الدعم للولاية؛ أبعد من الحدود والسياسة

الدعم للولاية؛ أبعد من الحدود والسياسة

في الأيام الماضية، كان من أبرز الأحداث في ميادين السياسة والدين، هجوم غير مسبوق وجسور ضد قائد الثورة الإسلامية.

آية الله العظمى السيد علي الخامنئي. هذا الهجوم لم يكن مجرد خطاب سياسي بل كان نوعًا من الغضب المسموم من عدو غشوم خسر في معركة قاسية، والآن يسعى للانتقام من رمز هذه المقاومة. فمن هو المسؤول عن هذه الهزيمة؟ الجواب واضح: بالنسبة للعدو، هو قائد الثورة الذي وقف في طليعة المقاومة وحطم حلم خضوع إيران.

   ما كان لافتًا هو موجة غير مسبوقة من ردود الفعل والدعم والفتاوى التي لم تكن بدافع السياسة بل من عمق الإيمان والهوية الدينية.

   بدأت هذه الموجة بالبيان التاريخي للمرجع آية الله العظمى السید السيستاني، الذي وصف التهديد ضد قائد الجمهورية الإسلامية بأنه تهديد لـ “القائد الأعلى الديني والسياسي”، محذرًا من تبعاته الإقليمية والعالمية. وبعد أيام، أصدر آية الله العظمى الشيخ مکارم الشيرازي وآية الله العظمى الشيخ نوري همداني في قم فتوى صريحة اعتبرت الاعتداء على القائد “محاربة”. فتوى ذات معنى فقهي وديني واضح وثقيل في الفقه الإسلامي.

   وقد صدرت فتوى مماثلة من آية الله العظمى السيد الحائري في النجف اعتبرت الاعتداء على قيادة الجمهورية الإسلامية إعتداءً على أمة الإسلام كلها. هذه مواقف مدعومة عقائديًا، لم تصدر من باب المصلحة السياسية أو التحليل الجيوسياسي، بل من فهم ديني عميق لمكانة ولي الفقيه.

   وردود الفعل على هذا الحدث لم تقتصر على حدود إيران والعراق وعلمائها، بل اصدر العلماء والمسلمون من باكستان، الهند، نيجيريا، غانا، لبنان، تركيا، البحرين، اليمن، وغيرها، بيانات وقاموا بتنظيم تجمعات وأعلنوا دعمهم بأشكال مختلفة. هذا الاتساع في رد الفعل يدل على أن المسألة تتجاوز مجرد مواجهة سياسية أو إقليمية، بل هي مرتبطة بالهوية التوحيدية الإلهية للمسلمين.

   الغرب، بعقليته العلمانية وتجربته التاريخية بعد عصر النهضة، لا يستطيع فهم هذا الرابط الديني والسياسي. من منظور الغرب، السياسة والدين مجالان منفصلان؛ أحدهما في ساحة السلطة، والآخر في زاوية العبادة. لكن في الثقافة الإسلامية، خاصة في منظومة ولاية الفقيه، هذان الجانبان وجهان لحقيقة واحدة. القيادة السياسية بلا دعم ديني هي طاغوت؛ والقيادة الدينية في غياب المسؤولية السياسية ناقصة.

   من هنا نواجه ظاهرة جذورها في الهوية لا السياسة فقط.

   أولئك الذين ربما لم يكن لهم موقف سياسي تجاه الحرب أو النزاعات الجارية، وقفوا فجأة ضد هذا الانتهاك. ليس لأن لديهم تحليلاً سياسيًا، بل لأنهم شعروا بأن قدسية أعلى مرجعية قد تم انتهاكها. هذا الرد هو من ذات الحس الديني الذي جعل فتوى الإمام الخميني قدس سره ضد سلمان رشدي “حكمًا تاريخيًا خالدًا”. حكم لا يزال حيًا بعد عقود، بغض النظر عن التغيرات السياسية.

   هذه القضية هي بالضبط ما يجب أن تدفع العدو للتفكير. الفتوى، إذا ارتبطت بالهوية التوحيدية، لا تعرف حدودًا جغرافية ولا تاريخ انتهاء صلاحية.

  افتتاحية صحيفة (KHAMENEI.IR) الإلكترونية الخاصة بأيام الدفاع المقدس لشعب إيران في مواجهة عدوان النظام الصهيوني.

ترجمة : مركز الإسلام الأصيل

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل