أقرت السلطات السعودية أداء مناسك الحج لهذا العام بعدد محدود جدا من مواطني المملكة بدعوى تدابير مكافحة جائحة كورونا في وقت تقام الحفلات دون أي قيود.
وأعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية أنّ مناسك الحج الشهر المقبل ستقتصر على 60 ألفا من سكان المملكة الملقّحين ضد فيروس كورونا، في قرار جاء على خلفية استمرار تفشي الجائحة.
وقالت الوزارة إنّ أعمار الحجاج يجب أن تراوح بين 18 و65 عاما، وألّا يكون المتقدمون بطلب أداء المناسك السنوية من أصحاب الأمراض المزمنة.
يأتي ذلك فيما سمحت السلطات السعودية مؤخرا باستئناف أنشطة هيئة الترفيه الحكومية بإقامة الحفلات لنشر الافساد والانحلال دون أي قيود.
وقبل شهرين رصدت دراسة أن جهود المملكة العربية السعودية غير كافية لاستقبال موسم الحج 2021 في ظل تداعيات جائحة كورونا.
خلص مركز “ستراتفور” الأمريكي إلى أن التباطؤ في عمليات طرح لقاح كورونا في العالم، ينذر بموسم حج باهت آخر الأمر الذي يحرم سلطات آل سعود من العائدات المالية.
وقالت مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية والأمنية إن السعودية تسعى سعيًا حثيثًا لتهيئة الظروف التي تَكفُل نجاح صناعتها السياحية قبيل انطلاق مناسك الحج هذا العام.
واستدرك: لكن من غير المرجح تحقيق أرقام ما قبل الجائحة من دون زيادة وتيرة توزيع لقاحات كوفيد-19 في دول العالم الإسلامي.
ورأي أن هذه سيؤدي إلى إبطاء الانتعاش الاقتصادي في المملكة ويُعطل مسارها التنموي في إطار رؤية 2030.
ولفت المركز إلى أنه في 9 مارس (آذار)، وافق العاهل السعودي الملك سلمان على سلسلة من التدابير الرامية إلى المساعدة في استئناف اقتصاد الحج المُعَلَّق في المملكة
وذلك قبل موعد الحج السنوي، والذي سيوافق شهر يوليو (تموز) من هذا العام.
وتشمل هذه التدابير تخفيف رسوم الشركات والمقيمين ووسائل النقل التي تعتمد على موسم الحج السنوي بصفته مصدرًا للدخل.
السياحة الدينية
هذا يشير إلى أن السعودية تستعد لاستئناف صناعة السياحة الدينية بعد الكُمون الذي ساد عام 2020.
إذ انخفضت الأعداد السنوية من الحجاج من 2.5 مليون في عام 2019 إلى بضعة آلاف فقط في عام 2020.
تأثير الجائحة
وأشار المركز إلى أن تأثير جائحة كوفيد-19 على السياحة، لا سيما سياحة الحج، يقوِّض مصدرًا رئيسًا من مصادر الإيرادات الحيوية لاستراتيجية السعودية لتنويع اقتصادها وعدم الاعتماد على النفط فحسب.
وتستهدف السعودية جذب 100 مليون سائح سنويًّا بحلول عام 2030 وتوظيف حوالي 1.2 مليون سعودي في هذه الصناعة، ارتفاعًا من 900 ألف في الوقت الحالي.
وتشمل هذه الاستراتيجية زيادة السياحة لموسم الحج، فضلا عن الزيارة لأداء العمرة على مدار العام.
كذلك تشمل إنشاء أماكن إقامة فاخرة بالقرب من المواقع التاريخية والسواحل السعودية لجذب المزيد من السياحة غير الدينية. و
وقد شكَّل مبلغ 70.9 مليارات دولار أمريكي العائد من موسم الحج لعام 2019 ما نسبته 8% من إجمالي الناتج المحلي السعودي في ذلك العام.
ونحو 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية للمملكة.
زيادة الحوافز
ورجَّح المركز الأمريكي أن تعمل السعودية على زيادة حوافزها للحجاج للعودة إلى المملكة
فضلًا عن تشجيع المستثمرين والعمال للمساعدة في إعادة تشغيل الصناعة السياحية في المملكة، للحيلولة دون استمرار ركود الإستراتيجية السياحية في رؤية عام 2030.
وفي الوقت الحالي، تحتفظ السعودية بضوابط صارمة على الحدود للسيطرة على انتقال عدوى كوفيد-19.
ولكن الرياض قد تُخفف هذه الضوابط للسماح بدخول الحجاج الذين تلقَّوا اللقاحات.
كما يمكن للمملكة أن تعزز برنامجها المستمر للتحفيز الاقتصادي المرتبط بكوفيد–19 وذلك لتحقيق الاستقرار في صناعة السياحة خلال مدة الانتعاش الجارية.
تحديات من خارج المملكة
لكن المركز استبعد أن يكون لهذه الجهود تأثير كبير في موسم الحج هذا العام، وذلك لأن نقص اللقاحات واختلال نظم الرعاية الصحية ما زالت تعوق حملات التلقيح في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
ومن بين 2.5 ملايين سائح زاروا السعودية في عام 2019، جاءت الغالبية العظمى (ما يقرب من 83%) من دول آسيوية وأفريقية ومن خارج مجلس التعاون الخليجي.
ويشمل ذلك ماليزيا وإندونيسيا وباكستان والهند، والتي تتبَاطأ فيها حاليًا عمليات طرح اللقاحات.
وحتى 8 مارس، حصل ما نسبته 2% فقط من سكان بنجلاديش، التي يقطنها 152 مليون مسلم، على اللقاح.
وفي الوقت نفسه، لم يحصل على اللقاح سوى 1.1% فقط من سكان إندونيسيا، والتي خرج منها أكبر عدد من الحجاج في عام 2019.
وقال «ستراتفور» إن هناك فرصة لاجتذاب السياح تتمثل في أن توفر السعودية لقاحات للحجاج الجدد.
بل إن الرياض قد تعدِّل من قدرتها على تحمل المخاطر بالنسبة للسياح غير المُحصَّنين بتحصين السكان السعوديين أنفسهم لتجنب الضرر الأكبر الذي يمكن أن يقع على إستراتيجيتها الخاصة بالسياحة في إطار رؤية عام 2030.
وتسمح الثروة الهائلة للمملكة بشراء كميات كبيرة من اللقاحات.