علي بن الحسين (عليهما السلام)، الشهير بـ”علي الأكبر”، من شهداء واقعة الطف بعد أن قاتل قتالاً شديداً، وذُكر أنه أوّل شهيد من بني هاشم، ودفن إلى جوار أبيه الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء. وقد وصفه الإمام الحسين(ع) بأشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسول الله (صلى الله عليه وآله).
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم عليهم السلام، وأمه ليلى ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، ولد علي الاكبر في 11 شعبان سنة 33 هجرية في المدينة المنورة.
قال صاحب معالي السبطين: إنمّا سمّاه أبوه الحسين (ع) علياً ردّا على بني أمية الذين أرادوا طمس ذكر الامام علي (ع) وإخفاء سيرته، ولم يقتصر الامام الحسين (ع) على ذلك بل سمّى أولاده الثلاثة علياً.
قالوا في علي الأكبر:
قالوا عن سماته انه كان معتدل القامة عريض المنكبين، ابيض اللون مشروب بحمرة، اسود العينين كث الحاجبين، اذا مشى كأنه ينحدر من الأرض، يلتفت بتمام بدنه، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، وتفوح منه رائحة المسك والعنبر.
الثبات والاستقامة
ذكر المؤرخون أنّه لما كان في آخر الليلة التي بات بها الحسين (ع ) عند قصر بني مقاتل، أمر بالاستسقاء من الماء، ثم أمر بالرحيل، فلما ارتحلوا من قصر بني مقاتل وساروا ساعة، خفق الامام الحسين (ع ) برأسه خفقة، ثم انتبه وهو يسترجع ويحمد الله تعالى ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد للّه رب العالمين. قال ذلك مرّتين أو ثلاثاً. فأقبل إليه ولده علي على فرس له، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، يا أبت جعلت فداك مم حمدت اللّه واسترجعت؟ قال: يا بني إني خفقت برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا.
قال الأكبر (ع): يا أبت لا أراك اللّه سوءً ألسنا على الحق؟ قال : بلى والّذي إليه مرجع العباد. قال: يا أبت إذاً لا نبالى أن نموت محقين، فقال له: جزاك اللّه من ولد خير ما جزى ولداً عن والده.
الاكبر اشبه الناس برسول الله (ص)
أول من خرج من أهل بيت الحسين (ع)، علي الأكبر (ع)، وكان من أصبح الناس وجها وأحسنهم خلقا، وكان عمره تسع عشرة سنة، أو ثماني عشرة سنة، أو خمسا وعشرين سنة، وهو أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب، فاستأذن أباه في القتال، فأذن له ثم نظر إليه نظر آئس منه وأرخى عينيه فبكى ورفع شيبته نحو السماء، وصاح: “يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله، وسلط عليك من يذبحك على فراشك”. ثم قال: (أللهم اشهد على هولاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد (ص)، كنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، أللهم فامنعهم بركات الأرض، وفرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا يقاتلوننا) ثمّ رفع صوته وتلا: “إنّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وآلَ إبراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ على العالَمين * ذُريةً بَعضُها مِنْ بعض واللهُ سَميعٌ عليمٌ”.
الأكبر يرتجز يوم عاشوراء:
بعد أن ردّ علي الأكبر على القوم أمانهم الذي عرضوه عليه شدّ عليهم وهو يرتجز، ويقول:
أنا علـــــي بن الحسين بن علي *** نحن وربّ البيت أولــــى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابن الدعــي *** أضرب بالسيف أحامي عن أبي
ضرب غلام هاشمي قرشي
شهادته
فبينما هو يقاتل قتال الأبطال بصر به (مرة بن منقذ العبدي) فقال: علي آثام العرب إن مرّ بي إن لم اثكل أباه، فمرّ الأكبر يشدّ على الناس فاعترضه مرّة بن منقذ وطعنه، فصُرٍع، واحتمله فرسه الى معسكر الاعداء فتكالبوا عليه وقطعوه بأسيافهم. فلمّا بلغَت روحه التّراقي نادى رافعاً صوتَهُ: “يا أبتاهُ هذا جَدّي رسول الله قد سَقاني بكأسه الأوفى شِرْبةً لا أظمأ بعدها أبداً وهو يقولُ العَجَل العَجَل فإنّ لك كأساً مذخورة، ثم فاضت روحه الطاهرة”.
الحسين (ع) عند الاكبر
فجاء الحسين (ع) حتّى وقف عليه ووضع خدّه على خدّه وهو يقول: “قَتَل اللهُ قَوْماً قتلوك ما أجْرأهُم على الرّحمن وعلى انتهاك حُرْمَةِ الرّسول”، ثمّ قال: “على الدّنيا بَعْدَك العَفَا”
الاكبر في خيمة الشهداء
أمر الامام الحسين (ع) فتيانه ان يحملوا الاكبر الى الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه. فخرجت زينب (س) ومعها سائر النسوة يندبن علياً الأكبر. وهي تُنادي: “يا حبيباه! ويا ابن أخاه”، فجاء الحسين (ع) وصبرها وردّها إلى الفسطاط.
فسلامٌ عليك يا علي الأكبر ابن الحسين السبط في الخالدين، ووفقنا للسير على نهجك ورزقنا زيارتك في الدنيا وشفاعتك في الآخرة.