ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر، هي أعظم ليالي السنة واشرفها وأهم ليلة في شهر رمضان الذي يعد اشرف الشهور.. هي واحدة من الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، إنها ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر.
ليلة القدر الثالثة (اللّيلة الثالثة والعشرون)
وهِيَ أفضل مِن الليلتين السابقتين، ويستفاد مِن أحاديث كثيرة أنّها هِيَ لَيلَة القَدر، وهي ليلة الجهني، وفيها يقدر كُل امر حكيم.
وعَن كتاب دعائم الاسلام أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يطوي فراشه ويشّد مئزره للعبادة في العشر الأواخر مِن شَهر رَمَضان، وكان يوقظ اهله لَيلَة ثلاث وعَشرين، وكانَ يرش وجوه النيّام بالماء في تِلكَ اللّيلة، وكانت فاطمة (صلوات الله عَليها) لا تدع أهلها ينامون في تِلكَ اللّيلة، وتعالجهم بقلَّة الطعام، وتتأهَّب لها مِن النَّهار ـ أي كانَت تأمرهم بالنوم نهاراً لئلا يغلب عليهم النعاس ليلاً ـ، وتقول: “محروم من حُرم خَيرها”.
وَروي أن الصادق (عليه السلام) كانَ مدنفاً، فأمر فأُخرج الى المسجد، فكان فيهِ حتى أصبح لَيلَة ثلاث وعَشرين مِن شَهر رَمَضان.
قالَ العلامة المجلسي (رضوان الله تعالى عليه): عَلَيكَ في هذه اللّيلة أن تقرأ القرآن ما تيسّر لَكَ، وأن تدعو بدعوات الصحيفة الكاملة لا سيّما دعاء مكارم الأخلاق ودعاء التَوبة، وينبغي أن يراعى حرمة ايّام ليالي القَدر والاشتغال فيها بالعبادة وتلاوة القرآن المجيد والدُّعاء، فَقد روي بأسناد معتبرة أنَّ يَوم القَدر مثل ليلته.
ولهذه اللّيلة عدة أعمال خاصّة سوى الاعمال الَّتي تشارك فيها الليلتين الماضيتين:
الأول:
قراءة سورتي العنكبوت والروم، وقَد آلى الصادق (عليه السلام) أنَّ مَن قرأ هاتين السورتين في هذه اللّيلة كانَ مَن أهَل الجَنَّةَ.
الثاني:
قراءة سورة حم دخان.
الثالث:
قراءة سورة القَدر ألف مرةٍ.
الرابع:
روى مُحَمَّد بن عيسى بسنده عَن الصّالحين (عليهم السلام) قالوا: كرّر في اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين مِن شَهر رَمَضان هذا الدُّعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعَلى كُلّ حال وفي الشّهر كُلِّهِ وَكيفَ أمكنك ومتى حضرك مِن دهرك، تقول بَعد تمجيده تَعالى والصلاة عَلى نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلم): “اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَلِيلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيْها طَوِيلاً”.
الخامس:
يَقول: “اللَّهُمَّ امْدُدْ لِي فِي عُمْرِي، وَأَوْسِعْ لِي فِي رِزْقِي، وَأَصِحَّ لِي جِسْمِي، وَبَلِّغْنِي أَمَلِي، وَإِنْ كُنْتُ مِنَ الاَشْقِياءِ فَامْحُنِي مِنَ الاَشْقِياءِ وَاكْتُبْنِي مِنَ السُّعَداءِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ عَلى نَبِيِّكَ المُرْسَلِ (صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ﴿يَمْحُوالله ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمَّ الكِتابِ﴾ “.
السادس:
يَقول: “اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَفِيما تُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الاَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ القَضاء الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ، أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ فِي عامِي هذا المَبْرُورِ حَجُّهُمُ المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ المُكَفَّرُ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي”.
السابع:
يدعو بهذا الدُّعاء المروي في الاقبال:
“يا باطِنا فِي ظُهُورِهِ، وَيا ظاهِراً فِي بُطُونِهِ، وَيا باطِنا لَيْسَ يَخْفَى، وَيا ظاهِراً لَيْسَ يُرى، يا مَوْصُوفاً لا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَتِهِ مَوْصُوفٌ وَلا حَدٌ مَحْدُودٌ، وَيا غائِبا غَيْرَ مَفْقُودٍ، وَيا شاهِداً غَيْرَ مَشْهُودٍ، يُطْلَبُ فَيُصابُ، وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّماواتُ وَالأَرْضُ وَمابَيْنَهُما طَرْفَةَ عَيْنٍ، لا يُدْرَكُ بِكَيْفٍ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ وَلا بِحَيْثٍ، أَنتَ نُورُ النُّورُ وَرَبُّ الأَرْبابِ، أَحَطْتَ بِجَمِيعِ الاُمور، سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ، سُبْحانَ مَن هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرَهُ”، ثم تدعو بما تَشاء.
الثامِن:
أن يأتي غسلاً آخر في آخر الليل سوى مايغتسله في أوله.
التاسع:
زيارة الحسين (عليه السلام).
العاشر:
الصلاة مائةَ ركعة، ولها فضل كثير وقَد أكّدتها الاحاديث.
روى الشَيخ في التهذيب عَن أبي بصير قالَ: قالَ لي الصادق (عليه السلام): “صلّ في اللّيلة الَّتي يُرجى أن تكون لَيلَة القَدر مائةَ ركعة، تقرأ في كُل ركعة قل هُوَ الله احد عَشر مرات”، قالَ: قُلتُ: جعلت فداك، فإن لَمْ أقوَ عَليها قائماً؟ قالَ: “صلّها جالساً”، قُلتُ: فإن لَمْ أقوَ؟ قالَ: “أدها وَأَنْتَ مستلق في فراشك”.
الحادي عشر:
أن تقرأ دعاء اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين:
“يا رَبَّ لَيْلَةِ القَدْرِ وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَرَبَّ اللّيْلِ وَالنَّهارِ وَالجِبالِ وَالبِحارِ وَالظُّلَمِ وَالاَنْوارِ وَالأَرْضِ وَالسَّماء، يا بارِيُ يا مُصَوِّرُ يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا الله يا رحَمنُ يا الله يا قَيُّومُ يا الله يا بَدِيعُ، يا الله يا الله يا الله، لَكَ الاَسماء الحُسْنى وَالاَمْثالُ العُلْيا وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وإِيْمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخرةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ) “.
الثاني عشر:
وتقول أيضاً: “يا مُدَبِّرَ الاُمُورِ، يا باعِثَ مَنْ فِي القُبُورِ، يا مُجْرِيَ البُحُورِ، يا مُلَيِّنَ الحَدِيدِ لِداوودَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا” وتسأل حاجتك، “اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ”، وارفع يديك الى السّماء، أي عِندَ قولك “يامُدَبِّرَ الامُورِ… “ الى آخر الدُّعاء، وادع بهذا الدُّعاء راكعاً وساجداً وقائماً وقاعداً وكرّره، وادع بهِ في اللّيلة الآخيرة أيضاً.
الثالث عشر:
صلاة الليلة الثالثة والعشرين: ثمان ركعات بما تيسّر مِن السّور.