ثورة الحسين (عليه السلام) ثورة فرقانية، لأنها فرقت الحق عن الباطل وجعلته متميزاً بالسيف والقرآن والمكان والأهداف.
فالسيف حينما وقع كانت أمة الحسين (عليه السلام) أمة، وأمة يزيد أمة أخرى. والقرآن الذي كانت تتلوه حنجرة الثورة الحسينية كانت تتلى آياته الفرقانية التي أرادت أن يتميز الخبيث من الطيب والمؤمن من الكافر، والمكان هو كربلاء وقد انتصف صعيدها إلى شقين فقط: شق وقفت فيه رجالات الهدى والإيمان، والآخر وقفت فيه حثالات الباطل والضلال.
وأما الاهداف فيكفي فيها أن الفريقين أولهما وضع يده على الخير، كل الخير وهو الحسين (عليه السلام)، وثانيهما وضع يده على الشرّ وهو يزيد.
وقد كتبت الثورة فرقانيتها هذه بقلم العصمة والبقاء والخلود وبالقرآن ذلك هو قلم الإمام والعالم والشهيد، لكي تبقى فرقانيتها شاهدة ومشهودة إلى آخر الدنيا وإلى يوم يقوم الأشهاد.
والثورة الحسينية ليست فريدة في تجليها على هذا الوصف (وصف الفرقانية)، بل أن معركة بدر التي خاضها الرسول (صلى الله عليه وآله) ضد جبهة الوثنية والكفر هي فرقان قرآني واضح بشهادة القرآن المجيد، حيث قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ…﴾[1]، وكذلك المعارك التي خاضها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في صفين والنهروان والجمل هي فرقانية أيضاً في واحد من صفاتها. ذلك لأن بدر فرقت بين المؤمنين بالله والكافرين والمشركين نظرياً وعملياً، ومعارك علي (عليه السلام) – وعلي نفسه هو الفاروق الأكبر – كانت على الأثر سوى أنها بالتأويل لا بالتنزيل، وهكذا ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) كانت تنطق بالتنزيل ويعمل بالتأويل مع خصومها ومناوئيها لأنهم خصوم رسالة ومناوؤوا خط محمد (صلى الله عليه وآله) نظرياً وعملياً أيضاً.
وما قامت به الثورة الحسينية في إحدى مهماتها أنها فرقت بين الحق والباطل والحلال والحرام والطيب والخبيث والمؤمن والكافر والمطيع والعاصي فلم يعد الأمر بعدها خافياً على ذي سمع وبصر أو فؤاد، ولم يعد الأمر بعدها قابلاً لأن يزيف. لأنه ختم بدماء لا يمكن أن تكون هناك دماء أطهر ولا أوفى ولا أولى ولا أبرّ ولا أوصل منها إلى يوم القيامة. ولأنه طبع بطابع الآيات الفرقانية والدلائل القرآنية التي أخذت أنوارها بقلوب العاشقين عن قرب وعن بعد فذلك غلام حسنين الكنتوري المتوفى حدود (1340) ممن سبقنا في البحث في هذا المجال في فرقانية الإمام الحسين (عليه السلام) من آيات القرآن وبيان دلالتها على شهادته في كتابه (الحسينية القرآنية) (الفرقانية) والذي طبع بالهند في قائمتين إحديهما بالعربية والأخرى باللغة الأردوية[2]. يقول: وكيف لا يضع المحبون أقلامهم وأفكارهم في خدمة نسل الفاروق الأكبر[3] الذي لا يتقدمه أحد إلا أحمد[4].
المصدر: مجلة العقيدة/عدد 15 – بتصرّف
[1] الأنفال: 41.
[2] آقا بزرك الطهراني، الذريعة: ج 7 ص 22.
[3] أي قسيم من الله بين الجنة والنار أي أهليمهما وذلك لأن حبه موجب للجنة وبغضه موجب للنار، فيه يقسم الفريقان وبه يفترقان وأنا الفروق الأكبر إذ به يفرق بين الحق والباطل وأهليهما، الكافي: ج 1 – هامش ص 196.
[4] الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص 219