Search
Close this search box.

ندوة بيروت: مؤلفات “سليمان كتّاني” تراث حقيقي للبنان، والاسلام والأدب

أكد العلماء والباحثون المشاركون في المؤتمر الافتراضي الذي نظمته المستشارية الثقافية الايرانية لدى بيروت أن المفكر والكاتب المسيحي اللبناني “سليمان كتاني” كتب في المسيح{ع} ومحمد{ص} وعلي{ع} ولبنان، ومؤلفاته هي تراث حقيقي للبنان والإسلام والأدب.

 وفي الذكرى التاسعة بعد المئة لميلاد الأديب الكبير “سليمان كتاني” والذكرى السابعة عشر لرحیله وفي أجواء مولد الإمام علي بن أبي طالب (ع) الأغرّ، نظمت المستشارية الثقافية الإيرانية في لبنان إحتفالاً تكريمياً في الفضاء الافتراضي بعنوان “سليمان كتاني وإمامة القيم” شارك فيه ثلة ممن عاصروا الأديب الراحل سليمان كتاني  أو كتبوا عن أدبه التظهيري  الراقي.

وبداية كلمة لمقدم الندوة الدكتور خضر نبها أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية  والذي تناول أبرز مؤلفات الاديب كتاني والسير التي ظهّرها في مؤلفاته بأدب أنيق وممتع، بعد ذلك كانت كلمة للمستشار الثقافي الإيراني في لبنان  الدكتور عباس خامه يار, فقال: إن المرحوم سليمان كتاني، المفكر، الكاتب، الأديب والشاعر المبدع المعاصر والشخصية المسيحية اللبنانية الشهيرة کان أحد القامات من أصحاب القلوب الزلال الصافية والطينة الطاهرة المُحبّة لأهل البيت(ع).

خامه يار: التعايش كان حاضراً في مراسم دفن كتاني

وأضاف: “لقد عرفته خلال تسعينيات القرن الماضي عندما كنت في مأموريتي الثقافية الأولى في لبنان، وكانت لي وزوجتي زياراتٌ ولقاءاتٌ به بين الحين والآخر في دارته عند سفوح “جبل صنين” الجميلة والخلابة، في قرية بسكتنا على أطراف بيروت، وأحياناً كنت حلقة الوصل بينه وبين ضيوف بلادي الذين كانوا يأتون إلى لبنان. كان يكنّ الكثير من الحبّ لأرض إيران، شعب إيران، الثورة والإمام، فكان يفتح ذراعيه للإيرانيين من صميم قلبه، وكان يستضيفنا بكامل وجوده. ضعف جسده ومرضه لم يمنعا لقاءاتنا”.

وأشار الى أنه كان آنذاك يبلغ من العمر 85 عاماً. ورغم أنه كان لايزال يتمتع بوعي وذكاء وفكر متقد ومتألق، إلا أنّ أصابعه المرتعشة بالكاد كانت قادرةً على إطاعة قلمه المبدع، من هنا فلقد أتمّ بمشقة كبيرة لكن بشغف أكبر، عمله الأدبيّ الخمينيّ الفاخر “الإمام الخميني؛ شرارة بسم‌الله واحترق الهشيم” في مايو 1996، وأفرحَ قلوبَ الإمام الخميني من خلال إطلاقه في طهران في نفس العام.

واشار الدكتور عباس خامه يار  الى انه بعد سنوات من البحث، الكتابة وخلق أجمل الآثار الأدبية وأبلغها عن تاريخ الإسلام، خلق وسلوك أهل بيت العصمة والطهارة(ع)، توفي أخيراً عن عمر يناهز 92 عاماً، تحديداً في يوم ميلاده أي 29 فبراير من عام 2004، بهدوء وطمأنينة كما اعتاد العيش دائماً، تاركاً لنا ذخراً من كنوز الفكر التي شكلت ثروةً تستثمر في التقريب بين الإسلام والمسيحية والتعايش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.

اللافت أن هذا التعايش كان حاضراً في كنيسة مارجرجس في بيروت، حيث صلى عليه رجلا دين مسيحي ومسلم في مراسم دفنه، وقرآ له الفاتحة والصلاة.
وأكد الدكتور عباس خامه يار على انه  وفي عام 1995 كانت للإمام الخامنئي كلمةٌ حول سليمان كتّاني إثر لقاء كان له به. يقول فيها: “بسم الله الرّحمن الرّحيم. دعوني أنقل لكم خاطرة عن كتاب السيّد سليمان كتّاني هذا. تمّت ترجمة كتابين من كتبه للّغة الفارسيّة؛ الأوّل هو كتاب الإمام عليّ والأخر کتاب فاطمة ‏الزّهراء؛ وفي كلتا الترجمتين كان المترجم يُترجم وهو جالسٌ بجانبي؛ هذه من العجائب! أحد الكتب كان السيد جلال الفارسي جالساً ويُترجم، وكنت أنا أمارس عملاً آخر، لكنّه كان معي وكانت الظروف بحيث لم يكن هو هارباً، بل كنتُ أنا كذلك. وأمّا فيما يخصّ كتاب فاطمة‏ الزّهراء فقد ترجمه المرحوم السيّد جعفر القمّي -نجل المرحوم آية الله القمّي- وكنت أنا هارباً حينها أيضاً إلى أطراف مشهد وطلب هو القدوم معي. لم يكن هارباً لكنّه جاء معي ورافقني. وقد ساعدته كثيراً في تلك الترجمة. هذا حقّ لي في رقبة السيّد سليمان كتّاني!
القاضي غالب غانم : لقد أعطى قلم سليمان كتاني بمقدار ما أخذ، وزرع بمقدار ماحصد

من جهته، توجه الدكتور غالب عبدالله غانم, الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى في لبنان الى المشاركين بالندوة قائلاً: “أصبحكم بسحر الكلمة، الكلمة التي رشّ سليمان كتاني قمحها على سبول الورق، بل على مفرق العقول ومنابض القلوب، ورشّ قمحها في البيئة الريفية البسكنتاوية اللبنانية وعلى امتداد الوطن، وصولاً الى الامّة التي افنى حياته ونذر قلمه لمناجاتها، ولصبّ مائته الصافية الهادفة في بحيراتها الفكرية السخية ولإماطة اللسان عن جذورها الضاربة في عمق التاريخ وفي عمق الحقّ. لم يكتف بالذهاب اليها مما تلّقاه من عقيدة والتزام شفّافين صارمين وحسب، بل مما استطاع ان يتلّمسه ويكتشفه ويطالعه بسعيه الدؤوب، بجسده وروحه، بيديه وبصره وبصيرته، بتطوافه في حقائق التاريخ مباسط الجغرافيا، وباحساسه على الاخصّ الاخصّ بأن الارض هي بداية الحكاية. الشعوب، المجتمعات، السلالات، مصطلح التاريخ، علم السكان، النظم السياسية، خصائص المناخ، تطور اللغات، تكون الشخصية الوطنية، اشعاع القيم. مفاهيم تبسّط فيها عبر كتابه الموسوم ” الجذور”، فاستبان له انها جميعاً تتفّتق وتنمو وتتفاعل وتأخذ مكانها الجليل في الدنيا، لانها وليدة رقعة من الارض كان لها من المواهب والكنوز، ومن صنيع الايادي المبُدعة ما يؤهلها لألق في الزمان وصدارة بين الامم.

وأضاف أنه “لم يفُتهُ مابين الارض والقيم الدينية، المسيحية والاسلامية من علائق تخترق اللحاء والاسطح، للنفاذ الى مكامن الخير والى مدارج الروح، فكم كان لحقول الناصرة وأكمات الجليل ومرتفع الجلجلة من أصداء لبشارة المسيح، كما نقرأ في كتابه “يسوع أبد الانسان” . وكم كان لرمل البيد وبيت الله في الكعبة والمقدس من تراب كربلاء وجسر الرصافة، من تراشيح في مجموع مؤلفاته الاسلامية الإمامية”.

الشيخ محمد مهدي التسخيري: لقد كان الراحل ذخرا في فكره وادبه وجمالياته

والكلمة التالية كانت  للشيخ الدكتور  محمد مهدي التسخيري, رئیس مركز حوار الأدیان والثقافات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية فقال: إن هذا التكريم ليس تكريماً للشخص وحده، بل هو تكريم للفكر والقيم بما يجسده الكاتب في المسيرة الإنسانية، ان هذا الإنسان الذي انفتح على الحق والخير والجمال لا يمكن أن يختزل في كلمات محدودة وعبر دقائق معدودة، بل نعرض هنا صورة جمالية مؤشرة من بعد على هذا الجمال الواقعي.
وأشار الشيخ الدكتور  محمد مهدي التسخيري في كلمته الى عدة نقاط, فقال: أولاً: عندما نتحدث عن شخصية أدبية وفكرية لا يمكننا أن نتجاهل البلد الذي ترعرعت فيه هذه القامة الادبية العملاقة مناخاً وفكراً وإنتاجاً، ان لبنان كما المعروف لدى العالم صغير بحجمه وكبير بطاقات الإنسانية والفكرة والادبية، وهو الاطلالة والنافذة المشرفة من الأعلى على أودية العلم والأدب، وقلما نجد مفكراً واديباً وشاعراً عربياً لم طقطنها ولم يتغزل بها. او يشرب من مائها الفكري والادبي العذب.

ثانياً: “لقد كان الراحل ذخراً في فكره وادبه وجمالياته، لا يحد نفسه برؤية تقعده عن النظر الى الاخر بإيجابية، وكان يخط الكلمة وينظفها قبل أن طغمسها في حبر العلماء،  ويحيك الحروف كي تخيط ثوباً لائقا لعظمة الفكر، فالكتاب لم تكن عنده هواية بل مسير للكشف عن مجتمع يراه عظيماً ونبلاً في انسانيته، احتراماً للفطرة والانسانية، والكتابة كانت تعبيراً عن هذا الهدف السامي، وليست هواية، فكانت رؤيته فطرية، فإذا كانت رؤيته فطرية وانسانية فانها ستتعدى حدود المذاهب والقوميات والاوطان، مع احترامه لكل هذه العناوين كان يرى ان كل الأديان تسليماً لله الواحد الأحد ولا يتردد، لأن الكل مسلم لله، فكان السلام منه لعيسى ومحمد على حد سواء، قائلاً: ولقد جاء اسلام محمد(ص) عناقاً لاسلام المسيح، وكان المسيح عليه السلام مثالاً للانبياء والعظماء الكرام المجسدين في محمد وعلى والزهراء عليهم صلوات الله.

الاب نعمه صليبا: سليمان كتاني أديب في خدمة الحوار
وتناول الأب نعمة صليبا, الباحث في العلاقات الإسلامية في كلمته سيرة كتاني ومزايا ادبه وقال: حوار الحياة جعل من العيش المشترك مادة سهلة جداً يتميز فيها لبنان عن باقي الدول العربية، هذه الحالة من العيش المشترك التي نحظى فيها في لبنان، يسمح لكاتب مسيحي مثل سليمان كتاني بأريحية ان يغوض في فضاء بعيد كل البعد عن منطقته الجغرافية، أو حتى عن إيمانه الشخصي، ولا ننسى ان سليمان كتاني كتب ونشر في ظل الحقبة السوداء في لبنان، هو تلميذ مدرسة الحكمة وابن بسكنتا، وهذا دليل وشهادة حية، استطيع اليوم ان استعمل سليمان كتاني كمادة اساسية في تدريبي للحوار الإسلامي المسيحي وشهادة حياة، لشخص عاش في لبنان في ظل الأزمة الكبرى للبنان، فلم يكن خائفاً، لكنه اقدم على كتابات عدة عن أهل البيت، وهذا جواب للحالة التي نعيشها اليوم، كيف يمكن للانسان ان يستعمل او يغوص في غير بحره، لأننا في لبنان تعودنا على التمييز الطائفي وعلى الاصطفاف.

وأضاف: اليوم نحن أمام تأكيد جديد وليس فقط لسليمان كتاني ولكن للحالة اللبنانية التي جميعنا نعيشها كاخوة مع بعضنا البعض.

الشيخ ناصر رفيعي: سليمان كتاني كان عالماً بالتاريخ وبالوقائع والحوادث

وكانت كلمة للشيخ الدكتور  ناصر رفيعي, رئيس مجمع التاريخ في جامعة المصطفى(ص) العالمية، فقال: “كنت استمع الى كلمات وخطب الاساتذة حول سليمان كتاني، سليمان كتاني من الشخصيات الاديبة والمهمة وله آثار قيّمة، أنا قبل سنة ذكرت كتابه عند السيد القائد الامام الخامنئي حفظه الله، أنا في بعض الاحيان أخطب عنده، ذكرت على المنبر في محضره كتابه المعروف، وهو الان امامي تحت عنوان “فاطمة الزهراء وتر في غمد” ، عندما نزلت من المنبر قال لي السيد القائد: سليمان كتاني أديب، وبعد أن جللّه كثيراً ، قال: نظراؤه قليلون، وكتب له السيد موسى الصدر مقدمة لهذا الكتاب، وذكر قصة لقاءه مع السيد سليمان كتاني، وأنا رأيت اكثر الكتب التي ألّفها سليمان كتاني ، فهو أديب كما ذكر الاصدقاء.

اما النقطة المهمة هي أن سليمان كتاني كان عالماً بالتاريخ وبالوقائع والحوادث، وكان منصفاً ويملك الإطلاع العميق والخبرة حول الحوادث الاسلامية في التاريخ، على الرغم من انه لم يكن مسلماً.

ومن إمتيازاته انه يحترز عن الامور التي توجب الفرقة بين المسلمين، كما تعرفون الكتاب عن فاطمة الزهراء، ومواجهتها في السقيفة، وخطبتها، وإحقاق حقها. إنه ينقل بإنصاف، على الرغم من أن الكاتب يهدف من كتاباته الادب، وانه كما قلنا شخص اديب، ولكن ومن خلال كلماته الادبية  يطرح الامور التاريخية بدقة، مثلا عندما ينقل موضوع امامة امير المؤمنين”ع”، أو بعض ما يتعلق بزوجات النبي “ص” يُبرهن ويوّضح هذا الموضوع.

الاب طوني غانم: مؤلفات كتاني هي تراث حقيقي للبنان والإسلام والأدب

و”الأب طوني غانم” سفير السلام العالمي فكانت له أيضاً مداخلة اكد خلالها على أن سليمان كتاني كان رجلاً ليس ككل الرجال، ورمزاً ليس ككل الرموز، فما تركه الرجل الفذّ بين دفتّي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع، يضعه ـ حتما ودون جدال ـ في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها إلا نفر قليل من علماء ومفكري وقادة الأمة، بالغي التفرد والتميز.

واشار الأب طوني غانم  الى أنّه كتب في المسيح ومحمد وعلي ولبنان، ومؤلفاته هي تراث حقيقي للبنان والإسلام والأدب. لذا عندما يرحل العظماء تنطفئ منارة كبرى في أرضنا كانت ترسل إشعاعاتها ونورها في ربوع العالمين لكنّها ستشرق في سماء المجد والخلود وسترفع دوماً أوطانها بقيمها وبمبادئها إلى مصاف الدول الخالدة ذات الإسهامات الكبرى في حياة البشرية.
وكتاني كان يهمه الانسان وكان يبشر بأحترام حقوق الأنسان وصون كرامته من الظلم والاعتداء الذي يمارس بوحشية عليه، وهذا لأنّ الأديان السماوية والمتعبدين بها يعشقون قيم الحرية والكرامة والعدل والمساواة وكل ما يضمن لهم العيش الكريم في ديانتهم أو الديانات الأخرى. في سبيل تحقيق القيم الإنسانية العادلة لكل من يعيش على الكرة الأرضية.
الشيخ حسين شحاده: كتاني أبصر ما لم يُبصره كثيرون من المتكلمين بإسم الدين
من جهة اخرى, تحدث الشيخ حسين شحادة العاملي, أمين عام ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار فقال: “عرفت كتاني” طيّب الله ثراه ” في بيروت وفي دمشق، منتصراً لضوء الايمان على تصنيم العلاقة بالدين، فأبصر ما لم يُبصره كثيرون من المتكلمين بإسم الدين، بذائقة عرفانية قلّ نظيرها في تصّوف المتذوقين للحق والخير والجمال، كذلك يسعني القول: ان كتاني رضوان الله عليه قد أسس لنهج جديد في أدب القيم التي تكتب للغد لا للأمس، وتفتح كلمات الروح على مداها في حاضرنا والمستقبل، فما أحوجنا اليوم وأكثر من أي وقت مضى الى ادب كتاني وبلاغته في واقعنا المرير، الذي تعافى عن القيّم فسقط في الانحطاط وسقط في نكبة المعنى، من سؤال التقدّم وسؤال الحضارة الذي انطلق منه ادباء المهجر الى سؤال القيم، وطوباه كتاني هذا الأممي، بعد قرن من مولده المبارك يجمعنا في بستانه، في بستان القيم، يجمعنا ليجمع أزهار يسوع بأزهار محمد في حديقة واحدة، وليربط بين إسم الإمام الخميني رضوان الله عليه وأسماء الابطال الابطال، الذين حملوا للتاريخ الانساني معنى حقوق الانسان المقدسة في اسرة انسانية واحدة.

الدكتور صادق المخزومي: ان كتاني اﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮأة

وتحدث الدكتور صادق المخزومي, رئيس مؤسسة أديان للثقافة والحوار في النجف تحدث في الندوة فقال إن كتاني إﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮأة ﻓﻜﺎن ﯾﺮى أﻧﻬﺎ اﺳﺘﻤﺪت ﻫﺬه اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻘﻮة ﻣﻦ ﺧﺪﯾﺠﺔ ﺑﻄﻠﺔ اﻹﺳﻼم، ﯾﻘﻮل ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﺴﺎً من الشرارة الاولى.

فهد الباشا: تحّصلت لديه بفعل عقيدة تؤمن بالاسلام رسالتيه المحمدية والمسيحية
وتحدث الاستاذ فهد الباشا, العميد السابق للثقافة في الحزب السوري القومي الإجتماعي قائلاً: ان الدارس لسليمان كتاني حلّة ونسباً فكرياً، وأدباً ثرياً يخلص أن من تحّصلت لديه بفعل عقيدة تؤمن بالاسلام رسالتيه المحمدية والمسيحية، تحّصلت لديه في الخلاصة نظرة جديدة الى الكون والفن والحياة، نظرة قوامها التفاعل الانساني، بلى هي هذه النظرة جعلت الامر طبيعياً في أن يُولي كتاني كلّ هذا الاهتمام للرسول محمد ولآل بيته الاكرمين.

وختم كلامه الاستاذ فهد الباشا، أن ادب كتاني استنهاض هادف ملتزم الى حدّ التماهي مع موضوعاته وقضاياه، يدعو به صاحبه كمن في سبيل ربّه، يدعو بالحكمة والكلمة الزين، وكتاني في كل نتاجه، إنما صدر عن قاعدة تقول: بطلب الحقيقة الاساسية الكبرى لحياة أجود، في عالم أجمل وقيّم اعلى. من هنا ترى هذا الأدب زاخراً بما يعبئ الانسان بحقيقة مرتجاه، ومن هنا أيضاً إمتزاج التاريخ في أدبه، بالمرتجى من التاريخ، إنه أدب المنارة تدّل على الطريق ، لا أدب المرآة تنعكس فيها الطريق. سليمان كتاني أدبٌ زاخرٌ بالقيّم، تكثر الدروب والمداخل اليه، لكنك من أيّها أتيته؟ فعلى جانبي الدرب شجر وثمر.

الأستاذ نايف معتوق: الدارس المتابع لنتاجه الأدبيّ لا بدّ وأن يكتشف أثرَ المبادئ السوريّة القوميّة الاجتماعيّة

وألقى الاستاذ  نايف ابراهيم معتوق, الكاتب والمعاصر للراحل كتاني كلمة ومما جاء فيها  أنّ باكورة مؤلَّفاته كانت نصًّا مسرحيًّا بعنوان “أمل ويأس” عام 1932، فيه يُكبِرُ من فعل الأمل وانتصاره على اليأس في صراعه الحياتيّ معه.

وأضاف أن الدارس المتابع لنتاجه الأدبيّ لا بدّ وأن يكتشف أثرَ المبادئ السوريّة القوميّة الاجتماعيّة، إن فيما بين السطور أو في سياق السطور نفسها، إن في الكتب الأدبية الصافية، أو في مؤلّفاته المتعلّقة بآل البيت، ناهيك ببعض المخطوطات التي تنسحب في مواضيعها وفي ألق أسلوبها على المؤلّفات الأخرى.

في كتبه الـ”آل بيتيّة” فُتحت آفاقٌ جديدة، لم يكن على معرفة بها سابقًا، فأكبّ على الدرس والتعمّق فيها، وتبيّنتْ له عظمةُ القيم التي تنسحب في عمقِها على ما تربّى عليه من قيمٍ في مدرسة أنطون سعادة. وفي هذا يقول: “ولا أُخفي أنّني ما استطعت الكتابةَ عنهم إلّا بعد أن قرأتُهم مليًّا في الكتب والتاريخ، وبعد القراءة أكبرت الرجال، وبعد التعرُّف أكبرت الأئمّة، أكبرت العظمة في الأهداف. أمّا الغوص في عوالمهم فهو غوص في عالَمَيِ الصدقِ والبطولة. والسِّباحة ما بينهما لا تعني إطلاقًا أنّني أسبح عكس تيَّاري إذا كان المقصود في هذه العكسيّة مسيحيَّتي فأنا لا أتردّدُ في القول: كلّنا مسلمون للَّه”.

و” الإمام عليّ نبراس ومتراس” أحد المؤلّفات التي تهتمّ بأهل البيت؛ كتابٌ في أدب السيرة، لكنّها سيرة نفسيّة تخطّى فيها سليمان كتّاني أسلوب السيرة الشائع ليرقى به إلى نموذج أسلوبيّ في السيرة فريدٍ لم يلامسه أيّ أسلوبٍ آخر. ولن نغاليَ إذا قلنا إنّه ينحو فيه نحوَ “نهج البلاغة” للإمام عليّ.

ليندا طبوش: سليمان كتاني ابن لبنان الحضارة ومهد الثقافة وملتقى الرسالات

والدكتورة  ليندا طبوش, أستاذة محاضرة في الفلسفة وعلم النفس كانت لها كلمة ومما جاء فيها: “أريد أن اتحدث بنقطتين اساسيتين ، ثم أعرّج على تجربتنا في حفظ تراث سليمان كتاني الادبي.

اولاً: سليمان كتاني ذو البصيرة الواعية

ثانياً: البعد النزعوي القيمي لدى سليمان كتاني

سليمان كتاني ذو البصيرة الواعية:

سليمان كتاني وما ادراك ما سليمان كتاني، ابن لبنان الحضارة ومهد الثقافة وملتقى الرسالات، ميدان الحوار والكلمة الجامعة ، في البدء كانت الكلمة، والكلمة” إقرأ” اصبحت المنهج والمسار.

ــ مبدع من بلادي، معلًم خالد في الفكر الانساني والفلسفة المعاصرة، المتألق الخالي من شوائب الافكار التعسّفية والصور المنمّطة … معلّم ، مربّ بالحب والعطاء ، فكانت عطاءاته الانموذج الذي يقدّم الأمل للانسان بوحدانية إنسانيته ، مقاوم، نعم مقاوم من نوع آخر ، قدّم المقاومة التي أحبّها ودعا لها في إبداع الكلمة والأدب ، فصارت حروف العربية الثمانية وعشرين حرفاً، تزهو على عرش اللغات فتتسابق لتشكّل الكلمات، والكلمات تتنافس في مضمونها مقدمة البلاغة والفصاحة بابهى صورها ، ذاكرة فضائل آل بيت النبوة ” عليهم السلام”.

قدّم أدباً عميقاً بفكر معّمق، بمعرفة كاملة وبيان محكم باسلوب سهل ممتنع متمثلاً بمعشوقه الامام علي(ع). تألّق فابدع ، فكان إبداعه فوق العادة بحيث كرّس قلمه لخدمة الانسان ، وارتقى بالمعاني الاخلاقية السامية نحو الوحدوية، فجمع بين الكنيسة والمسجد، والانجيل والقرآن في آن معاً، وفق منظومة فكرية انسانية، لأنه يعلم حق اليقين بأن الدين واحد والاله واحد والتعاليم جاءت لخدمة الانسان ، خليفة الله على أرضه أو صورته في خلقه.

البعد النزعوي القيمي:
سليمان كتاني شعاع مسيحي عيسوي مريمي المنشأ ، محمدي علوي فاطمي البقاء ، جوهرة نادرة في الادب الموالي لاهل البيت “ع”، هو من القلائل النادرين الذين سخّروا أقلامهم وأفكارهم بتجرّد وموضوعية وحبّ للتأليف والكتابة، دون أن يتأثّر بإنتماءاتهم الدينية والطائفية والسياسية ، وهذا إن دلّ على شئ إنما يدل على ان سليمان كتاني كان امميا في خطابه وفكره، فالأدباء والشعراء هم أهل الدنيا باقون بتراثهم.

جورج حداد :آمن بوحدة المجتمع بعناصره المتفاعلة عبر العصور

وبدأت بوادر أعماله الادبية في أوائل الستينات مع كتابة “لبنان على نزيف خواصره” ، وهو بحث سياحي إنمائي، يضع لبنان في مداره الطبيعي ، وكتب بحثاً سياحياً آخر حول التصنيع السياحي في لبنان، عرضه في محاضرة قدّمها في بسكنتا في 6 أيلول عام 1964، هي دراسة موصوفة للواقع والامكانات الطبيعية، وشرع في انشاء شركة مساهمة لاستثمار مرافق بسكنتا، ذلك في سبيل تدعيم الاقتصاد وتعزيز السياحة والاصطياف، وانعاش الريف، وقد استند إلى نصائح الخبراء بمن فيهم بعثة ارفد، مركِّزا على أهمية الإنتاج الوطني الثابت، والزراعة والتصنيع الزراعي والسياحي، والمنطلق من استثمار المرافق الطبيعية المميزة.

وكتب في السيرة الادبية والنقد: جبران خليل جبران في مداره الواسع، ومي زيادة في بحر من ظمأ، و ميخائيل نعيمة بيدر مفطوم، وقصص للأطفال: غزالة قاع الريم، و جوزة الدب، و نيف تيتي وفي الأدب القومي كتب: الجذور ( تظهير أدبي لأول مهد حضاري في العالم).

فرنسوا حبيقة: سليمان كتاني كانت عطاءاته تكاد توازي سخاء الطبيعة في بسكنتا

وقال “فرانسوا حبيقة”  رئيس الحركة الثقافية في بسكنتا والجوار  إن سليمان كتاني  في بناءه الادبي، يبني الادب مدماكا مدماكا، ويعلي بناءه ويوشي الحواشي، يزين الجنائن، يعلّم، يُرشد، يُعطي بدون حساب، وكانت عطاءاته تكاد توازي سخاء الطبيعة في بسكنتا، تلك الطبيعة التي اعطت الجمال فاضاف كتاني عليها الثقافة والتقدم، فتميز بالانفتاح وقبول الاخر مهما كان رأيه، لقد أحببت أديبنا جيدا في اشراق أدبه، وحيوية فكره، وسعة افقه، وامتداد دروبه ، وانسانيته، وانطلاقة مجتمعيته في ابتعاده عن العزلة الخانقة التي نجعل من الانسان انسانا يعيش لنفسه لا للحياة كلها وللانسان كله.
سليمان كتاني لم يكتف بأن يكون له الكلمات فتتجلّى في الدرّ النظير في داخله بجمال الصيغة، بل أبى الّا ان تكون كلٌ من كلماته مرأة لنيل النقد، عُرف بمعالجة المواضيع الكبرى للناس باخلاقية، فاتسم برضاهم وبثوابت ما تعلموه واخذوه عنه باسلوبه الصادق مع نفسيته الطيبة. فكان عقيدة، وكان عدالة، وكان محبة وتضحية بين الناس احببت سليمان كتاني كثيراً، وكان صديقاً للحركة الثقافية في يسكنتا والجوار.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل