بحرقة ممزوجة بالحزن والأسى يطلق الشاعر السيد جعفر الحلي صرخته بعد أن سخّن الألم كل خيالاته وأجّجت اللوعة رؤاه، وقد وصف في احدى قصائده الرثائية خروج الامام الحسين (ع) من مكة يوم التروية، مطلعها: وجه الصباح عليّ ليلٌ مظلمُ *** وربيع أيامي عليّ محرمُ
الى ان يقول:
ما خلت أن الدَهر مِن عاداته *** تَروى الكِلابُ بِهِ وَيَظمى الضَيغم
مثل اِبن فاطمةٍ يَبيت مُشَرّداً *** وَيَزيدُ في لَذاته متنعِّم
يَرقى مَنابرَ أَحمَدٍ مُتأمراً *** في المُسلمين وَلَيسَ يُنكرُ مُسلم
وَيَضيِّق الدُنيا عَلى اِبن محمدٍ *** حَتّى تَقاذفه الفَضاء الأَعظَم
خَرج الحُسينُ مِن المَدينة خائِفاً *** كَخُروج مُوسى خائِفاً يَتكتَّم
وَقَد اِنجَلى عَن مَكة وَهوَ اِبنُها *** وَبَهِ تَشرَّفت الحَطيمُ وَزَمزَم
لَم يَدر أَينَ يريح بُدنَ ركابه *** فَكأنَّما المَأوى عَلَيهِ محرَّم
فَمشت تؤمُّ بِهِ العِراقَ نَجائب *** مثل النَعام بِهِ تَخبُّ وَترسم
متعطفاتٍ كَالقسيِّ مَوائِلاً *** وَإِذا اِرتَمَت فَكأنما هِيَ أَسهم
حفته خَيرُ عصابةٍ مضريةٍ *** كَالبَدر حينَ تَحف فيهِ الأَنجُم
نَزَلوا بِحومة كَربلا فَتطلَّبت *** مِنهُم عَوائدَها الطُيورُ الحُوَّم
_______________________
حياة الشاعر:
والشاعر السيد كمال الدين جعفر بن حمد بن محمد بن عيسى الحلّي، ينتهي نسبه إلى يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد بن علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
ولد أبو يحيى جعفر بن حمد بن محمد آل كمال الدين الحسني عام ( 1860 م) في مدينة الشعر والشعراء الحلة الفيحاء وتحديداً في قرية (السادة) من أسرة علوية شريفة ، وانتقل إلى النجف طلبًا للعلم، فدرس على يد عدد من العلماء، وتوفي في النجف عام (1897 م) رحمة الله عليه.