تمنّي الإمام علي(ع) الاستشهاد

تمنّي الإمام علي(ع) الاستشهاد

في الإمام عـلي /

إنّ أحبّ ما أنا لاق إليّ الموت

1 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – من خطبة له ( عليه السلام ) في ذمّ العاصين من أصحابه – : أحمد الله على ما قضى من أمر ، وقدّر من فعل ، وعلى ابتلائي بكم أيّتها الفرقة التي إذا أمرتُ لم تُطِع ، وإذا دعوتُ لم تُجِب . إن أُمهلتم خضتم ، وإن حوربتم خرتم ، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم ، وإن أُجئتم إلى مُشاقّة نكصتم .

لا أبا لغيركم ! ما تنتظرون بنصركم والجهاد على حقّكم ؟ الموت أو الذلّ لكم ؟ فوالله لئن جاء يومي – وليأتينّي – ليفرّقنّ بيني وبينكم وأنا لصحبتكم قال ، وبكم غير كثير . لله أنتم ! أما دين يجمعكم ! ولا حميّة تشحذكم ! أوَ ليس عجباً أنّ معاوية يدعو الجفاة الطَّغام فيتّبعونه على غير معونة ولا عطاء ، وأنا أدعوكم – وأنتم تريكة الإسلام ، وبقيّة الناس – إلى المعونة أو طائفة من العطاء ، فتَفَرّقون عنّي وتختلفون عليَّ ؟ !

إنّه لا يخرج إليكم من أمري رضىً فترضونه ، ولا سخط فتجتمعون عليه ، وإنّ أحبّ ما أنا لاق إليّ الموت ! قد دارستكم الكتاب ، وفاتحتكم الحجاج ، وعرّفتكم ما أنكرتم ، وسوَّغتكم ما مججتم ، لو كان الأعمى يلحظ ، أو النائم يستيقظ ! وأقرِب بقوم – من الجهل بالله – قائدهم معاوية ! ومؤدّبهم ابن النابغة ! ( 1 )
اللهمّ مللتهم وملّوني

2 – الغارات عن أبي صالح الحنفي : رأيت عليّاً ( عليه السلام ) يخطب وقد وضع المصحف على رأسه حتى رأيت الورق يتقعقع على رأسه .

قال : فقال : اللهمّ قد منعوني ما فيه فأعطني ما فيه ، اللهمّ قد أبغضتهم وأبغضوني ، ومللتهم وملّوني ، وحملوني على غير خلقي وطبيعتي وأخلاق لم تكن تُعرَف لي ، اللهمّ فأبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شرّاً منّي ، اللهمّ مُثّ ( 2 ) قلوبهم كما يُماثّ الملح في الماء ( 3 ) .

3 – الغارات عن ابن أبي رافع : رأيت عليّاً ( عليه السلام ) قد ازدحموا عليه حتى أدمَوا رجله . فقال : اللهمّ قد كرهتهم وكرهوني ، فأرِحني منهم وأرِحهم منّي ( 4 ) .

4 – تاريخ الإسلام عن محمّد ابن الحنفيّة : كان أبي يريد الشام ، فجعل يعقد لواءه ثمّ يحلف لا يحلّه حتى يسير ، فيأبى عليه الناس ، وينتشر عليه رأيهم ويجبنون ، فيحلّه ويُكفّر عن يمينه ، فعل ذلك أربع مرات ، وكنت أرى حالهم فأرى ما لا يسرّني . فكلّمت المِسْوَر بن مَخْرَمة يومئذ ، وقلت : ألا تكلّمه أين يسير بقوم لا والله ما أرى عندهم طائلا ؟ قال : يا أبا القاسم ، يسير لأمر ( 5 ) قد حُمّ ( 6 ) ، قد كلَّمته فرأيته يأبى إلاّ المسير .

قال ابن الحنفيّة : فلمّا رأى منهم ما رأى قال : اللهمّ إنّي قد مللتهم وقد ملّوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، فأبدلني خيراً منهم ، وأبدلهم شرّاً منّي ( 7 ) .

5 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – في خطبته ( عليه السلام ) عند وصول خبر الأنبار إليه – : أمَ والله لوددت أنّ ربّي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه ، وإنّ المنيّة لترصدني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها ؟ – وترك يده على رأسه ولحيته – عهد عهده إليّ النبيّ الأُمّيّ ، وقد خاب من افترى ، ونجا من اتّقى وصدّق بالحسنى ( 8 ) .

6 – عنه ( عليه السلام ) : يا أهل الكوفة ! خذوا أُهبتكم لجهاد عدوّكم معاوية وأشياعه .

قالوا : يا أمير المؤمنين ، أمهلنا يذهب عنّا القرّ .

فقال : أمَ والله الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ، ليس بأنّهم أولى بالحقّ منكم ، ولكن لطاعتهم معاوية ومعصيتكم لي . والله لقد أصبحت الأُمم كلّها تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحت أنا أخاف ظلم رعيّتي ، لقد استعملت منكم رجالاً فخانوا وغدروا ، ولقد جمع بعضهم ما ائتمنته عليه من فيء المسلمين فحمله إلى معاوية ، وآخر حمله إلى منزله تهاوناً بالقرآن ، وجرأة على الرحمن ، حتى لو أنّني ائتمنت أحدكم على علاقة سوط لخانني ، ولقد أعييتموني !

ثمّ رفع يده إلى السماء فقال : اللهمّ إنّي قد سئمت الحياة بين ظهراني هؤلاء القوم ، وتبرّمت الأمل . فأتِح لي صاحبي حتى أستريح منهم ويستريحوا منّي ، ولن يُفلحوا بعدي ( 9 ) .

7 – نهج البلاغة : من خطبة له ( عليه السلام ) وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد ، وقدم عليه عاملاه على اليمن ، وهما عبيد الله بن عبّاس وسعيد بن نمران لمّا غلب عليهما بسر بن أبي أرطاة ، فقام ( عليه السلام ) على المنبر ضجراً بتثاقل أصحابه عن الجهاد ، ومخالفتهم له في الرأي فقال : ما هي إلاّ الكوفة ، أقبضها وأبسطها ، إن لم تكوني إلاّ أنتِ تهبّ أعاصيركِ فقبّحكِ الله !

وتمثّل بقول الشاعر :

لعمرُ أبيك الخير يا عمرو إنّني * على وَضَر ( 10 ) من ذا الإناء قليلُ

ثمّ قال ( عليه السلام ) : أُنبئت بُسراً قد اطّلع اليمن ، وإنّي والله لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيُدالون ( 11 ) منكم باجتماعهم على باطلهم ، وتفرّقكم عن حقّكم ، وبمعصيتكم إمامكم في الحقّ ، وطاعتهم إمامهم في الباطل ، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم ، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم .

فلو ائتمنت أحدكم على قَعْب ( 12 ) لخشيت أن يذهب بعلاقته .

اللهمّ إنّي قد مللتهم وملّوني ، وسئمتهم وسئموني ، فأبدِلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شرّاً منّي ، اللهمّ مُثّ قلوبهم كما يُماثّ الملح في الماء ، أما والله لوددت أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم .

هنالك لو دعوت أتاك منهم * فوارس مثل أرمية الحميمِ

ثمّ نزل ( عليه السلام ) من المنبر ( 13 ) .

8 – البداية والنهاية عن زهير بن الأرقم : خطبنا عليّ يوم جمعة ، فقال : نبّئت أنّ بسراً قد طلع اليمن ، وإنّي والله لأحسب أنّ هؤلاء القوم سيظهرون عليكم ، وما يظهرون عليكم إلاّ بعصيانكم إمامكم وطاعتهم إمامهم ، وخيانتكم وأمانتهم ، وإفسادكم في أرضكم وإصلاحهم ، قد بعثت فلاناً فخان وغدر ، وبعثت فلاناً فخان وغدر ، وبعث المال إلى معاوية ، لو ائتمنت أحدكم على قدح لأخذ علاقته ، اللهمّ سئمتهم وسئموني ، وكرهتهم وكرهوني ، اللهمّ فأرحهم منّي وأرحني منهم .

قال : فما صلّى الجمعة الأُخرى حتى قُتل رضي الله عنه وأرضاه ( 14 ) .

ـــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نهج البلاغة : الخطبة 180 ؛ تاريخ الطبري : 5 / 107 ، الكامل في التاريخ : 2 / 413 كلاهما نحوه إلى ” تختلفون عليَّ ” .
( 2 ) ماث : ذاب ( مجمع البحرين : 3 / 1734 ) .
( 3 ) الغارات : 2 / 458 ؛ أنساب الأشراف : 3 / 156 ، تاريخ دمشق : 42 / 534 كلاهما نحوه وراجع الفتوح : 4 / 237 .
( 4 ) الغارات : 2 / 459 ؛ أنساب الأشراف : 3 / 250 وزاد في آخره ” فما بات إلاّ تلك الليلة ” .
( 5 ) في المصدر : ” الأمر ” ، والصحيح ما أثبتناه كما في الطبقات الكبرى .
( 6 ) حُمّ هذا الأمر : قُضِي ( لسان العرب : 12 / 151 ) .
( 7 ) تاريخ الإسلام للذهبي : 3 / 606 ، الطبقات الكبرى : 5 / 93 .
( 8 ) الإرشاد : 1 / 280 ، الاحتجاج : 1 / 413 / 89 .
( 9 ) الإرشاد : 1 / 277 .
( 10 ) الوَضَر : وسخ الدَسَم واللبن أو غسالة السقاء والقصعة ونحوهما ( القاموس المحيط : 2 / 160 ) .
( 11 ) من الإدالة : الغَلَبة ( النهاية : 2 / 141 ) .
( 12 ) القَعْبُ : القَدَح الصخمُ ، الغلِيظُ ، الجافي ( لسان العرب : 1 / 683 ) .
( 13 ) نهج البلاغة : الخطبة 25 ، الغارات : 2 / 635 نحوه إلى ” في الماء ” .
( 14 ) البداية والنهاية : 7 / 326 ، تاريخ دمشق : 42 / 535 نحوه .

المصدر: موسوعة الإمام علي(ع) في الكتاب والسنة والتاريخ / الشيخ محمد الريشهري

للمشاركة:

روابط ذات صلة

13950111131518587427544
مدير الحوزات العلمية في إيران يلتقي بآية الله العظمى السيستاني
ماذا تعني صفة "الكريم" في تسمية القرآن الكريم؟
ماذا تعني صفة "الكريم" في تسمية القرآن الكريم؟
النص الكامل لخطاب الإمام الخامنئي في الذكرى السنوية الرابعة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (قده)
النص الكامل لخطاب الإمام الخامنئي في الذكرى السنوية الرابعة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (قده)
رحيل الإمام الخميني، وصال المحبوب، وفراق الاحبة
رحيل الإمام الخميني، وصال المحبوب، وفراق الاحبة
20150601033450
الإمام الخميني نور لبقية اللَّه

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل