يصادف يوم غد 22 ذي الحجة شهادة ميثم التمار الأسديّ الكوفيّ (رضوان الله عليه)، ولأنه كان يبيع التمر في الكوفة لقّب بـالتمّار. كان ميثم من خواص أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؛ لذا فقد خصّه بعلم البلايا والمنايا، كما أنّه من أصحاب الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام).
قُتل ميثم (رض) بأمر من عبدالله بن زياد والي يزيد بن معاوية على الكوفة، وحصل على الشهادة بعد أن قطعت يديه ورجليه ولسانه؛ ليتبرّأ من أمير المؤمنين علي (ع)
روي الكافي؛ ان مولانا أمير المؤمنين (ع) كان يخرج من المسجد الأعظم بالكوفة، فيجلس عند دكان مِيثم التمّار فيُحادثه ويعض الناس، فيقال: إنّه قال له ذاتَ يوم: ألا أُبشّرك يا ميثم؟ فقال: بماذا يا أمير المؤمنين؟! قال: بأنّك تموت مصلوباً، فقال: يا مولاي، وأنا على فطرة الإسلام؟ قال: نعم.
ثمّ قال (ع) له: يا ميثم، تريد أُريك الموضعَ الذي تُصلَب فيه، والنخلة التي تُعلَّق عليها وعلى جذعتها؟ قال: نعم. فجاء به إلى رحبة الصَّيارفة وقال له: ها هنا، ثمّ أراه نخلة، قال له: على جذع هذه.
فما زال ميثم يتعاهد تلك النخلة حتّى قال لجيران الموضع: يا عمرو بن حريث، إنّي أريد أن أُجاورك فأحسِنْ جواري. فيقول عمرو في نفسه: يريد ميثم أن يشتريَ داراً في جواري! ولا يعلم ما يريده ميثم بقوله حتّى صلب ميثم (رض).
لقاء ميثم بالسيّدة أُمّ سلمة (رض)
حج ميثم (رض) في السنة التي قتل فيها، فدخل على أم المؤمنين أُمّ سلمة (رضوان الله عليها) فقالت: مَن أنت؟ قال: أنا ميثم، قالت: والله لربما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوصي بك علياً (ع) في جوف الليل.
فسألها عن الحسين (ع)، قالت: هو في حائط له، قال: أخبريه أنّي قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند ربّ العالمين إن شاء الله. فدعت له بطيب فطيّبت لحيته، وقالت له: أما إنّها ستخضّب بدم.
فلما تولى عبيد الله بن زياد (لعنة الله عليه) أمر الكوفة. أدخل عليه، فقيل لعبيد الله: هذا كان مِن آثرِ الناس عند علي(ع).
قال عبيد الله: وَيحَكُم! هذا الأعجميّ؟! قيل له: نعم، قال له عبيد الله: أين ربُّك؟ فأجابه ميثم: بالمرصاد لكلّ ظالم، وأنت أحدُ الظَّلَمة!
قال عبيد الله: إنّك على عُجمتك لَتبلُغ الذي تريد! أخبِرْني ما أخبَرَك صاحبُك ـ أي: عليّ (ع) ـ أنّي فاعلٌ بك، قال ميثم: أخبرني أنّك تصلبني عاشرَ عشرة أنا أقصرهم خشبةً وأقربهم إلى المَطهَرة.
قال عبيدالله: لَنُخالِفَنَّه! قال ميثم: كيف تُخالفه؟!ِ ما أخبَرَ عن النبي (ص) عن جبرئيل عن الله، فكيف تخالف هؤلاء؟! ولقد عَرَفتُ الموضع الذي أُصلَبُ فيه وأين هو من الكوفة، وأنا أوّل خَلق الله أُلجَم في الإسلام.
فحبسه عبيدُ الله وحبس معه المختارَ بن أبي عبيدة الثقفي، فقال له ميثم: إنّك تُفلِت وتخرج ثائراً بدم الحسين (ع) فتَقتل هذا الذي يَقتلُنا.
فلمّا دعا عبيدُ الله بالمختار ليقتله، طلع بريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله يأمر بتخلية سبيله، فخلاّه وأمر بميثم أن يُصلَب، فأُخرِج (إلى الصَّلب)، فقال له رجلٌ لَقِيَه: ما كان أغناك عن هذا! فتبسّم ميثم وقال وهو يومئ إلى النخلة: لها خُلِقتُ ولي غُذِيَت.
فلمّا رُفع ميثم على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث، قال عمرو: قد كان ـ واللهِ ـ يقول: إنّي مجاورُك.
فجعل ميثم يحدّث بفضائل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألْجِموه! وكان أوّل خَلق اللهِ أُلجِم في الإسلام. وكان استشهاد ميثم (رض) قبل قدوم الحسين (ع) العراق بعشرة أيّام، فلمّا كان اليوم الثالث من صَلْبه طُعِن بالحربة فكبّر، ثمّ انبعث في آخر النهار فمُه وأنفه دماً!
صُلِب ميثم التمّار في 20 من ذي الحجّة سنة 60 من الهجرة، واستشهد يوم 22 من ذي الحجّة.
ولقد ابقى أمير المؤمنين (ع) دكان ميثم التمار خالدا على مر العصور وذلك ان الامام علي (ع) كان يجلس عند دكان ميثم (كان موضعه اول السوق مقابل باب الثعبان لمسجد الكوفة) ويعض الناس، ولما توفيت (خديجة بنت الامام علي (ع)) دفنها في دكان ميثم، حيث مزارها مقابل باب الثعبان .