قال تعالى في كتابه الكريم:
﴿ مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ ﴾1.
هنا تتّضح معالم المجتمع الإسلامي، والقضيّة الأُولى المذكورة هي صحبة الرسول والإيمان به. والقضيّة الثانية هي الشدّة على الكفّار، أي القوّة أمام الأجنبي. وإذًا هؤلاء المتنسّكون الثاوون في المساجد، يكفي جندي واحد ليسوق ألفًا منهم بلا أن ينبس أحدٌ منهم ببنت شفة، هؤلاء ليسوا مسلمين.
الشدّة على العدوّ
إحدى الصفات التي يجب أن يتّصف بها المسلم، وهي الصفة الأولى التي يذكرها له القرآن هي الشدّة والقوّة والصلابة مع العدوّ؛ فالإسلام لا يحبّ المؤمن الضعيف.
﴿وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِين﴾2.
الإسلام دين لا ضعف فيه. يذكر ويل ديورانت في كتابه “قصَّة الحضارة”:
“لم يدعُ دين أتباعه إلى القوّة كالإسلام”. فالمسكنة، وثني الرقبة، وإسالة اللّعاب من جانب الفم، وانهدال الثوب، والثياب القذرة، وخطّ الأرجل بالأرض، وأذيال العباءة تكنس الأرض، هذه مظاهر معادية للإسلام. والتأوّهُ والتوجّع منافٍ للإسلام: ﴿ وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ ﴾3. إنّ الله منحك القوّة والقدرة والصحّة والسلامة، وجعلك قادرًا على أن تمشي منتصب القامة، فلماذا تحني ظهرك بلا سبب، وما دمت قادرًا على رفع رأسك فلماذا تلوي رقبتك، ولماذا تتأوّه؟
التأوّه يعني أنّك تعاني من ألم، وما دام الله قد عافاك من الألم، فلماذا تتأوّه؟ هذا كفر بالنعمة!
هل كان عليّ عليه السلام يمشي كما نمشي أنا وأنت، وهل كان يجرّ أذيال عباءته وراءه ويترنّح في مشيته؟ هذه الأفعال ليست من الإسلام في شيء.
المسلمون يجب أن يكونوا أشدّاء على الكفّار كالحديد، وكسَدِّ الإسكندر.
المودّة فيما بينهم
ولكن كيف تكون علاقتهم فيما بينهم وبين إخوانهم المسلمين؟ ﴿ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ ﴾. ولكن حينما ننظر إلى هؤلاء المتنسّكين لا نجد فيهم شيئًا من هذه الصفة؛ فلا مودّة ولا رحمة تجاه الآخرين فوجوههم عابسة دائمًا، فلا يتفاعلون مع أحد، ولا يخالطون أحدًا، ولا يضحكون مع أحد، ولا يبتسمون مع أحد، وكأنّ لهم المنَّة على كلّ البشر. هؤلاء ليسوا مسلمين، هؤلاء لصقوا أنفسهم بالإسلام.
هذه هي الصفة الثانية، ألا تكفي هذه الشدّة على الكفّار والرحمة مع المسلمين، ألا تكفي هذه ليكون المرء مسلمًا؟ كلّا.
الركوع والسجود لله
﴿ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ ﴾4.
في نفس الوقت الذي يكون فيه هذا الشخص شديدًا على الكفّار ورحيمًا مع المسلمين، تراه في محراب الصلاة راكعًا ساجدًا ﴿ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ ﴾، يدعو ربّه لينال رضاه. نحن طبعًا لا نريد القول بوجود فرق بين الدعاء والعبادة؛ فالدعاء عبادة، والعبادة دعاء، ولكن أحيانًا يكون العمل دعاءً صرفًا؛ أي أنّ العبادة تكون دعاءً فقط، وأحيانًا أخرى يمتزج في العبادة الدعاء وغيره. وهناك عبادة أخرى ليست دعاء أساسًا كالصلاة مثلًا.
﴿ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ﴾، أي أنّ المرء يعبد الله حتّى تتّضح آثار العبادة وآثار التقوى على وجناته وعلى وجهه، وكلّ من ينظر إليه يستشعر في وجهه معرفة الله وذكر الله، ومن يقع بصره عليه، يذكر الله.
جاء في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الحواريّين سألوا عيسى بن مريم عليه السلام: “يا روح الله من نجالس؟” فقال: “من يذكّركم الله رؤيتُه ويزيد في علمِكم منطقُه ويرغّبكم في الخير عملُه”.
ثمّ جاءت تتمّة الآية: ﴿ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ فََٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ ﴾5.
ورد ذكر هذه الصفة لهم في التوراة؛ فقالت عنهم أنّه ستأتي مثل هذه الأمّة، وفي الإنجيل مثل لهم بهذه الصفات. هذه الأمّة تنمو بهذه الصورة التي أدهشت المتخصّصين في دراسة الإنسان؛ يا لها من أمّة سامية، ويا لها من أمّة تسير نحو المجد والرفعة، أمّة أبناؤها أشدّاء على الكفّار ورحماء بينهم، وركّعًا وسجّدًا، ويبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، فمن الطبيعيّ جدًّا أن تكون أمّة سامية.
ولكن لماذا يا ترى نعيش نحن المسلمون في هذه الحالة من الانحطاط، ولماذا نعاني من هذه الرزايا والمصائب، وأيّ من هذه الصفات متوفّرة فينا، وما هي الغاية المنشودة منّا؟6.
العبادة والتحرّر
جاء في نصّ القرآن الكريم أنّ أحد الأهداف التي بُعث من أجلها الأنبياء هو تحرير بني الإنسان اجتماعيًّا، واستنقاذهم من العبوديّة لأحدهم الآخر7.
وإحدى الملاحم التي ينفرد بها القرآن الكريم هي قضيّة الحرّيّة الاجتماعيّة.
لا أتصوّر وجود جملة عميقة ونابضة بالفاعليّة أكثر من الجملة الواردة في القرآن الكريم في هذا الصدد، ولا يمكن العثور-لا في القرن الثامن عشر ولا في القرن التاسع عشر ولا في القرن العشرين، أي القرون التي رفع فيها الفلاسفة شعار تحرير الإنسان، وصارت هذه الكلمة متداولة على الألسن أكثر من اللازم، وغدت شعارًا يتغنّى به الجميع-على جملة أكثر بلاغًا ممّا ورد في القرآن، وهو قوله تعالى:
﴿ قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ ﴾8.
وفي ظلّ هذه الدعوة تنعدم جميع الفوارق وتزول أسباب التفاضل، ويُلغى نظام السادة والعبيد، ولا يحقّ لأحد استغلال الآخر ولا استعباده9.
العبادة نزوع إلى الداخل وإلى الخارج
الإنسان الكامل الذي يطمح إليه الإسلام، هو إنسان ذو طبيعة شموليّة، لديه نزوع إلى داخل ذاته وذو نزعة اجتماعيّة من جهة أُخرى، أي أنّه لا يتّصف بالانطوائيّة على الذات. وإذا كان يغور في ذاته ليلًا وينسى الدنيا وما فيها، فهو يعيش نهارًا في خضمّ المجتمع، كما ورد الوصف بشأن أصحاب الإمام الحجّة-عجّل الله فرجه-الذين هم مثال للإنسان الكامل، فقيل فيهم أنّهم “رهبان باللّيل، ليوث بالنهار”.
والقرآن الكريم أيضًا ينطق بوصف ينطبق عليهم وعلى غيرهم وهو قوله: ﴿ ٱلتَّٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّٰٓئِحُونَ ٱلرَّٰكِعُونَ ٱلسَّٰجِدُونَ ﴾10، وهذه كلّها صفات للجانب الداخلي فيهم، ثمّ يقول بعد ذلك مباشرة: ﴿ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ ﴾11 أي دخل في الحال إلى الجانب الاجتماعيّ فيهم؛ أي أنّهم المصلحون في مجتمعهم12.
يتحدّث القرآن بشكل شموليّ، في وقتٍ كان مجتمعنا مصابًا بمرض وهو أنّه كان يرى التديّن ينحصر في العبادة، ولكن أيّ عبادة؟! كان ملاك التديّن فيه كثرة الذهاب إلى المسجد وكثرة الدعاء. لقد تحوّلت هذه الظاهرة إلى مرض؛ ولكن ظهرت إلى جانبها أيضًا وبشكل تدريجيّ أعراض مرض آخر، وهو أنّ بعض الناس أصبح لديه اهتمام بالجانب الاجتماعي للإسلام، مع إهمال تدريجيّ للجانب المعنويّ فيه، وهذا أيضًا مرض آخر.
ولو أنّ مجتمعنا ركّز على هذا الجانب ونسي الجانب الآخر فهو أيضًا مجتمع منحرف بنفس القدر الذي كان فيه المجتمع السابق منحرفًا. كان المجتمع الذي بناه رسول الله مجتمعًا متّزنًا، وحينما يطالع المرء التاريخ يجد أنّ أفراد ذلك المجتمع لا نظير لهم في كلّ العالم، وأولئك الذين قدموا لمحاربة الفرس والروم، كان أحدهم “قائمًا باللّيل وصائمًا بالنهار”، وفي الوقت ذاته “ضاربًا بالسيف”. ولو كان أحدهم يكتفي بالقيام ليلًا والصيام نهارًا، لما كان مسلمًا، أو إذا كان يضرب بالسيف بلا أيّ مزايا أخرى فهو إنسان يسير وراء أطماعه، وإنّما قيمة مثل هذا الإنسان في شموليّته. ونحن يجب أن لا ننسى أنّ هذه الخاصّيّة الشموليّة التي يتميّز بها الإسلام، تُعزى إلى أنَّه–أي الإسلام–مثله مثل أي مركّب آخر، إذا فقدت أجزاؤه اتّزانها يتلاشى وجوده. أنتم تلاحظون بناء جسم الإنسان مثلًا، حيث يحتاج لعناصر كثيرة لأجل ديمومته، فإذا ما ازداد بعضها أو نقص عن الحدّ الطبيعي، يفقد سلامته13.
العبادة والعزلة
ذكر الشاعر سعدي الشيرازي في كتابه “روضة الورد” قصّة مفادها:
رأيت شيخًا عاكفًا في غارِ ناءٍ به عن صحبة الأشرار
فقلت قُم واذهب لبعض المُدْنِ تُلقِ عن القلب هموم الحُزن14
أنّ عابدًا لاذ بغار في جبل يعبد فيه ربّه، فلقيه سعدي فقال له: لماذا لا تأتي إلى المدينة لمخالطة الناس؟ فتذرّع بعذر، ويبدو أنّ سكوت سعدي عنه دليل على اقتناعه بذلك العذر. يقول:
فقال كم حوراء فيها ذات دَلْ تزلق رجل الفيل منها بالوحَلْ
أي أنّ الوجوه الجميلة في المدينة كثيرة، وإذا وقع بصري عليها لا أستطيع ضبط نفسي، ولهذا لجأت إلى هذا الغار لصيانة نفسي. يا له من كمال مدهش! يحبس الإنسان نفسه في غار ليبلغ مرحلة الكمال! هذا ليس كمالًا يا شيخ سعدي! لقد نقل لك القرآن أحسن القصص، وهي قصّة يوسف التي ذكر فيها ﴿ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ ﴾15، أي أنّ القرآن يأمرك أنت أيضًا بأن تكون كيوسف. لقد توفّرت له جميع المستلزمات والظروف لارتكاب المعصية، وحتّى أنّ سبل الفرار أغلقت أمامه، لكنّه في الوقت ذاته حفظ عفّته، وفتح الأبواب التي أغلقت عليه16.
العبادة والمتصدّون لزمام الحكم
قال تعالى في كتابه الكريم:
﴿ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾17.
يصف القرآن الناس الذين يساعدهم الله للدفاع عن أنفسهم، ويصف الناس الذين يتسنّى لهم إقامة الحكومة بالوصف التالي: ﴿ ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ ﴾ وجعلنا بيدهم السلطة، ماذا يفعلون: ﴿أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ ﴾.
فالصلاة رمز للعلاقة السليمة مع الله، والزكاة ترمز للتعاون والتكافل الصحيح بين العباد، والذين يعبدون الله بإخلاص ويساعدون بعضهم الآخر: ﴿وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ ﴾18،19.
العبادة والزواج
للزواج قدسيّة في الإسلام من عدّة أوجه عمليّة (خلافًا للديانة المسيحيّة الكنسيّة التي تقدّس الإعراض عن الزواج، بينما الإسلام يقدّس الزواج). ولكن لماذا يقدّس الإسلام الزواج؟
أحد أسباب هذه القدسيّة يعود إلى ما ينطوي عليه الزواج من أبعاد تربويّة لروح الإنسان؛ فهناك نضوج ونوع من الكمال لا يتحقّق للإنسان إلّا بالزواج.
فلو أنّ رجلًا لم يتزوّج حتّى آخر حياته، أو امرأة لم تتزوّج حتّى آخر حياتها، تبقى روحه أو روحها ذات طبيعة فجّة، حتّى وإن بقي يرتاض طوال حياته، وحتّى لو أنهى عمره بالصلاة، وحتّى وإن صام كلّ دهره، وحتّى لو أفنى عمره بالمراقبة وبمجاهدة النفس؛ وسبب ذلك يعود إلى عدم الزواج. وقد سنّ الإسلام الزواج لكلٍّ من الرجل والمرأة انطلاقًا من تأثيره في تربية الروح الإنسانيّة وصقلها. والعوامل المؤثّرة في تربية الإنسان لكلّ واحد منها له تأثيره في موضعه، ولا يمكنه أن يحلّ محلّ العوامل الأخرى20.
العبادة وتجسيد الوحدة
تلك الحقيقة التي هي ملك للجميع، ولا تختصّ بأحد دون غيره، هي الله تعالى، الذي خلق الخلق وإليه معاده. تعالوا لنمضيَ إليه جميعًا ﴿ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡٔٗا ﴾21.
ثمّ يقول: ﴿ وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ﴾22، أي لا يكون بعضنا خادمًا والآخر سيّدًا، وأن تزول أسباب التسلّط والعبوديّة من بيننا، ولا تبقى هناك موجبات للعالي وللداني، ولكن بشرط أن تبدأ المسيرة من هناك، من قوله تعالى: ﴿ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ ﴾. ها هو القرآن ينادي بشعار “نحن” ويتحدّث على الدوام بصيغة الجماعة.
ففي الصلاة، بعد أن نحمد الله ونثني عليه ﴿ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾23، فأنا حتّى وإن كنت أصلّي منفردًا وأريد القول: اللَّهمَّ إنّي أعبدك واستعين بك، أقولها بصيغة جماعة المتكلّمين، وبهذه الصورة ختام الصلاة أيضًا فنقول: “السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين”24.
العبادة والتعاون
إحدى الفضائل المؤكّدة التي يقرّها الإسلام ويعتبرها فضيلة إنسانيّة هي خدمة خلق الله. وهذا الجانب أوصى به الرسول كثيرًا وحثَّ عليه القرآن بالقول:
﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾25.
ولكن تجد إنسانًا مثل سعدي–طبعًا سعدي لم يكن عمليًّا على هذه الشاكلة وإنَّما هذا لسان الشعراء–ينطلق مرّة واحدة قائلًا: “ليست العبادة إلّا خدمة الخلق” ولا شيء آخر سواها.
الذين يتفوّهون بهذا الكلام يستهدفون سلب فضيلة العبادة، ونفي فضيلة الزهد، وإنكار فضيلة العلم، وفضيلة الجهاد، وكلّ الفضائل السامية الأخرى التي أقرّها الإسلام للإنسان، فيقولون: أتعلمون ماذا تعني الإنسانيّة؟ تعني خدمة عباد الله، بخاصّة أنّ بعض المثقّفين اليوم يتصوّرون أنّهم بهذا المنطق حقّقوا إنجازًا رائعًا، وصاروا يسمّون هذا المنطق السامي نزعة إنسانيّة.
ولكن ماذا تعني النزعة الإنسانيّة؟ يقال إنّها تعني خدمة خلق الله، ونحن نخدم خلق الله، ونقول بوجوب خدمتهم؛ ولكن ماذا عن خلق الله ذاتهم؟ إذا افترضنا أنّنا أشبعنا بطون خلق الله وكسونا أجسادهم، فنحن إنّما نكون قد خدمنا حيوانًا. فإذًا نحن لم نعترف لهم بقيمة أسمى من هذه، وجعلنا القيم كلّها محصورة في إطار خدمة خلق الله، وليس في ذاتنا قيمة أعلى منها، ولا في ذات الآخرين قيمة أسمى منها؛ حينها يكون خلق الله مجموعة من الأغنام أو الخيل، ونكون نحن قد أشبعنا بطون عدد من الحيوانات وكسونا أجسادها.
طبعًا إذا أشبع الإنسان بطن حيوانٍ يكون قد قدّم خدمة، ولكن هل الحدّ الأعلى للإنسان يبيح بقاءه في حدود الحيوانيّة؟
العلاقة بين ذكر الله وخدمة العباد:
ذكر الله سبب لتقوية قلب الإنسان وخاصّة في الظروف العسيرة، وذكر الله يجعل المرء يستمدّ العون من قدرة الله، ويبعث في نفسه العزم والقوَّة.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ ﴾26. الصلاة تعني ذكر الله، والقرآن يقول استمدّوا العون من الصلاة.
أتذكّر قبل سنوات أنّ شخصًا كان في ما مضى في الحوزة العلميّة، ثمّ تركها وجاء إلى طهران وانضمّ إلى عصابة أحمد كسروي (وهي عصابة كانت تتنكّر للدِّين)، وألّف كتابًا يدحض فيه المذهب الشيعيّ وقد كتبت ردًّا عليه. ومن جملة ما سخر منه هذا الشخص هو ذكر الله، إذ قال هل أنّ رجلًا يحرس بيوت الناس في كبد اللّيل خير وأرضى لله أم شخص يجلس في موضع ما ويحرّك شفتيه ويقول أنا أذكر الله؟
ردّ عليه أحد العلماء بالقول: هذه القضيّة لها شقّ ثالث وهو أنّ هذا الحارس في الوقت الذي يحمل فيه بندقيّته ويجوب الشوارع، يذكر الله أيضًا.
فالإسلام لا يأمرك إمّا أن تكون حارسًا وإمّا أن تذكر الله، ولا يخيّرك بين أن تكون طيّارًا أو تذكر الله، ولا يفرض عليك إمّا أن تكون ملّاحًا في سفينة وإمّا أن تذكر الله، بل يقول: اذكر الله مع كلّ عمل تمارسه، وحينها تؤدّي عملك بشكل أفضل، ويكون اندفاعك للعمل أشدّ. القرآن لا يأمر الإنسان بالجلوس في حجرة وإغلاق الأبواب على نفسه، والإمساك بمسبحة ذات ألف حبَّة وذكر الله27.
العبادة ومواساة المحرومين
ثمّة سُنَّة مشتركة بارزة عند جميع الأئمّة عليهم السلام بوضوح؛ أحدها الاعتقاد بالله وخشيته وعبادته. فالاعتقاد بالله سمة بارزة في حياتهم، وخشية الله تدفعهم في مواطن كثيرة إلى البكاء والخوف والتضرّع وكأنّهم يرونه، ويرون القيامة والعذاب، والجنّة والنار. جاء في وصف الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أنّه كان: “حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة”28، فإذا لم يكن هناك تفاعل في داخل الإنسان، فهو لا يبكي.
والسُّنَّة الثانية التي كانت بارزة في حياة جميع ذرّية عليّ عليه السلام من الأئمّة المعصومين هي مواساة الفقراء والمساكين والمحرومين؛ إذًا إنّ للإنسان عندهم قيمة ثمينة. ولو طالعنا تاريخ كلّ واحد من الأئمّة نجد الاهتمام بشؤون الضعفاء من جملة اهتماماتهم، وكانوا يتولّون هذه المهمّة بأنفسهم ولا يوكلون من يؤدّي هذه المهمّة نيابة عنهم29.
العبادة والاهتمام بالجار
يروي الإمام الحسن عليه السلام أنَّه حينما كان صغيرًا سهر ذات ليلة يستمع لأمّه الزهراء عليها السلام وهي تصلّي صلاة الليل. وبعد الانتهاء من الصلاة أخذت تدعو للمسلمين بأسمائهم الواحد بعد الآخر؛ فأردت أن أرى كيف تدعو لنفسها، ولكنّي دهشت حينما رأيت أنّها لم تدع لنفسها.
وفي اليوم التالي سألتها: لماذا دعوتِ للجميع ولكنّك لم تدعي لنفسك؟
قالت: “يا بُنيّ، الجار ثمّ الدار”30.
العبادة والتسامح
هناك قصّة حول مالك الأشتر لا بدّ أن الجميع قد سمعها.
كان مالك الأشتر رجلًا قويّ البنية، وكان ذات يوم مارًّا في سوق الكوفة، وكان هناك رجل جالس في الطريق وهو لا يعرف مالكًا، فلما مرَّ بقربه رماه ببندقةٍ، فلم يلتفت إليه ومضى في سبيله، وبعد أن ذهب جاء شخص آخر إلى هذا الرجل وقال له: أتعرف هذا الرجل الذي سخرت منه وأهنته برمي البندقة على وجهه؟
قال: لا، ومن هو؟
قال: هذا مالك الأشتر أمير الجند، وقائد جيش عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
فقال الرجل: لألحق به وأعتذر منه قبل أن يتّخذ أيّ إجراء ضدّي.
فسار الرجل وراءه فرآه قد دخل المسجد وبدأ يصلّي، فانتظره إلى أن فرغ من صلاته فجاءه وسلّم عليه وقال له معتذرًا: أنا الذي أسأت إليك الأدب قبل قليل، وإنّني ما كنت أعرفك.
فقال له مالك: والله ما دخلت المسجد إلّا لأصلّي ركعتين، وأسأل الله لك المغفرة والهداية31.
العبادة والجهاد
يتناول القرآن ذكر الفلسفة العامّة للجهاد. والقرآن يثير الدهشة حقًّا في بيانه للحقائق وذكره للقضايا وكأنّه يواجه بها الأسئلة والاعتراضات التي يُثيرها المسيحيّون حوله قائلين كيف يجيز القرآن–وهو كتاب سماويّ–القتال؟ بينما يُفترض به أن يدعو إلى السلام والوئام والعبادة.
فيردّ القرآن على هذا الاعتراض بالقول: لا، لأنّه إذا هجم طرفٌ على طرف آخر ولم يُجابه من قِبل هذا الطرف، فسوف تتعرّض جميع مراكز العبادة للزوال.
﴿وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ ﴾32.
ثمّ إنّ القرآن بعد ذلك وعد عباد الله بالنُّصرة: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾33؛34.
العابد وأمنيّة الجهاد
هناك قصّة معروفة عن أحد أكابر علماء الشيعة رواها لي أحد علماء قمّ، وهي أنّ المرحوم الفيض الكاشاني كان يقول: من المستبعد أن يكون الإمام الحسين عليه السلام قد قال في أصحابه: “لا أعلم أصحابًا خيرًا من أصحابي”، وأنا لا أصدّق أنَّه قال شيئًا من هذا الكلام.
قيل له: ولماذا؟ قال: وما الذي فعلوه حتّى يقول عنهم هذا الكلام؟ فالذين قتلوا الحسين كانوا أناسًا في غاية الرذيلة، والذين نصروه لم ينجزوا عملًا ذا بالٍ. أيّ مسلم لو كان مكانهم وقيل له إنّ سبط الرسول وإمام الزمان قد تفرّد به القوم لوقف إلى جانبه.
وفي ذات ليلة رأى في المنام وكأنّه في صحراء كربلاء وكأنّ الإمام الحسين عليه السلام ومعه 72 رجلًا يقف في جهة، وفي الجهة الأُخرى يقف الجيش المعادي وعدده 30 ألفًا، وتراءى له أنّ الوقت ظهرًا وأنّهم يريدون إقامة الصلاة، وأنّ الإمام الحسين قد أمر هذا الشخص نفسه أن يتقدّم ويقف أمامه ريثما يؤدّي صلاته (مثل فعل سعيد بن عبد الله الحنفي ورجل آخر حينما جعلا من نفسيهما درعًا واقيًا للحسين حين صلّى ظهر يوم عاشوراء).
وكانت السهام تأتي من قِبل العدوّ، وتقدّمَ هذا الرجل ووقف ليقي الحسين منها. وما أن رأى سهمًا قادمًا من جهة العدوّ حتّى انحنى، فرأى فجأة أنّه أصاب الإمام، فقال وهو في المنام: أستغفر الله ربّي وأتوب إليك، يا له من فعل قبيح هذا الذي ارتكبتُه، هذه المرَّة لن أفعل ذلك. وجاءه سهم في المرّة الثانية فانحنى أيضًا، وكذلك في المرّة الثالثة وتكرّر هذا الموقف عدّة مرّات، ورأى الرجل أنّه ينحني لا إراديًّا في كلّ مرّة. وحينها قال له الإمام:
“إنّي لا أعلم أصحابًا خيرًا ولا أفضل من أصحابي”. ومعنى هذا هل ظننت يا رجل كلّ من قرأ كتابًا يصير مجاهدًا؟! والحقيقة أنّ “من لم يغزُ ولم يحدّث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق”.
هناك قصّة في المثنوي تنطبق على هذا الحديث يقول فيها: كان هناك رجل زاهد عابد يؤدّي جميع ما عليه من المستحبّات والواجبات، وذات يوم حدّث نفسه قائلًا: إنّني أدّيت جميع ما يوجب الثواب، إلّا الجهاد؛ فقد صلّيت كثيرًا، وصمت كثيرًا، وزكّيت، وحججت، ولكنّي لم أجاهد.
فذهب وطلب من المجاهدين آنذاك–في أيّام الصليبيّين–أنّه حان وقت الجهاد وأن يخبروه لينال ثواب الجهاد، فوعدوه أن يخبروه بذلك. وفي أحد الأيام جاؤوا وقالوا لهذا الرجل الذي لم يُجرِّب الجهاد يومًا في حياته: هيّا أيّها الزاهد لنذهب للجهاد، وجاؤوه بفرس وانطلقوا سائرين.
وفي أحد الأيّام كانوا جالسين في خيمة إذ سمعوا الأبواق قد عُزفت معلنة بدء الهجوم، فهبّ من لهم تجربة بالجهاد ووثبوا على خيلهم بخفّة وأغاروا على العدوّ، أمّا هذا الزاهد فقام وارتدى ثيابه وحمل قوسه وكنانته وتناول سيفه وأعدّ حصانه على مهل فاستغرق منه هذا العمل وقتًا طويلًا، وإذا برفاقه قد عادوا. فسألهم الزاهد عمّا حصل، فقصّوا عليه أنّهم ذهبوا وقاتلوا وأنّ العدوّ كان قد أغار من الموضع الفلانيّ فتصدّوا له وقتلوا منهم وهُزِم الباقون وما إلى ذلك ثمّ عادوا.
فقال الزاهد: يا له من موقف مثير، ولكن ماذا عنّي؟ قالوا له: إنّك لم تتحرّك بسرعة. قال: إذًا حُرمت من نيل ثواب الجهاد! فقال أحد المقاتلين: اعلم أنّنا أسرنا أحد جنود العدوّ وهو رجل خبيث قتل الكثير من المسلمين، وهو الآن مكتوف اليدين في هذه الخيمة ويجب أن يُقتل، وإذا كنت تريد أن تنال ثواب الجهاد فاذهب واضرب عنقه.
تقدّم إليه الزاهد، ولمّا رآه ذلك الرجل وكان قويّ البنية غليظ الساعدين، حملقَ بالزاهد وزأر عليه وصاح: لأيّ شيء جئت؟ وما أن قال هذا الكلام حتّى أُغمي على الزاهد. فقام إليه الرجل–وكانت يداه مغلولتان–وانحنى على رقبته وأخذ يعضّه وأوشك أن يقطع وريده بأسنانه. ولمّا رأى المجاهدون أنّ صاحبهم قد تأخّر ذهبوا لاستطلاع الأمر، فوجدوا الزاهد مغمًى عليه والكافر على وشكّ أن يقطع وريده فأخذوه وضربوا عنقه، ورشّوا الماء على وجه الزاهد فعاد إلى وعيه، فسألوه عمَّا جرى، فقال له: والله لا أدري، ما إن دنوت منه حتّى زأر عليَّ ولم أفهم ما حصل بعد ذلك. أجل، هذا هو معنى: “من لم يغزُ ولم يحدّث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق”.
نحن نؤدّي عبادات جوفاء، أو ضحلة المغزى؛ عبادتنا وصلاتنا ودعاؤنا، وذكرنا وقراءتنا للقرآن وصيامنا عبادات خالية من الروح وظاهرها ضئيل أيضًا، وتؤدّي في الغالب إلى خلق الغرور في أنفسنا فنشعر على أثرها بأنّنا أفضل من جميع بني آدم!
مثل هذا المسلم، مسلم زائف، وكما وصفه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه إذا مات يموت وهو على شعبة من النفاق”35.
العبادة والكتابات الأدبيّة الإسلاميّة
كما نعلم فإنّ أحد أوجه السموّ الأدبيّ الإسلاميّ–سواء العربيّ أم الفارسيّ–هو أدب الدعاء، والأفكار الدقيقة والشفّافة التي ينطوي عليها ممّا يثير العجب ويبعث على الاستحسان.
وعند مقارنة أدب الدعاء في الإسلام مع ما كان سائدًا قبله من أدب عاطفيّ إلهيّ يمكننا الوقوف على مدى عظمة تلك النهضة، بل الثورة التي أحدثها الإسلام في الأفكار، وكانت على درجة عالية من العمق والشمول والرقَّة. لقد صنع الإسلام من أولئك الناس الذين كانوا يعبدون الأوثان أو الإنسان أو النيران أو الثيران–ويتضرّعون بسبب قصر أفكارهم لما يصنعونه بأيديهم–أو يعتبرون الأب والابن شيئًا واحدًا، أو يصنعون لـ “أهورامزدا” (إله الخير في الديانة الزرادشتيّة) صنمًا يضعونه في كلّ مكان ويعبدونه ويسجدون له، صنع الإسلام من أولئك أُناسًا تستوعب عقولهم أدقّ الأفكار وألطفها وأسمى المعاني وأرقاها.
فما الذي حدث وقاد إلى تغيير الأفكار والعقول والسموّ بها إلى الذرى، وأدّى إلى قلب المقاييس والقيم؟
المعلّقات السبع ونهج البلاغة نتاجان لعهدين متقاربين بين الجاهليّة والإسلام، وكلٌّ منهما مثل أعلى في الفصاحة والبلاغة بلغة عصره ومصره. أمّا من ناحية المضمون فهيهات هيهات! وشتَّان ما بين الثرى والثريّا! فكلّ ما في الأوّل لا يتعدّى أوصاف الخيول والرماح والجِمال والجَمال والمَدح والذمّ والهوى والغرام والغزل و…، أمّا الثاني فزاخر بأسمى المفاهيم الإنسانيّة وأعلاها وأزكاها وأطيبها وأنماها36.
* كتاب الأسوة الحسنة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1 سورة الفتح، الآية 29.
2 سورة آل عمران، الآية 139.
3 سورة الضحى، الآية 11.
4 سورة الفتح، الآية 29.
5 سورة الفتح، الآية 29.
6 مقالات إسلاميّة، ص60 – 64.
7 مقالات إسلاميّة، ص12.
8 سورة آل عمران، الآية 64.
9 مقالات إسلاميّة، ص13.
10 سورة التوبة، الآية 112.
11 سورة التوبة، الآية 112.
12 الإنسان الكامل، ص187.
13 التعليم والتربية، ص344.
14 روضة الورد: الباب الرابع، الحكاية 18 (الترجمة العربيّة).
15 سورة يوسف، الآية 90.
16 الإنسان الكامل، ص133.
17 سورة الحجّ، الآية 40.
18 سورة الحجّ، الآية 41.
19 كتاب الجهاد، ص21.
20 مقالات إسلاميّة، ص234.
21 سورة ال عمران ، الاية64.
22 سورة آل عمران، الآية 64.
23 سورة الحمد، الآية 2.
24 الإنسان الكامل، ص321.
25 سورة البقرة، الآية 177.
26 سورة البقرة، الآية 153.
27 التعرّف على القرآن: ص92.
28 الشيخ عباس القمي، منتهى الآمال، ج2، ص222.
29 في رحاب الأئمّة الأطهار، ص183.
30 بيرامون انقلاب إسلامي، 62.
31 فلسفة الأخلاق، ص24.
32 سورة الحجّ، الآية 49.
33 سورة الحجّ، الآية 40.
34 كتاب الجهاد، ص20.
35 التعرّف على القرآن، ص177.
36 في رحاب نهج البلاغة، ص74.