وجه 1000 أستاذ جامعي إيراني رسالة إلى نظرائهم الفرنسيين، داعيين فيها إلى مزيد من الاحتجاجات على السياسات الرسمية للحكومة الفرنسية والسياسيين الفرنسيين بمن فيهم الرئيس الوقح.
وجاء في هذه الرسالة: ‘‘نوجه لكم دعوة أن لا تكونوا متفرجين فقط لهذه التصرفات بل حسب عقلانيتكم لا تسمحوا لسياسات حكومتكم بأن تصبح غير عقلانية وجاهلة ومشوهة لسمعة بلادكم وأن تجبر العالم على الاصطفاف أمامكم’’.
كما يلي نص الرسالة الموجهة من الأساتذة الإيرانيين إلى أساتذة الجامعات الفرنسية:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأساتذة والمفكرون في الجامعات الفرنسية
تحياتنا لكم
لم يمض وقت طويل من إرسال رسالتنا السابقة إليكم ولكن واقعة أخرى دفعتنا للتحدث معكم أيها الكرام للمرة الثانية – وهذه المرة بمزيد من التأكيد والحساسية، ومن وجهة نظر جديرة بالمفكرين والكُتّاب، ندعوكم إلى “الحوار النظري” و “الحراك العملي”. على الرغم من أنكم لم تردوا على تلك الرسالة التي أرسلناها إليكم ولكن رغم ذلك، فأننا ما زلنا لا نريد قطع “الحوار” و سدّ “طريق التفاهم و التبادل” معكم أبدا بسبب العمل اللاأخلاقي و البعيد عن القيم الإنسانية الذي ارتكبه ساستكم عديم الخبرة ولا نريد قطع الإمكانيات والفرص التي أتيحت فقط للأكاديميين والنشطاء المفكرين في عصرنا هذا.
لذلك، و في سياق “العقل” و “المنطق” و “العدل” و “الفضائل الأخلاقية”، نودّ أن نتحدث معكم عن الدعم الفاضح والرسمي لرئيس جمهورية فرنسا لنشر رسوم كاريكاتيرية مهينة لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم و ندعو الضمائر الواعية إلى القضاء.
أيها الباحثون و المحاضرون الجامعيون في فرنسا!
نحن نعلم ما سيحدث للمجتمع البشري إذا لم تقتصر “الحرية” على “القيود الأخلاقية والبشرية” والمتجذرة في الرغبات الدنيئة والنوايا الشريرة، و نعتقد أنّ حجما كبيرا من معاناة البشر سببه هذه الحريات التي لا تناسب الأخلاق و الإنصاف والفضائل الأخلاقية أبدا.
لا يعتبر حق من حقوق الإنسان في حالة حدوث تعارض وتزاحم مع “حقوق وكرامة الناس الآخرين”، و بالتمسك بهذه الحجة، قد ألقى السياسيون في بلدكم باللوم على بعض الدول والشعوب على مدى السنوات العديدة المتتالية، ولكن الآن، نرى ذلك علنًا في بلد يُعرَف بأنه مهد الديمقراطية والحقوق والحريات، يتم رفض نفس الحجة التي تعترف به العقول جميعا!
هل الإساءة لرسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه و آله و سلم الذي يحترمها ويقدسها ما لا يقل عن مليار إنسان لا يعني إنتهاك حقوقهم الأولية ؟!
حينما الحق في حرية التعبير لمجلة وكاتب يتعارض مع “حق المليار من الناس”، فأي واحد يجب أن يؤخذ؟! هل جرح “المشاعر الدينية ومصالح مليار مسلم” يستحق “الإنكار” أو “الدعم” ؟!
كيف لا يلتزم رئيسكم حتى بأبسط مبادئ حقوق الإنسان، ويطرح عمليا تعريفا لحرية التعبير لا يتوافق مع العدالة ولا مع الميزات الحضارية التي يدعيها ؟!
عندما تُعرَّف الحرية بلا مبالاة بأسمى قيم الإنسان والالتزام الأخلاقي والضمير، فإنها تنقلب على الفور ضد نفسها وتعرض الحياة المدنية البشرية للخطر.
هذا هو التهديد الذي أنشأه رئيسكم الآن أمام المجتمع الفرنسي في العالم.
أيها المفكرين الأكاديميين والخبراء!
على الرغم من أن إيمانويل مكرون، من حيث موقعه السياسي في فرنسا وأوروبا، يجد نفسه في موقف يحتاج فيه إلى صنع مثل هذه “المسرحيات” و الالعاب، لا شك أن ما حدث ليس “حادثة” ولا يمكن اختزاله في هذا المستوى.
والحقيقة أن تأثير “الأيدي الصهيونية المخفية” في السياسة الرسمية للغرب، بما في ذلك فرنسا و هو حقيقة سوف نراها أكثر إيضاحا و تفصيلا في تاريخ الغد، لكنها حاليا ليست مخفية على أهل التأمل و أصحاب الفكر، في أن الحكومات الغربية هي دميات بالأيدي الخبيثة لأصحاب المال والثروة الصهيونية.
هذه الجريمة المُرة، ليست إلا ما برزت من نياتهم وأعمالهم لمحاربتهم الإسلام.
يا أصدقاءنا و زملاءنا الجامعيين!
على عكس تصوير الإسلام المتعمد من قبل وسائل الإعلام الغربية، فإن هذا الدين الإلهي لا يتكلم بلغة “العنف” و “العدوان” و “التشدد” وليس له سيف مجرد في يده، بل العكس هو يحترم المشاعر والعواطف الإنسانية الخالصة و “التفكير” و يفضل “الحجة” و “الحوار”. نعم، الإسلام لا ينصح المسلمين برفع أيديهم في وجه الظالم والمعتدي للإستسلام، ولكنه في نفس الوقت، حتى في ساحة الحرب والقتال، لا يغلق باب “العقلانية” و”المنطق” بل استخدم دوما الوسائل و المناهج للدعوة إلى الفضيلة و “المحادثة” و “تبادل الآراء”.
بغض النظر عن الصور المشوهة والمزيفة التي بثتها وسائل الإعلام التابعة للولايات المتحدة والنظام الصهيوني، يمكنكم المراجعة إلى نص القرآن الكريم و سيرة الرسول صلى الله عليه وآله سلم ومعرفة الفارق الكبير بين “حقائق الإسلام” و “الصور المزيفة عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية”.
إنما يقتضي “التفكير” و “فهم الواقع” أن لا تحرموا أنفسكم من هذه الفرصة. لقد اخترناكم للمحاكاة، لا فقط لأننا زملاء وجامعيين، ولكن أيضًا لأننا نؤمن بأن القوى الأكاديمية، بخلاف حسابات ومعادلات عالم السياسة الرسمي واليومي، “ملتزمون بإدراك الحقيقة” و “يودون الفضيلة” و أيضا يفرون من أن يكونوا ملعبة بأيدي السياسيين.
فلذلك مرة أخرى نوجه لكم دعوة أن لاتكونوا مشاهدين فقط لهذه التصرفات بل حسب عقلانيتكم لا تسمحوا لسياسات حكومتكم أن تصبح غير عقلانية وجاهلة و مشوهة لسمعة بلادكم و أن تجبر العالم على الإصطفاف أمامكم. لأن حياة الساسة قصيرة، لكن حياة الأمم ورأس مالها الاجتماعي طويل، ويجب ألا تكون لعبة في أيدي السياسيين غير الخبراء.
نسأل الله تعالى التوفيق والصحة لكم في نشر الحقيقة ومواجهة التحريف و التشويه.
ألف أستاذ ومحاضر في الجامعات و مراكز التعليم العالي والبحثي في إيران
١3 ربيع الأول ١٤٤٢
30 أكتوبر ٢٠٢٠