كل مؤسسة هي في البداية فكرة ما تلبث أن تتحول إلى مشروع ثم إلى مؤسسة، فصناديق الضمان الاجتماعي المتداولة في بعض الدول هي في الأساس فكرة لسد حاجات العمال والموظفين عندما يكونون غير قادرين على العمل ، وكافل اليتيم هي فكرة لسد حاجات الذين فقدوا عائلهم، والألعاب الأولمبية هي فكرة لتخليد جنود ماتوا دفاعاً عن بلدهم ، وشبكة المعلومات العالمية (الانترنيت) هي في الأساس فكرة لتوصيل وتبادل المعلومات.
إذاَ فكل فكرة يمكن أن تتحول إلى مؤسسة ، والمآتم هي في الحقيقة فكرة وجدت أساساً لتخليد القيم التي جاء بها الإسلام العظيم ولتخليد أمنا الرسالة الذين أمر الله بطاعتهم والإقتداء بهم وتعريف الناس بظلامة أهل البيت على أيدي جهلة الأمة وشرارها.
ونظرة إلى واقع المأتم في عالمنا الشيعي اليوم توضح بشكل جلي مدى قصور المأتم عن القيام بدوره كمۆسسة دينية اجتماعية ثقافية تضطلع إلى تجسيد أهداف الرسول (ص) وأهل بيته عليهم السلام المتمثلة في إبراز القيم وإظهار الأئمة عليهم السلام كنماذج وهداة يجب الإقتداء بهم والاهتداء بهديهم ومع بعض التطورات الخجولة التي تسللت إلى بعض مآتمنا في السنوات الأخيرة كانتخاب إدارات وعمل بعض اللجان إلا أننا لا نزال بعيدين كل البعد عن تحويل المآتم إلى مشروع فاعل في المجتمع.
إذاً كيف نحول المآتم إلى مشروع؟
أولاً:
لابد من الإشادة بتجربة الإدارة المنتخبة للمآتم والتركيز على تطوير هذه الإدارات بحيث تكون قادرة على تحقيق مهامها بعيداً عن المزاجية والمصالح الذاتية الضيقة ، ولا بد من الانتباه إلى ضرورة وجود الكفاءة الإدارية في المنتخبين لأن الاعتماد على المحسوبيات والمحاباة هو في الحقيقة إهدار للطاقات والكفاءات والإمكانيات التي يفترض أن يحافظ عليها من أجل تنمية الطائفة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام كما يجب العمل على جعل الانتخابات جادة حتى توصل إلى الجادين في تحمل المسۆولية وأدا مهامهم على أكمل وجه ، وأهم مهام هذا الإدارات ما يلي:
1- المحافظة على استقلالية المآتم وبعده عن التجاذبات الحكومية وأصحاب الأهواء والتوجهات غير الدينية لكي لا يكون لهم إي مبرر للسيطرة على المآتم أو حتى التدخل في عمل المآتم.
2- العمل على تحويل المآتم إلى مؤسسة قائمة على توزيع الأدوار حسب الكفاءة والخبرة والاختصاص.
3- الارتباط بالوضع الاجتماعي في المنطقة وتشكيل لجان مختصة بالمهام الاجتماعية والدينية والثقافية.
4- المساهمة في رقي وتطوير المجتمع عن طريق إنشاء لجنة خاصة لرفع المستوى المعيشي للناس في المنطقة كتوجيه المتخرجين إلى التخصصات التي يحتاجها المجتمع ومساعدة الفقراء لإكمال دراساتهم العلية ومساعدة الفقراء والمساكين.
5- البحث في النواقص الفكرية والعقائدية وتوجيه الخطباْء والمدرسين لعلاجها.
6- العمل على تنويع وتنمية مصادر الدخل في المآتم.
ثانياً:
للمآتم دائماً مصادر دخل مالية جيدة تحتاج إلى توجيه وترشيد واستثمار وهذه المسألة بحاجة إلى إدارة كفوءة تتابع هذه المسۆوليات بجدية ويكون لها رأيها الحاسم في التنمية وفي معظم قضايا الصرف لكي لا يأتي اليوم الذي تنضب فيه هذه الموارد أو تكون غير كافية لمواكبة الآمال لتطوير هذه المؤسسة .
ثالثاً:
للمآتم دور في تقوية البناء الفكري والعقائدي للمجتمع من أجل مواجهة التيارات المنحرفة والأفكار الدخيلة التي يتعرض لها المجتمع وخاصة الشباب
رابعاً:
لعل من أفضل الأمور التي تقوم بها المآتم كمؤسسة اجتماعية هو التغريب بين الناس وتقوية ارتباطاتهم ببعضهم وحل الخلافات.