الحارث بن عبد الله الهمْداني المعروف بالحارث الأعور ، وهومن قبيلة هَمْدان وهي من القبائل التي نزلت الكوفة ، وقادمة من اليمن ، ولها بطون كثيرة، وعُرفت قبيلة هَمْدان بالتشيع للإمام علي ( عليه السلام ) وأهل بيته الطيبين الطاهرين .
ولاء الحارث الهمداني لأمير المؤمنين (ع):
كان الحارث من خواص أمير المؤمنين (ع)، ومن أوليائه، ومحل عنايته واهتمامه (ع).
وكان الحارث من كبار التابعين ، ومن أوعية العلم ومن أفقه علماء عصره .
وقد تعلَّم من باب مدينة العلم علماً جماً، ولا سيما علم الفرائض، وعلم الحساب .
وكان من قرّاء القرآن الكريم الذين قرأوا على الامام علي (ع) وابن مسعود .
وروي أن أمير المؤمنين (ع) دعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع، وقال له : أدخل عَلَيَّ عشرة من ثقاتي ، فقال ابن أبي رافع للإمام : سمِّهِم لي يا أمير المؤمنين ، فسمَّاهم (ع) ، فكان من بينهم الحارث الهمداني .
وفي كتاب طبقات ابن سعد: أن علياً (ع) خطب الناس، فقال : مَن يشتري علماً بدرهم ؟
فاشترى الحارث صُحُفاً بدرهم، ثم جاء بها علياً (ع) فكتب له علماً كثيراً .
وبعد ذلك خطب الإمام علي (ع) بالناس قائلاً : يا أهل الكوفة، عليكم نصف رجل (ويقصد بذلك الحارث لأنه كان أعوراً (.
وروى نصر بن مزاحم: لما أراد الامام علي (ع) الخروج إلى صفين، أمر الحارث أن ينادي في الناس: أخرجوا إلى معسكركم بالنخيلة ، فنادى الحارث في الناس بذلك .
وروي أنه عندما أغار أزلام معاوية على الأنبار في العراق من جهة الشام، أمر أمير المؤمنين (ع) الحارث، فنادى في الناس: أين مَن يشتري نفسه لربه ويبيع دنياه بآخرته، أصبِحوا غداً بالرحبة إن شاء الله، ولا يحضر إلا صادق النية في السير معنا، والجهاد لعدونا .
دخل الحارث الهمداني على الامام علي (ع) ، فقال : ما جاء بك ؟.. فقلت : حبي لك يا أمير المؤمنين !.. فقال : يا حارث أتحبني ؟.. قلت :
نعم ، والله يا أمير المؤمنين !.. قال : أما لو بلغت نفسك الحلقوم ، رأيتني حيث تحبّ ، ولو رأيتني وأنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الإبل ، لرأيتني حيث تحبّ ، ولو رأيتني وأنا مارٌّ على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله (ص) لرأيتني حيث تحب.
ومن أخباره مع أمير المؤمنين (ع): جاء في كتاب أمالي الشيخ ما مُلَخَّصُهُ: أنه مجموعة من الشيعة بقيادة الحارث دخلوا على أمير المؤمنين علي (ع)، فقال (ع) للحارث: إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد.. ، ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصدّيقه الأول .. ، خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة :
أنت مع مَن أحببت، ولك ما احتسبت (أو: ما اكتسبت)، قالها ثلاثاً، فقال الحارث وهو قائم يجر رداءه جذلاً: ما أبالي وربي بعد هذا متى لقيت الموت أولقيني .
وفاته :
توفى الحارث الهمداني ( رضوان الله عليه ) سنة ( ٦٥ هـ ) ، على أكثر الروايات .
قال جميل بن صالح: فأنشدني أبو هاشم السيّد الحميري في كلمة له:
قول عليٍّ لحارث عجب *** كم ثمّ أعجوبة له حملا
يا حار همْدان مَن يمت يرني *** من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه *** بعينه واسمه وما عملا
وأنت عند الصراط تعرفني *** فلا تخف عثرة ولا زللا
أسقيك من بارد على ظمأ *** تخاله في الحلاوة العسلا
أقول للنار حين توقف للعرض *** على حرّها دعي الرجلا
دعيه لا تقربيه إنّ له *** حبلاً بحبل الوصيّ متّصلا
هذا لنا شيعة وشيعتنا *** أعطاني الله فيهم الأملا