قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز: (( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) (سورة البقرة المباركة: الآية 247).
الدولة الاسلامية…مباديء وخصائص … القيادة للامثل بعد المعصومين
تم في الحلقة السابعة (15) التعرض لتفسير المقطع الأول من الآية الكريمة ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ)، وبينّا الوجهة السياسية وما يمكن الاستفادة منها في هذا المجال الحيوي خاصة في معنى الملك والملكية، وسنأتي على التفسير للمقطع الثاني من الآية الكريمة: (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
1- في هذا المقطع يأتي رده سبحانه وتعالى على ما كان يحمله اليهود من فكرة أن الملك يجب ان يكون متمولا وذا ثروة طائلة او انه يجب ان يكون من أسرة عريقة وذا شان عال ، إلا أن الله تعالى يرد عليهم ان قيادة الأمة يجب ان تعطى لمن يختاره الله اولا، وثانيا ان يكون ذا قوة بدنية سليمة وذا علم، وأن ارادة الله هي النافذة لمن أراد خير الدنيا و الآخرة.
2- نؤكد هنا أن ما يتم استخدامه في القرآن الكريم من مصطلح يجب ان نفهمه ضمن مفاهيم القران الكريم نفسه وليس من خلال ما نفهمه نحن اليوم من معان سياسية بالتعريف الجديد، وانه يجب تقريب المعنى لندرك مقاصد القران الكريم بشكل واقعي، فـ”الملك” قد لا يحمل نفس معناه الواسع فيما نراه اليوم في الدول وعلى أشكالها المختلفة، وعلى أي حال، فان مفهوم “الملك” هنا يحمل معنى: القائد لمجموعة سكانية معينة تعاني من الظلم وتريد أن تتحرر وتطلب قائدا عسكريا
3- من خلال الاية الكريمة يتبين لنا ومن خلال ما نصبو إليه من غايات الفهم السياسي للآيات الكريمة، نقاط مهمة وحساسة بخصوص ما يجب عليه ان يكون القائد او الملك او الرئيس الذي يراد تنصيبه او انتخابه ليكون على رأس السلطة العليا للبلد، من مواصفات أساسية مهمة والتي يجب ان تتوفر فيه.
4- القرآن الكريم يبين لنا عدة مواصفات لما ذكرنا ان السلطة يجب ان تكون للامثل بعد النبي والامام المعصوم، وهذا الامثل يتم تحديده بخصائص وصفات وليس بالتعيين المباشر كما هو بالنسبة للنبي (ص) او الامام المعصوم .
5- الخصائص المطلوبة في الشخص الامثل يحددها القران الكريم بما يلي وهي تمثل قمة ورأس المواصفات التي تضعها الدول اليوم في حالة الانتخابات الجارية في العالم، ويسعى المرشحون بالظهور بتلك المواصفات بجميع الأساليب الإعلامية حقا او زورا.
1- النضوج والبلوغ المطلوب والمقبول
2- القدرة والقوة
3- السلامة العقلية والبدنية
4- النباهة والخبرة والتجربة الحياتية وتحمل المصاعب
5- الكفاءة العلمية والخبرة الاجتماعية
6- النزاهة والالتزام بالقيم الإنسانية
7- الرحمة و المحبة لرعاياه
سابعا…أن الله يختم الآية بقوله بأنه يؤتي ملكه من يشاء سواءا بالتنصيب من قبله (سبحانه وتعالى) مباشرة وهو أعلم بعباده او ما ذكره لهم من مواصفات ضرورية من أجل أن تستقيم الحياة بشكلها الأفضل، وإلا فالخسارة في مخالفتها.
و الحمد لله رب العالمين علي العلوي / قم المقدسة