نهض الامام السجاد (عليه السلام) بواقع الاسلام والمسلمين بعد استشهاد ابيه الامام الحسين (عليه السلام) من خلال التأسيس لمدرسة الصادقين الباقر والصادق (عليهما السلام). ومن أبرز الجهود التي بذلها الإمام زين العابدين (ع) في تحركه هو بيان العقيدة الاسلامية من خلال الدعاء وجمع صفوف المؤمنين وتربيتهم روحيا وإطلاعهم على أنقى المصادر الموثوقة للفكر والاخلاق الإسلامية، ومن تلامذة الامام (ع) جابر بن يزيد الجعفي.
ومن دروس التي القاها الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) تلميذه “جابر الجعفي” درس المعرفة والتوحيد، وإليكم نصه:
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) لجابر بن يزيد الجعفي :
يا جابر
أوتدري ما المعرفة ؟ المعرفة إثبات التوحيد أولا ؛ ثم معرفة المعاني ثانيا ؛ ثم معرفة الأبواب ثالثا ؛ ثم معرفة الأمام رابعا ؛ ثم معرفة الأركان خامسا ؛ ثم معرفة النقباء سادسا ؛ ثم معرفة النجباء سابعا ؛ وهو قوله تعالى : ﴿ قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا﴾ “سورة الكهف المباركة، آیه 109”
وتلا أيضا قوله تعالى : ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم﴾ “سورة لقمان المباركة، آیه 27 “
يا جابر ؛
مولاك أمرك إثبات التوحيد ومعرفة المعاني، أما إثبات التوحيد معرفة الله القديم الغائب الذي ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾، وهو غيب باطن، ستدركه كما وصف به نفسه، وأما المعاني فنحن معانيه ومظاهره فيكم، اخترعنا من نور ذاته وفوض إلينا أمورعباده، فنحن نفعل بإذنه ما نشاء، ونحن إذا شئنا شاء الله وإذا أردنا أراد الله ، ونحن أحلنا الله عز وجل هذا المحل واصطفانا من بين عباده وجعلنا حجته في بلاده، فمن أنكر شيئا ورده فقد رد على الله جل اسمه وكفر بآياته وأنبيائه ورسله .
يا جابر ؛
من عرف الله تعالى بهذه الصفة فقد أثبت التوحيد، لأن هذه الصفة موافقة لما في الكتاب المنزل وذلك قوله تعالى: ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ليس كمثله شيء وهو السميع العليم﴾ “سورة الأنعام المباركة، آية 103”
وقوله تعالى؛ ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾ “سورة الانبياء، آية 23”.
___________
الزام الناصب في اثبات الحجة الغائب ج1 ص43