يشير الصحابي الجليل قيس بن سعد بن عبادة الانصاري الخزرجي (رضوان الله عليه) في غديريته على جملة قضايا عقائدية مهمَّة، منها: أنَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو إمام لكلِّ الناس سواء أكانوا معترفين بإمامته أم لم يكونوا .
الصحابي قيس بن سعد (رض) بهذا المفهوم يُعطي الإمامة بعداً شبيهاً بالنبوة، فكما أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) مرسل من الله تعالى إلى الناس، فهو نبي ورسول لهم آمنوا أم لم يؤمنوا، وبذلك تكون النبوة والإمامة وظيفة ثابتة لصاحبها قبل بذلك المكلفون أم لم يقبلوا . ومن هنا قال قيس:
وعليٌّ إمـامنـا وإمـام *** لسوانا أتى بـــه التنزيــل
ثمَّ ينصُّ قيس بن سعد على أنَّ إمامة أمير المؤمنين (ع) إنَّما كانت بأمر الله تعالى، أتى بها الوحي المنزل منه جلَّ وعلا، وبذلك فإنَّ قيس ينصُّ على أنَّ الإمامة منصبٌ إلهي يتكفَّل به الله تعالى، وهو من يلبسه لمن يشاء من عباده، وعلى هذا الأساس لا وجود لنظرية الشورى في فهم الصحابي قيس، وكذلك لا وجود لمفهوم اختيار الأمَّة لإمامها .
ثمَّ يؤكِّد قيس بن سعد على أنَّ رسول الله (ص) لم يترك الأمَّة من دون أن ينصِّب لها إماماً لها وراعياً لشؤونها، فينصُّ على حادثة الغدير التي نصَّب بها الرسول (ص) الإمام علي (ع) خليفةً للأمَّة من بعده بخطبةٍ مشهوره رواها الفريقان .
ثمَّ يقطع قيس دابر التأويلات التي حامت حول لفظة (الولي) الواردة في حديث الغدير في قوله: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، ويؤكِّد على أنَّ المراد من (الولي) هو الإمام (ع) دون غيرها من المعاني الأخرى .
وفهم قيس لحديث الغدير من الأدلة والبراهين الناصعة على إمامة أمير المؤمنين علي (ع)، وكذلك يُعدُّ حجَّة على جميع الأمَّة، وذلك لأنَّ قيس بن سعد من الصحابة الأجلاء، وهو ممَّن تلقَّى حديث الغدير من رسول الله (ص)، وبذلك يُعدُّ الأقرب إلى النص بكلِّ ما يحمله من ظروف إنتاج ومستوى لغوي .
وبقي أن نشير إلى قضية مهمَّة أشار إليها قيس في أبياته وهي ما جاءت في هذا البيت:
إنَّ ما قاله النبيّ علـــى الأمّة *** حتم ما فيه قـال وقيــلُ
فقيس في هذا البيت ينصُّ على أنَّ ما يأتي به النبي محمد (ص) يقين لا يمكن أن يناقش أو يتطرق إليه القال والقيل، لأنَّه لا ينطق عن الهوى .
وما قاله قيس بم سعد (رض) في أبياته السابقة هو بعينه يعتقد به شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، فنحمد الله تعالى على سلامة الدين والعقيدة