قبسات من خطبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام…
فَالتَفَتَتْ فاطِمَةُ عَلَيْها السَّلام وَقالَتْ:
مَعاشِرَ النّاسِ المُسْرِعَةِ إِلى قِيلِ الباطِلِ، المُغْضِيَةِ عَلى الفِعْلِ القَبيحِ الخاسِرِ ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ أَمْ عَلى قُلوبِهِم أَقْفالُها﴾ كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلوبِكُمْ ما أَسَأتُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ، فَأَخَذَ بِسَمْعِكُمْ وَأَبْصارِكُمْ، وَ لَبِئْسَ ما تَأَوَّلْتُمْ، وَساءَ ما أَشَرْتُمْ، وشَرَّ ما مِنْهُ اعتَضْتُمْ، لَتَجِدَنَّ _ وَاللهِ_ مَحْمِلَهُ ثَقيلاً، وَ غِبَّهُ وَبيلاً إِذا كُشِفَ لَكُمُ الغِطاءُ، وَبانَ ما وَراءَهُ الضَراءُ، ﴿وَبَدا لَكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ما لَمْ تَكونوا تَحْتَسِبون﴾ وَ ﴿خَسِرَ هُنالِكَ المُبْطِلون﴾.
ثُمَّ عَطَفَتْ عَلى قَبْرِ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَقالَتْ:
قَدْ كان بَعْدَكَ أَنْباءٌ وَ هَنْبَثَةٌ لَوْ كُنْتَ شاهِدَها لَمْ تَكْبُرِ الخَطْبُ
إِنّا فَقَدْناكَ فَقْدُ الأَرْضِ وابِلُها وَاخْتَلَّ قَوِمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَقَدْ نَكِبوا
وَكُلُّ أَهْلٍ لَهُ قُرْبى وَمَنْزِلَةٌ عِنْدَ الإِلهِ عَلَى الأَدْنَيْنِ مُقْتَرِبُ
أَبْدَتْ رِجالٌ لَنا نَجْوى صُدورِهِمِ لَمّا مَضَيْتَ وَحالَتْ دونَكَ التُّرَبُ
تَجَهَّمَتْنا رِجالٌ واسْتُخفَّ بِنا لَمّا فُقِدْتَ وَكُلُّ الأَرْضِ مُغْتَصَبُ
وَكُنْتَ بَدْراً وَنُوراً يُسْتَضاءُ بِهِ عَلَيْكَ تُنْزَلُ مِنْ ذي العِزَّةِ الكُتُبِ
وَكانَ جِبْريلُ بِالآياتِ يونِسُنا فَقَدْ فُقِدْتَ فَكُلُّ الخَيْرِ مُحْتَجِبٌ
فَلَيْتَ قَبْلَكَ كانَ المَوْتُ صادَفَنا لِما مَضَيْتَ وَحالَتْ دونَكَ الكُتُبُ
إِنّا رُزِئْنا بِما لَمْ يُرْزَ ذُو شَجَنٍ مِنَ البَرِيَّةِ لا عُجْمٌ وَلا عَرَبُ…