نشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي كلمة الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بتاريخ 18/07/2025، وذلك بمناسبة تأبين القائد الجهادي الكبير، الشهيد علي كركي «أبو الفضل»، حيث أكّد أن كلفة المقاومة والتصدي للعدوان أقل بكثير من كلفة الاستسلام، الذي لن يبقي شيئاً للوطن، محذّرًا من ثلاثة أخطار حقيقية تواجه لبنان اليوم: الاحتلال الإسرائيلي جنوباً، «الأدوات الداعشية» على الحدود الشرقية، و«الطغيان الأميركي، الذي يحاول أن يتحكم بلبنان ويمارس الوصاية عليه ويريد أن يعدم قدرته على التحرك والحياة».
أكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في كلمة ألقاها بمناسبة تأبين القائد الجهادي الكبير، الشهيد علي كركي «أبو الفضل»، أن كلفة المقاومة والتصدي للعدوان أقل بكثير من كلفة الاستسلام، الذي لن يبقي شيئاً للوطن، حيث شدد على أن لبنان يقف اليوم أمام جملة من الأخطار المحدقة التي تستدعي الوحدة والتماسك الوطني في مواجهة المشروع الأميركي-الإسرائيلي الرامي إلى نزع سلاح المقاومة والتحكم بمصير البلاد.
واشنطن وتل أبيب: مساعي تبرئة الاحتلال ونزع سلاح المقاومة
وكشف الشيخ قاسم عن محاولات حثيثة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لفرض اتفاق جديد يهدف إلى «تبرئة إسرائيل من تجاوزاتها خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، كأنها لم تكن»، معتبراً أن نزع سلاح المقاومة هو الخطوة الأولى والأساسية في هذا المخطط. وأوضح أن واشنطن وتل أبيب أدركتا أن اتفاق وقف إطلاق النار الحالي يخدم مصلحة لبنان ومقاومته، مما دفعهما إلى ممارسة ضغوط ميدانية مكثفة بهدف تعديله، إلا أن هذه الضغوط باءت بالفشل في تحقيق أهدافها.
وبحسب الشيخ قاسم، فإن الإدارة الأميركية تكذب عندما تدعي أنها لم تضمن اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، مؤكداً أن واشنطن «تنسق الحرب مع إسرائيل والعمل على توسعها في المنطقة». وأضاف: «تحت عنوان أمن إسرائيل، لا تظل أي زاوية إلا ويريدون تفتيشها واحتلالها وضربها». وشدد على أن المقاومة لا تستمد قوتها من الإمكانات العسكرية فحسب، بل من قوة الإيمان والموقف الثابت، مؤكداً أن هذا السلاح هو العائق الأساسي أمام التوسع الإسرائيلي، وهو ما أبقى لبنان «واقفاً على قدميه». ولفت إلى أن المقاومة أنجزت تحرير لبنان عام 2000، ومنعت احتلاله عام 2006، وأدت بقوتها إلى استقراره، وحالت دون وصول الاحتلال إلى العاصمة بيروت خلال معركة «أولي البأس».
وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أن المقاومة التزمت بالكامل بما عليها في اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب نهر الليطاني، حيث قامت الدولة اللبنانية بنشر الجيش قدر استطاعتها، بينما لم تلتزم إسرائيل بشيء، وواصلت عدوانها على مدى ثمانية أشهر، «والعالم كله يشهد بذلك، والدنيا كلها تقول إن إسرائيل ارتكبت 3800 خرق».
لبنان على مفترق طرق: أخطار تهدد الوجود الوطني
وحذر الشيخ قاسم من ثلاثة أخطار حقيقية تواجه لبنان اليوم: الاحتلال الإسرائيلي جنوباً، «الأدوات الداعشية» على الحدود الشرقية، و«الطغيان الأميركي، الذي يحاول أن يتحكم بلبنان ويمارس الوصاية عليه ويريد أن يعدم قدرته على التحرك والحياة». وشرح أن المخطط يهدف إلى إقامة «إسرائيل الكبرى»، وتقسيم المنطقة، مستذكراً ما قاله المبعوث الأميركي توم براك من أن «لبنان على وشك الانقراض إذا لم يسرع بالتغيير، أي أنه يقول يجب تسليم لبنان إلى إسرائيل».
وبين أن الولايات المتحدة والاحتلال يسعيان إلى «تقسيم لبنان بين إسرائيل وسوريا»، محذراً من أن «التحريض على الفتنة وإلحاق لبنان بقوى إقليمية، على الأقل إلحاقه مرحلياً بالشام، هو أمر خطير». وأكد أن «كل الطوائف مهددة في لبنان»، مستشهداً بما يحدث من استهدافات طائفية في سوريا، واستهداف الاحتلال للمسيحيين في غزة. وحذر من أن الهجوم على لبنان من شرقه «لا يحتاج إلى وقت طويل» إذا صدر القرار. واعتبر أن صد هذه الأخطار يكمن في «بقاء قوة المقاومة والتماسك بين الدولة والمقاومة وتعاون كل الأطراف اللبنانيين».
صلابة الموقف والتضحية: الطريق إلى التحرير ومنع الهيمنة
وجدد الشيخ قاسم التأكيد على أن «إسرائيل لن تستلم السلاح منا»، وأنها «لن تحقق أهدافها ما دمنا على قيد الحياة». وأبدى الاستعداد للدفاع عن لبنان «لو اعتدت إسرائيل اعتداءً نعتقد أنه يدعونا للدفاع»، مضيفاً: «من أبى وقبل الذل فهذا شأنه، ونحن لن نقبل الذل وقد قدمنا تضحيات كبيرة وقوتنا ساعدتنا على هذه النتيجة». وأوضح أن المسألة ليست سحب السلاح، بل إن هذا السلاح هو العائق الأساسي أمام توسع العدو، وهو ما أبقى لبنان واقفاً على قدميه، ويمنع الاحتلال من التوسع.
وتوجه الشيخ قاسم إلى الداخل اللبناني، داعياً إلى «الصبر على حصرية السلاح في مقابل الخطر الكبير الذي لن يبقي لبنان، ولتكن كلمتنا واحدة ولنعمل للأولوية.. وبعد أن نزيل الخطر، نحن حاضرون لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية واستراتيجية الأمن الوطني». وشدد على أن العنوان الأساس للمقاومة هو «التحرير وحماية لبنان من الاحتلال، ومنع إسرائيل من الاستيطان ومن أن تسيطر على خيرات لبنان ومستقبله».
وحدة الداخل اللبناني: ركيزة الصمود في وجه التحديات
دعا الشيخ قاسم إلى «عدم الرهان على الخلاف الشيعي – الشيعي، فحزب الله وحركة أمل بينهما تعاون استراتيجي حقيقي»، مؤكداً أن الطرفين «يشعران أنهما أمام تهديد وجودي للمقاومة ولبيئتها وللبنان، وكل الطوائف فيه». كما دعا إلى «عدم الرهان على الخلاف مع الرؤساء الثلاثة، فلديهم من الحكمة ومعرفة الأخطار ما يساعد على إخراج البلد من أزماته».
وأكد الشيخ قاسم أن بيئة المقاومة متماسكة، وأن لا مجال للرهان على انقسام الرؤساء الثلاثة، فهم «يتحلون بالحكمة ويملكون القدرة على التعاون لإخراج البلد من أزمته بطريقة صحيحة». وختم بالتأكيد على أن لبنان لن يتخلى عن إيمانه وقوته، وأن المقاومة حاضرة للمواجهة، ولا يوجد لديها «استسلام أو تسليم لسلاحها»، ولن تستلمه إسرائيل منها. وأشار إلى أن المواجهة مكلفة، لكن الاستسلام لن يبقى شيئاً، داعياً إلى التعظي من تجارب المنطقة والعالم.
الشهيد علي كركي «أبو الفضل»: مسيرة جهادية عنوانها الصدق والتضحية
في سياق المناسبة، استذكر الشيخ قاسم القيادي الشهيد علي كركي «أبو الفضل»، مؤكداً أنه «كان من الصادقين الذين التزموا بخيارهم واختاروا المنهج الإسلامي المحمدي الأصيل»، وأنه «لم يترك الجنوب اللبناني على الرغم من تعرضه لمحاولات اغتيال». ولفت إلى أن الشهيد كان عضواً في المجلس الجهادي في حزب الله، ومعاوناً جهادياً للسيد حسن نصر الله منذ عام 2008.
وعرض الشيخ قاسم أبرز الأدوار التي أداها الشهيد كركي، مشيراً إلى أنه كان أحد المعاونين في المجلس الجهادي للأمين العام، وشارك في التخطيط لعملية الاستشهادي أحمد قصير بالتعاون مع القائد الشهيد الحاج عماد مغنية. كما كان له دور بارز في التخطيط للعديد من العمليات حتى تحقيق التحرير عام 2000. وبعد التحرير، تسلم الشهيد مسؤولية مؤسسة الجرحى لسنتين، وقاد «مقر سيد الشهداء» منذ عام 2006 وحتى استشهاده. كما شارك في التخطيط والإشراف على المعارك في سوريا في مواجهة التكفيريين في وقتها.