في من شهداء الطف, ذوو النبي وأهل بيته /
قرابته بالمعصوم
ابن الإمام الحسن، وحفيد الإمام علي، والسيّدة فاطمة الزهراء، وابن أخي الإمام الحسين(عليهم السلام).
اسمه ونسبه
القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
أُمّه
جارية، اسمها رملة.
ولادته
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه ولد في القرن الأوّل الهجري.
مشاركته في واقعة الطف
كان(رضوان الله عليه) من الذين اشتركوا في واقعة الطفّ بكربلاء مع الإمام الحسين(ع)، وقاتل قتال الشجعان حتّى استُشهد.
موقفه يوم الطف
عندما رأى القاسم عمّه الحسين(ع) يوم عاشوراء وقد قُتل أصحابه وجمع من أهل بيته، وسمع نداءه وهو يقول: هل من ناصر ينصرني، جاء إلى عمّه يطلب منه الرخصة لمبارزة الأعداء، فرفض الإمام الحسين(ع) ذلك؛ لأنّه كان غلاماً صغيراً.
فدخل القاسم المخيّم فألبسته أُمّه لامة الحرب، وأعطته وصية والده الإمام الحسن(ع)، يُوصيه فيها بمؤازرة عمّه الحسين(ع) في مثل هذا اليوم، فرجع إلى عمّه وأراه الوصية، فبكى(ع) وسمح له بالمبارزة، ودعا له وجزّاه خيراً.
خروجه للمعركة
حمل على جيش عمر بن سعد، وهو يرتجز ويقول:
«إنْ تُنكِرُوني فَأنَا فَرعُ الحَسَنْ ** سِبطِ النَّبيِّ المُصطَفَى المُؤتَمَنْ
هَذا الحُسينُ كَالأسِيرِ المُرتَهَنْ ** بينَ أُناسٍ لا سُقُوا صَوبَ المُزُنْ»(1).
فقاتل قتالاً شديداً حتّى قتل على صغر سنّه ثلاثة منهم وقيل أكثر.
كيفية استشهاده
قال حميد بن مسلم: «خرج إلينا غلام كان وجهه شقّة قمر في يده السيف، عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما أنسى أنّها اليسرى، فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي: والله لأشدّن عليه، فقلت له: سبحان الله وما تريد إلى ذلك، يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم (قد احتوشوه) قال: فقال: والله لأشدّن عليه، فشدّ عليه فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عمّاه.
قال: فجلى الحسين كما يجلي الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب، فضرب عمراً (عمرواً) بالسيف فاتّقاه بالساعد فأطنّها من لدن المرفق، فصاح ثمّ تنحّى عنه، وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمراً من حسين، فاستقبلت عمراً بصدورها فحرّكت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه فتوطأته حتّى مات، وانجلت الغبرة فإذا أنا بالحسين قائم على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه وحسين يقول: بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيكَ جَدُّك.
ثمّ قال: عَزَّ وَاللهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا يُجِيبُكَ، أَوْ يُجِيبُكَ فَلَا يَنْفَعُكَ، صَوْتٌ وَاللهِ كَثُرَ وَاتِرُوهُ، وَقَلَّ نَاصِرُوه، ثمّ احتمله، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض، وقد وضع حسين صدره على صدره، قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به؟ فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين وقتلى قد قُتلت حوله من أهل بيته.
فسألت عن الغلام فقيل: هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ»(2).
استشهاده
استُشهد(ع) في العاشر من المحرّم 61ﻫ بواقعة الطف، ودفنه الإمام زين العابدين(ع) في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(ع) في كربلاء المقدّسة.
زيارته
ورد في زيارة الناحية المقدّسة للإمام المهدي(ع):
«اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلمَضْرُوبِ عَلَى هَامَتِهِ، اَلمَسْلُوبِ لاَمَتُهُ، حِينَ نَادَى اَلحُسَيْنَ عَمَّهُ فَجَلى عَلَيْهِ عَمُّهُ كَالصَّقْرِ، وَهُوَ يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ اَلتُّرَابَ، وَاَلحُسَيْنُ يَقُولُ:
بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ، ثُمَّ قَالَ: عَزَّ وَاَللهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلاَ يُجِيبَكَ، أَوْ أَنْ يُجِيبَكَ وَأَنْتَ قَتِيلٌ جَدِيلٌ فَلاَ يَنْفَعَكَ، هَذَا وَاَللهِ يَوْمٌ كَثُرَ وَاتِرُهُ، وَقَلَّ نَاصِرُهُ، جَعَلَنِيَ اَللهُ مَعَكُمَا يَوْمَ جَمَعَكُمَا، وَبَوَّأَنِي مُبَوَّأَكُمَا، وَلَعَنَ اَللهُ قَاتِلَكَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ نُفَيْلٍ اَلْأَزْدِيَّ، وَأَصْلاَهُ جَحِيماً، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً أَلِيماً»(3).
رثاؤه
ممّن رثاه السيّد صالح الحلّي(رحمه الله) بقوله:
إنْ يبكهِ عمُّهُ حُزناً لمصرعِهِ ** فما بكى قمرٌ إلّا على قَمرِ
يا ساعدَ اللهُ قلبَ السِّبطِ ينظُرُهُ ** فرداً ولم يبلغِ العشرينَ في العُمرِ
لابنِ الزكيِّ ألا يا مقلتي انفجري ** من الدموعِ دماً يا مهجتي انفطري
قد كنتُ أحذرُ أنّي لا أراكَ على ** وجهِ الصعيدِ ولكن جاءَني حذري
ما كنتُ آمُلُ في الرمضاءِ أبصرُهُ ** يا ليتَ فارقني من قبلِ ذا بصري
ما كنتُ آملُ أن أبقى وأنتَ على ** حرِّ الصعيدِ ضجيعَ الصخرِ والحجرِ
مُرَّملاً مذْ رأتْهُ رَملة ٌ صَرَخَتْ ** يا مهجتي وسروري يا ضيا بَصري
خلّفْتَ والدةً ولهى مُحيَّرةً ** مدهوشةً ليسَ مِنْ حامٍ ومُنتصرِ
بُنيَّ تقضي على شاطي الفراتِ ظَماً ** والماءَ أشربُهُ صفواً بلا كَدرِ
بُنيَّ في لوعةٍ خَلّفْتَ والدةً ** ترعى نجومَ الدُجى في الليلِ بالسهَرِ
ـــــــــــــــــــ
1ـ مناقب آل أبي طالب 4/ 106.
2ـ مقتل الحسين لأبي مخنف: 169.
3ـ إقبال الأعمال 3/ 75.
بقلم: محمد أمين نجف