سعيد بن عبد الله الحنفي (رضي الله عنه) كان من وجوه شيعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأعيان الكوفة. لعب دوراً هاماً في دعوة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق، فكان حاملاً لكتب أهل الكوفة في مرحلتين إلى الإمام (ع)، وفي المرة الثانية حمل رسالة مسلم بن عقيل (رض)، وسلّمها للإمام الحسين (ع)، والتحق بالركب الحسيني إلى كربلاء.
موقف سعيد ليلة عاشوراء
لسعيد بن عبد الله الحنفي موقف مشرف في ليلة عاشوراء، وذلك عندما خطب الإمام الحسين (ع) بين أصحابه، وطلب منهم أن يتركوه وينجوا بأنفسهم، وقال: (وهذا الليل قد غشيكم فتخذوه جملا…. )
فكان سعيد ابن عبد الله ممن قام، وتحدث، وقال: (والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا نبيّه محمّداً (ص) فيك، والله لو علمت أنّي أقتل ثمّ أحيى ثمّ أحرق حيّا ثم أذرى يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك، وإنّما هي قتلة واحدة. ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً).
سعيد في الميدان
برز سعيد بن عبد الله الحنفي بعد الحجاج بن مسروق الجعفي وقبل حبيب بن مظاهر الأسدي، وكان يرتجز في ميدان ويقول:
أقدم حسين اليوم تلق أحمدا وشيخك الخير علياً ذا الندى
وحسناً كالبدر وافى الأسعدا
وفي ظهر يوم العاشر من محرم صلى الإمام الحسين (ع) الظهر صلاة الخوف في أصحابه، ثمّ برز أصحابه إلى الميدان، فاشتدّ القتال، ولمّا قرب الأعداء من الحسين (ع) وهو قائم بمكانه، استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين (ع)، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يميناً وشمالاً، وهو قائم بين يدي الامام (ع) يقيه السهام طوراً بوجهه، وطوراً بصدره، وطوراً بيديه، وطوراً بجنبيه، فلم يكد يصل إلى الحسين (ع) شيء من ذلك حتّى سقط سعيد الحنفي إلى الأرض وهو يقول: (اللهمّ العنهم لعن عاد وثمود، اللهمّ أبلغ نبيّك عنّي السلام، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإنّي أردت ثوابك في نصرة نبيّك، ثمّ التفت إلى الحسين (ع) فقال: أوفيت يا ابن رسول الله؟ قال: «نعم، أنت أمامي في الجنّة»، ثمّ فاضت نفسه الطاهرة، فوجد به ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح.
لك الشرف يا سعيد بن عبد الله الحنفي حيث يخصك الإمامُ المهديّ المنتظر (عج) بسلامٍ في ضمن زيارته للشهداء، ويُؤبّنك قائلاً: السلامُ على سعدِ بن عبدِالله الحَنَفيّ ، القائلِ للحسين ـ وقد أذِنَ له في الانصراف: لا واللهِ لا نُخلّيك حتّى يَعلمَ اللهُ أنّا قد حَفِظْنا غَيبةَ رسول الله (ص) فيك.
((مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ ۖ فَمِنهُم مَن قَضىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ ۖ وَما بَدَّلوا تَبديلًا))﴿سورة الاحزاب المباركة:آية۲۳﴾.