قيس بن سعد بن عبادة الانصاري أصله من اليمن ومنشأه في بيت عز وشرف، فأبوه سعد بن عُبادة الأنصاري زعيم الخزرج ، لم تذكر المصادر التاريخية تاريخاً محدداً لولادته ، إلا أن هناك قرائن عديدة من خلال الأحداث تخمن أن عمره عند هجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان ستة عشرة عاماً .
صفات قيس وخصائصه :
عُرف قيس بن سعد بتقواه وتديُّنه ، وكان ذلك ظاهراً في أقواله وأفعاله، وعُرف كذلك بجوده ، بل اشتهر ذلك فيه حتى كتب الواقدي أنه : كان من كرام أصحاب رسول الله (ص) وأسخيائهم .
وعن جوده، ينقل لنا التاريخ: إن امرأة وقفت على قيس بن سعد ، فقالت له : أشكو إليك قلة الجرذان (كناية عن الفقر وخلو البيت من الزاد)، فقال: ما أحسن هذه الكناية ! ، املأوا لها بيتها خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً .
وإلى السخاء، كان قيس بن سعد يجمع فضائل مكارم الأخلاق ومحاسنها، فكان شريف قومه غير مُدافَع ، هو وأبوه وجده .
موقع قيس من رسول الله (ص) والامام علي (ع)
أجل إنه قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، صحابي من خلّص أصحاب رسول الله (ص)، ومن كبار شيعة أمير المؤمنين (ع) وشهد معه حروبه كلها، وكان مع الامام الحسن (ع) مخلصاً في اعتقاده وودّه. فلا غرو إذا ما قال الإمام علي (ع) فيه لأهل مصر: (وقد بعثت إليكم قيس بن سعد الأنصاري أميراً فوازروه وأعينوه على الحق).
من مواقفه المشرفة
ومن مواقف الشرف لقيس انه كتب يوما كتابًا إلى معاوية، ومما جاء فيه: (يا وثن بن وثن، تدعوني إلى مفارقة علي بن أبي طالب والدخول في طاعتك، وتخوّفني بتفرق أصحابه عنه، وانثيال الناس عليك، فو الله الذي لا إله غيره لا سالمتك أبداً وأنت حربُه، ولا اخترت عدّو الله على وليه، ولا حزب الشيطان على حزبه).
ومما قال قيس لأمير المؤمنين علي (ع) مبيناً طاعته واخلاصه: (يا أمير المؤمنين، ما على الأرض أحد أحب إلينا أن يُقم فينا منك، لأنك نجمنا الذي نهتدي به، ومفزعنا الذي نصير إليه، ولكن والله لو خليتَ معاوية للمكر لَيرومَنَّ مصر، ولَيُفسدنَّ اليمن، وليطمعنَّ في العراق، ومعه قوم يمانيُّون قد أُشربوا قتل عثمان، وقد اكتفوا بالظن عن العلم، وبالشك عن اليقين، وبالهوى عن الخير، فسِر بأهل الحجاز وأهل العراق، ثم ارمِهِ بأمر يضيق فيه خِناقُه ، ويقصر له من نفسه) .
فقال علي (ع): أحسنت والله يا قيس وأجملت .
وبالإضافة لما تقدم كان قيس صاحب ملكات أدبية وشعرية ، إذ كانت خُطَبُهُ صواعق تسقط على رؤوس الجبابرة ، وكانت قصائده الشعرية تدفع رؤوس النفاق والخذلان .
مواقفه :
عاصر قيس بن سعد بن عبادة أحداثاً حساسة ، بدءاً بالعصر الجاهلي ، ومروراً بانبثاق الإسلام .
ثم ما جرى بعد رحيل رسول الرحمة (ص) من الوقائع الخطيرة حتى مقتل عثمان ، وخلافة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وشهادته .ثم مبايعة المسلمين للإمام الحسن (ع)، وتخاذلهم فيما بعد، إلا قليل منهم. وسنتكلم عن مواقفه في كل دور من تلك الأدوار ، وحسب تسلسلها .