Search
Close this search box.

قضاء الحوائج والتقرّب من أهل البيت (عليهم السلام)

قضاء الحوائج والتقرّب من أهل البيت (عليهم السلام)

يُعاب على المؤمن، ويأثم إذا أراد أن يتبرَّأ من رباط الأخوَّة الَّذِي جعله الله بين المؤمنين، وأوجب به على بعضهم البعض حقوقاً. لأنّ بالأخذ بهذه الحقوق والتأدّب بها يُحقّق بين المؤمنين الوئام والتآخي والتعافي والتشاد. وممّا يوثق هذه العلاقة ويجعلها سبباً لنيل الأجر، أن تكون لله وفي الله، وأن تكون قائمة على التعاون والتعاضد والتباذل بين الإخوة.

وقد ورد عن باقر علوم النبيين عن آبائه الكرام المهديين عن جدّهم سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم من حديث طويل قال صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ… فيقول: أين جيران الله في داره؟ فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون لهم: ماذا كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله تعالى في داره؟ فيقولون: كنّا نتحاب في الله عزّ وجلّ، ونتباذل في الله، ونتوازر في الله عزّ وجلّ. قال: فينادي منادٍ من عند الله: صدق عبادي خلّوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في الجنّة بغير حساب”[1].

وروى الشيخ المفيد أعلى الله مقامه بسنده المتّصل، عن الإمام الصادق عليه السلام، عن أبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “المؤمنون إخوة، يقضي بعضهم حوائج بعض، فبقضاء بعضهم حوائج بعض يقضي الله حوائجهم يوم القيامة”[2].
وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “من قضى لمسلم حاجة كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات، وأظلّه الله في ظلٍّ يوم لا ظلّ إلا ظلّه”[3].

كذلك يروي صفوان بن مهران الجمّال، فيقول: كنتُ جالساً مع أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أهل مكة يُقال له: ميمون، فشكا إليه تعذّر الكراء[4] عليه، فقال لي قم فأعن أخاك، فقمتُ معه فيسّر الله كراه، فرجعتُ إلى مجلسي، فقال: أبو عبدالله عليه السلام: ما صنعت في حاجة أخيك؟ فقلتُ: قضاها الله بأبي وأمّي أنت، فقال عليه السلام: “أمّا إنّك أنْ تُعين أخاك المسلم أحبّ إليَّ من طواف أسبوع بالبيت”[5].

ومن حديث آخر لمولانا الإمام الصادق عليه السلام يقول فيه: “لَقَضاءُ حاجة امرئ مؤمن أفضل من حجّة وحجّة حتى عدّ عشر حجج”[6].

فهل يملك المؤمن نفسه بعد ما أن يستمع لهذا الحديث، ويؤمن به إلا أن يهرع لقضاء حوائج إخوانه المؤمنين بروحية عالية ونية خالصة، فينال رضا الله تعالى، ويكون من اللاحقين بركب الطيبين الطاهرين الهداة المهديين الذين قال تاسعهم موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام: “إنّ خواتيم أعمالكم قضاء حوائج إخوانكم، والإحسان إليهم ما قدرتم، وإلاّ، لم يقبل منكم عمل، حنّوا على إخوانكم وارحموهم تلحقوا بنا”[7].

طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

[1] الشيخ أبو جعفر مُحمد بن الحسن الطوسي، الأمالي، ج1،ص100-101، طبعة: مؤسسة الوفاء، وعنه العلامة المجلسي،بحار الأنوار، ج71، ص392، باب 28: التراحم والتعاطف .
[2] محمد بن محمد بن النعمان العكبري، الأمالي، ص150، المجلس الثامن عشر، طبعة:1، مؤتمر الشيخ المفيد، قم.
[3] الشيخ الصدوق محمد بن علي، مصادقة الإخوان، ص54، طبعة:1، مكتبة الإمام صاحب الزمان، الكاظمية.
[4] الكراء: أجر المستأجر عليه، وهو في الأصل مصدر كاريته، والمراد بتعذّر الكراء إمّا تعذّر الدابّة التي يكتريها، أو تعذّر من يكتري دوابه بناءً على كونه مكارياً، أو عدم تيسير أجرة المكاري له، وكلّ ذلك مناسب لأن يقوم به صفوان الجمال.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص198، كتاب الإيمان والكفر.
[6] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص493، المجلس الرابع والسبعون، طبعة:6، كتابجي، طهران.
[7] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج75، ص379.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل