمدبر، وأن التشريعات التي وضعها تحقق الخير والصلاح للفرد والمجتمع.
وإنما يجب علينا أن نُطيع الله تعالى لأنه هو الخالق للكون وما فيه، والخالق لنا، والمنعم علينا، والرازق لنا، وهو المدبِّر لأمورنا، وهذه نِعَمٌ توجب علينا بحكم العقل شكره، ومن أظهر مصاديق الشكر الطاعة له، كما أن الربوبية التي تعني التدبير توجب الطاعة على المربوب، قال تعالى: “إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ”﴿الأعراف/54﴾.

كما أن في طاعتنا لله تعالى تحقيق للغاية من خلقنا، فالغاية من وجود الإنسان وهي تكامله المعنوي فضلاً عن المادي لا تتحقَّق إلا من طريق الطاعة لله والامتثال لأوامره، لأنه تعالى يعلم الغاية، ويعلم الطريق الموصِل إليها، وهو اتباع أوامره، ويعلم ما يعيقنا عن بلوغ الغاية وهو ما نهانا عنه، فبالطاعة له نتكامل ونتقرَّب إليه، والقرب من الله هو الكمال بعينه، ولا يُراد من القرب هنا القُرب المكاني ولا الزماني بل القرب المعنوي الذي يتجلّى بالتخَلُّق بصفاته وأسمائه الحُسنى.

وبالطاعة وحدها نبني حياتنا الأخروية، وهي الحياة الحقيقية، ونفوز هناك بالفلاح والسعادة الحقيقية جنان الله الواسعة، قال تعالى: “…وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” ﴿النساء/13﴾. 
بناء على ما سبق ينبغي على المؤمن أن يبادر إلى طاعة الله، ساعياً بجِدٍ لأداء تكاليفه، والإتيان بما يرضي الله تعالى عنه، ولا يجوز له التردُّد والتسويف في ذلك، لأن كل لحظة تمرُ تنقص من عمره، والله قد أعطاه عمراً محدوداً ليملأه بالطاعة والعمل لمراضيه تعالى.
وفي ذات الوقت يجب أن يتجنَّب كل المعاصي والموبقات والفواحش والآثام ما ظهر منها وما بطن، وكي يتمكن من ذلك عليه أن يتجنَّب مقدماتها، والبيئة التي تدعوه إليها، من مكان، أو حالٍ، أو صديق، أو وسيلة.
إن الطاعة تكون بفعل الواجبات، واجتناب المحرمات، وكلاهما سهل على المريد الذي يرغب في التقرُّب إلى الله تعالى، فمن جمع بين المبادرة إلى الطاعات وترك المعاصي فقد أتمَّ معنى الطاعة في أبلغ مظاهرها.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل