Search
Close this search box.

الشيخ البهائي بين السياسة والسفر والمرجعية الدينية

الشيخ البهائي بين السياسة والسفر والمرجعية الدينية

یصادف 12 من شوال ذکری ارتحال بهاء الدين محمد بن حسين العاملي المعروف بالشيخ البهائي وهو من أبرز علماء المسلمين الشيعة ما بين القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين. وكان مولده في مدينة بعلبك اللبنانية التي تعتبر أحد أبرز المراكز المهمة للمسلمين الشيعة الإمامية الاثني عشرية.

وعائلة البهائي من العوائل المعروفة في جبل عامل والتي يعود نسبها للحارث الهمداني أحد الصحابة لأمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام). ووالد الشيخ البهائي هو عزالدين حسين بن عبدالصمد بن محمد بن علي بن حسين، أحد العلماء والفقهاء الكبار والبارزين في القرن العاشر والذي برع واجتهد في علوم الفقه، والأصول، والحديث، والرجال، والحكمة، والكلام، والرياضيات، والتفسير، والشعر، والتاريخ، واللغة وغيرها من العلوم.

شيخ الإسلام في الدولة الصفوية
يعتبر الشیخ البهائي العالم والعارف الجليل والمعروف في الساحة السياسية من فقهاء العصر الصفوي الكبار فقد تقلد ولسنوات عديدة منصب شيخ الإسلام وهذا المنصب السياسي الديني في عهد الشاه عباس الأول، أقوى الحكومات الصفوية، وكان كبير مهندسي عصره، ورائدا في الهندسة المعمارية والتخطيط المدني؛ حيث أبدع في تزيين مدينة أصفهان، وترك العديد من التحف المعمارية والآثار الباقية حتى عهدنا الحاضر.

السفر و المرجعیة الدينیة
قضى الشيخ البهائي ثلاثين سنة من حياته في السفر؛ حيث سافر الى المدن والأقطار المختلفة كمصر، والشام، والحجاز، والعراق، وفلسطين، وأفغانستان، وغيرها من الدول للدراسة والمناقشة مع علمائها، فقد كان مبلغ مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الذي لا يكلّ ولا يملّ، والذي لا يعرف التعب طريقا إلى صدره.
اشترى الشيخ البهائي عناء السفر وقدم الغالي والنفيس ليحفظ تراث اهل البيت (ع) الأصيل.
كان السفر في ذلك الزمن مرهقا محفوفا بالمخاطر؛ كخطر قطاع الطرق والوحوش الكاسرة والتيه في المسير وغيرها الكثير من المخاطر التي تهدد حياة الإنسان؛ لكن الشيخ البهائي الجليل ألقى عن كاهله منصب رئاسة علماء المسلمين والمرجعية الدينية ومقام شيخ الإسلام والحياة العامة لينصرف الى الناس ويطلع على همومهم وآلامهم، ليكون قادرا على إصلاح ما يتعرض له المجتمع الإسلامي من تداعيات ويعالج ما حل به من أمراض.

المعماري البارع
اشتهر الشيخ البهائي عند الشعب الإيراني بمهاراته وإبداعه في الرياضيات والهندسة والعمارة، وهو مازال مشهورا بها حتى يومنا هذا، ومن أعماله الهندسية:
– تصميم قناة نجف آباد المائية والمعروفة بالحزام الذهبي.
– التحديد الدقيق لجهة القبلة في مسجد الإمام بمدينة أصفهان.
– تصميم سور حرم أمير المؤمنين (عليه السلام).
– تصميم وبناء محدد لتعيين المواقيت الشرعية في مسجد الإمام بمدينة أصفهان ومسجد جوهرشاد في الحرم الرضوي المقدس.
– عمارة الروضة العلويّة؛ حيث صّمم شكل البناء بحيث يُعرف وقت الزوال صيفاً وشتاء متى بلغ الظل بعينه موضعا.
– تصميم مسدس الأضلاع لصحن الثورة الإسلامية في الحرم الرضوي المقدس.
– اختراع مادة مبيضة للبدن تعرف في أصفهان بمبيض الشيخ.
– بناء منارتين متحركتين.
– تصميم قبة مسجد الإمام بمدينة أصفهان والتي تردد صدى الصوت في المسجد سبع مرات.
– صنع ساعة لا تحتاج لضبط.
– بناء موقد للتدفئة على شمعة لا تنطفئ لايزال موجودا في أصفهان والمعروف باسم حمام الشيخ البهائي

خط الشيخ البهائي سنة 979(شمسي-هجري) وثيقة وقف الشاه عباس الصفوي الأول لنسخة القرآن الكريم المكتوبة بالخط الكوفي على جلد الغزال والمنسوب كتابتها لأمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين (عليهم السلام). بالإضافة الى وثائق الوقف التي خطها على نسخ القرآن الكريم المحفوظة في الحرم الرضوي الشريف فقد وقف الشيخ البهائي سنة 999 (هجري-شمسي) مخطوطة لمكتبة العتبة الرضوية المقدسة.

كما أوصى الشيخ البهائي بإهداء مكتبته الشخصية الخاصة للحرم الرضوي المقدس؛ حيث اشتمل هذا الوقف الثمين على أربعة آلاف نسخة خطية ومطبوعة وقفها بخطه ويوجد عليها توقيعه، حيث كتب معظمها في زمن الشيخ البهائي.

الرحيل عن دار الفناء
في الثاني عشر من شوال من سنة 1030(هجري قمري) وفي عمر السابعة والسبعين رحل الشيخ البهائي وودع هذه الدنيا الفانية، وشارك في تشييع جنازته أكثر من خمسين ألفا من أهالي أصفهان، وغمر العاصمة الصفوية آنذاك الحزن على هذا الشيخ العظيم، وملئت الساحات بالعزاء عليه، وصلى على جنازته الملا محمد تقي المجلسي، وتم العمل بوصيته حيث نقل جثمانه إلى مدينة مشهد المقدسة ليدفن في داره القريبة من المرقد الشريف.
ويوجد قبر الشيخ البهائي الآن في أحد أروقة الحرم الرضوي الشريف في رواق بات يعرف باسمه (رواق الشيخ البهائي) يقع في الجهة الجنوبية الشرقية للحرم الرضوي المطهر، والذي يحده صحن الحرية (آزادي) شمالا، ورواق الإمام الخميني(ره) جنوبا، ومن الشرق رواق دار العبادة، ومن الغرب رواق دار الزهد.
ويطل المدخل الرئيسي لرواق الشيخ البهائي على ممر يقع في الزاوية الجنوبية الغربية لصحن الحرية حيث تفصله عن الصحن بضع درجات.
وعلى الجانب الغربي لممر رواق الشيخ البهائي يوجد لوحة من الموزاييك نقش عليها عبارات مأخوذة من شاهد قبر الشيخ وكذلك على الجوانب الثلاثة للرواق وتحت السقف أيضا.
وعلى جدران المرقد نقوش بطول 8,30 مترا وعرض 40 سانتيمترا منقوشة بخط الثلث) أحد الخطوط الإسلامية الستة (والتي تعرّف 71 أثرا من مؤلفات الشيخ البهائي، وزينت جدران الرواق وعارضة السقف وسقف الرواق بالتزجيج.
ويحتوي السقف على نقوش ورسوم نافرة على شكل مقرنسات في داخلها قطعات فنية شطرنجية رائعة الجمال تحتوي على 25 عينا.

 الشيخ البهائي بين السياسة والسفر والمرجعية الدينية

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل