إن شهر ذي الحجة الحرام هو شهر من أشرف الشهور، ويكفي دلالة على ذلك تعظيم النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين(عليهم السلام) له، واهتمامهم فيه بالعبادة اهتماماً بالغاً، وقد ورد أن العشر الأوائل من أيامه هي الأيام المعدودات في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203].
وعن فضيلة هذه العشر الأوائل منه، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): “ما من أيام، العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من أيام العشر- يعني عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال (صلى الله عليه وآله): ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع”.
ومن مستحبّات هذه الأيّام:
1- الصلاة: بين المغرب والعشاء كل ليلة من هذه العشر ركعتين يقرأ في كل ركعة الفاتحة والإخلاص وقوله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف: 142]. وثوابها مشاركة الحجاج في ثوابهم.
2- الصوم: للتسعة الأوائل منه ومنها اليوم الأول فقد روي أنه يعدل صوم ثمانين شهراً، ويوم الثامن وهو يوم التروية فقد روي أنه كفارة لذنوب ستين سنة، وصوم التسعة جميعاً يعدل صوم الدهر.
3- الدعاء: ومن أهم ما ينبغي أن يُفعل في هذا الشهر، ما روي عن الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) بإسناده إلى الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) حيث قال: “إن الله أهدى إلى عيسى بن مريم (عليهما السلام) خمس دعوات، جاء بها جبرائيل عليه السلام في أيام العشر، فقال: يا عيسى ادع بهذه الخمس دعوات، فإنه ليس عبادة أحب إلى الله تعالى من عبادته في أيام العشر- يعني عشر ذي الحجة:
أوّلهن: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير.
والثانية: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداّ.
والثالثة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحداً صمداً، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
والرابعة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
والخامسة: حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله منتهى، أشهد لله بما دعا، وأنه بريء ممن تبرأ، وأن لله الآخرة والأولى. وقد بيّن النبي عيسى (عليه السلام) أن:
– من قال الأولى مائة مرة لا يكون لأهل الأرض عمل أفضل من عمله، وكان أكثر العباد حسنات يوم القيامة.
– ومن قال الثانية مائة مرة كأنما قرأ التوراة والإنجيل اثني عشر مرة وأعطي ثوابهما.
– ومن قرأ الثالثة مائة مرة كتب له بها عشرة آلاف حسنة، ومحا عنه عشرة آلاف سيئة ورفع له بها عشرة آلاف درجة ويصلي على من قالها سبعون ألف ملك.
– ومن قال الرابعة مائة مرة ينظر الله إلى قائلها ومن نظر الله تعالى إليه فلا يشقى.
ولما سأل عيسى (عليه السلام) جبرائيل (عليه السلام) عن ثواب الخامسة قال: “هي دعوتي… “