طيف رجل سرى بين صفوف المصلين في المسجد فتخللهم وأثار انتباه الجالسين فاتجهت نحوه الأنظار, لكن سرعان ما أشاحوا عنه بوجوههم عندما عرفوا أنه فقير يستجدي من في المسجد من المسلمين, وبعضهم بقي يراقبه بلا مبالاة, فلم تضفر محاولة الفقير في استعطافهم عن شيء.
لم تكن هيأته تستدعي الاهتمام به فوجهه امتصت منه لفحات الجوع رونقه, وثيابه البالية تهرّأت بسيول الفقر والعوز, كان المسلمون ينتظرون رسول الله (ص) في المسجد بعضهم كان يصلي وبعضهم جلس يقرأ القرآن, وفجأة وقف الفقير أمام علي (ع) الذي كان يصلي وكان (ع) راكعاً فأحسّ بالفقير أمامه فرفع أصبعه من على ركبته إشارة منه إلى الخاتم الذي في يده فنزع الفقير الخاتم من يد علي وخرج من المسجد.
لم تمض لحظات حتى دخل رسول الله (ص) وهو يتلو على المسلمين ما أنزل عليه جبرائيل من ربه فتلا (ص) هذه الآية الشريفة:
بسم الله الرحمن الرحيم: (إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
شهود عيان من الصحابة
كان في المسجد إضافة إلى أمير المؤمنين (ع) عدداً من الصحابة فحدّثوا الناس بما رأوا, ومن الذين حضروا وكانوا شهود عيان على هذه الحادثة من الصحابة: عبداللّه بن عباس, وأبو رافع المدني, وعمار بن ياسر, وأبو ذر الغفاري, وأنس بن مالك, والمقداد بن الأسود وغيرهم.
من التابعين
وانتشرت هذه الرواية بين الناس فتناقلها من التابعين: مسلمة بن كهيل, وعتبة بن أبي حكيم, والسدي, ومجاهد.
المفسّرون
وجاء عهد كتابة التفسير وتدوين الحديث فنقلها في كتابه كل من: ابن أبي حاتم في تفسيره تفسير القرآن العظيم, وابن أبي زمانين في تفسيره تفسير القرآن العزيز, وابن عطية في تفسيره المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز, وابن الجزي الكلبي في تفسيره التسهيل لعلوم التنزيل, وابن الجوزي في تفسيره زاد المسير, ومحمد بن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان, وابن عادل الدمشقي الحنبلي في تفسيره اللباب في علوم الكتاب, وأبو البركات النسفي في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل, وأبو حيّان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط, والواحدي في أسباب النزول, والبغوي في تفسيره معالم التنزيل, والسيوطي في تفسيره الدر المنثور، والقرطبي في تفسيره, والشوكاني في تفسيره, والآلوسي في تفسيره روح المعاني، والثعالبي في تفسيره الجواهر الحسان, والثعلبي في تفسيره الكشف والبيان, والسمعاني في تفسيره تفسير القرآن, والبيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل, والسدي الكبير أبو محمد اسماعيل في تفسيره تفسير السدي الكبير, والزمخشري في تفسيره الكشاف، والسمرقندي أبو اللّيث نصر بن محمد في تفسيره بحر العلوم, والشوكاني في تفسيره الفتح القدير, والجرجاني في تفسيره درج الدرر, والإيجي الشيرازي في تفسيره جامع البيان, والخازن في تفسيره لباب التأويل في معاني التنزيل, والقرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن, ومكي بن أبي طالب بن حموش في تفسيره الهداية لبلوغ النهاية.
المحدّثون
أما في كتب السير والحديث فقد نقلها: ابن الأثير في المختار من مناقب الأخيار, وابن حجر العسقلاني في الكافي الشاف, والإمام العلامة ابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمة, والإمام الواحدي في كتابه أسباب النزول, والحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل, والحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد, ومحب الدين الطبري في كتابه ذخائر العقبى, والمحدّث الجويني في كتابه فرائد السمطين, والمحدّث الزرندي الحنفي المدني في كتابه نظم درر السمطين, الحافظ الخوارزمي في كتابه المناقب, وغيرهم وقد أسندت هذه الرواية إلى جملة من الصحابة.
الحفّاظ
كما رواها من الحفاظ: عبد الرزاق الصنعاني في كتاب المصنّف, وعبد بن حميد في كتاب المسند, ورزين بن معاوية العبدري الأندلسي في كتاب الجمع بين الصحاح الستة, والنسائي في الصحيح, وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه وتفسيره المعروفين, وابن أبي حاتم الحافظ الرازي, وأبو الشيخ الأصفهاني, وابن عساكر الدمشقي, وأبو بكر ابن مردوديه الأصفهاني, وأبو القاسم الطبراني, والخطيب البغدادي, وأبو بكر الهيثمي, وأبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي, والمحب الطبري شيخ الحرم المكي, وجلال الدين السيوطي, والشيخ علي المتقي الهندي, وغيرهم.
إجماع الفريقين
ولسنا هنا بصدد حصر الكتب التي ذكرت هذه الرواية ومؤلفيها فهناك مصادر أخرى اتفقت على ذلك لم نذكرها خشية الإطالة وقد ذكر الشيخ عبد الحسين الأميني في موسوعته الغدير أسماء ستّة وستّين عالماً من علماء أهل السنّة قالوا بنزول هذه الآية في أمير المؤمنين (ع) ، بطرق وألفاظ مختلفة وبمضمون واحد. ولكن في ما ذكرنا يفي بالغرض على أن آية الولاية نزلت بحق علي بن أبي طالب وهذه المصادر التي ذكرناها كلها من مصادر أهل السنة المعتبرة عندهم أما مصادر الشيعة فكلها أجمعت على ذلك وذكرت بالتفصيل تفسير هذه الآية وأنها نزلت بحق أمير المؤمنين (ع) بإسناد صحيح وتعرّضت لشرحها وفق السنن التاريخية والمنطق العقلي والنقلي وأكدت بما لا يقبل الشك على صحتها فلا داعي لذكر هذه المصادر لإجماعها.
نص الرواية
أما نص الرواية في هذه الكتب فقد جاء بمضمون واحد, فقد جاء في تفسير الفخر الرازي, وتفسير الثعلبي عن أبي الغفاري (رضوان الله عليه): أنّ النبيّ (ص) لمّا علم بأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه للسائل، تضرّع إلى الله وقال: (اللهمّ إنّ أخي موسى سألك قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزيراً مِنْ أهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) فأوحيت إليه: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى)، اللهمّ وإنّي عبدك ونبيّك فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أُشدد به ظهري…) فقال أبو ذر: فوالله ما استتمّ رسول الله (ص) الكلمة حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: (إنّما وليّكم الله ورسوله….)
وجاء في الكشّاف للزمخشري: وإنّما نزلت في علي كرّم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأن كان مرجاً (أيّ غير مستعص) في خنصره، فلم يتكلّف لخلعه كثير عمل تفسد به الصلاة … .
وأورد السيوطي في الدر المنثور هذه الرواية عن ابن عباس بما نصه: تصدّق علي بخاتمه وهو راكع ، فقال النبي (ص): من أعطاك هذا الخاتم ؟ فقال السائل: ذاك الراكع. فأنزل الله: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
ابن تيمية .. الشاذ
وماذا بعد كل هذه الروايات المسندة والصحيحة لكي يتمسك من في قلبه مرض بشخص ضال مضل أنكر هذه الرواية وجحد الحق وشذ عن كل علماء التفسير والحديث والكلام وهو ابن تيمية الناصبي الذي عزز إنكاره بأباطيل وترّهات وأراجيف لا تستند إلى منطق ولا ترتكز على موضوعية.
يقول ابن تيمية: وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الآية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن ! ثم يقول: وأجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنزل في علي بخصوصه، وأنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنّ القصّة المروية في ذلك من الكذب الموضوع، وأنّ جمهور الاُمّة لم تسمع هذا الخبر !
إذن من أية أمة هؤلاء المفسرون والمحدّثون والحفّاظ والمؤرّخون والعلماء والفقهاء يا ابن تيمية ؟
ومن هم أهل العلم بالحديث الذين أجمعوا على أنّ هذه القصّة المروية هي كذب موضوع كما زعمت ؟
أهل الضلال
لقد حذا حذو ابن تيمية وجرى مجراه في الأخذ بهذه الآراء المنحرفة بعض الذين أعمتهم العصبية المذهبية البغيضة عما كان يفترض بهم ككتّاب وباحثين أن يتطرقوا إلى هذه الرواية بالموضوعية ويتّصفوا بالحصافة الفكرية لكن أهواؤهم ونزعاتهم تجرّدت عن كل ما يجب أن يتصف به الدارس والباحث.
نقول لهؤلاء: إنكم لم تسيئوا إلى الشيعة والتشيّع بقدر إساءتكم إلى علماء السنة ومحدّثيهم ومفسّريهم الذين أجمعوا على نزول هذه الآية بحق أمير المؤمنين (ع) فنبذتموها وراء ظهوركم واتبعتم رجلاً منحرفاً مُتّهماً في دينه, كما أسأتم إلى أنفسكم وألقابكم العلمية إن كنتم تستحقونها.
الطعن الواهي
لقد طعن ابن تيمية بهذا النزول هذه الآية بحق أمير المؤمنين (ع) وأورد جملة من الاعتراضات إن دلت على شيء فإنها تدل على عدائه الصريح لأهل البيت (ع) وجهله وتعصبه الأعمى فهي اعتراضات واهية وغير علمية ولا يمكن أن تصدر من إنسان عادي ولكنها صدرت ممن يطلق عليه المنحرفون عن الإسلام مثله: (شيخ الإسلام).
من هذه الطعون إن الألفاظ في الآية جاءت بصيغة الجمع: (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون), وعلي شخص واحد, وهذا الاعتراض فنده القرآن الكريم الذي احتوى على كثير من الآيات الشريفة التي جاءت بصيغة الجمع وقد نزلت في شخص واحد, منها آية المباهلة الذي اعترف هو بنزولها بحق أمير المؤمنين في قوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم) وكذلك الحال بـ (ونساءنا ونساءكم) التي هي بحق فاطمة (ع)
وقد أجاب الزمخشري على هذا الاعتراض بالقول: أنّ الفائدة في مجيء اللفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذا الحد من الحرص على الاحسان إلى الفقراء والمساكين، يكونون حريصين على مساعدة الفقراء وإعانة المساكين، حتّى في أثناء الصلاة، وهذا شيء مطلوب من عموم المؤمنين، ولذا جاءت الآية بصيغة الجمع.
ومن هذه الآيات أيضاً قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). وقد نزلت هذه الآية في شخص واحد هو نعيم بن مسعود الاشجعي.
وقوله تعالى: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) وهذه الآية نزلت في شخص واحد أيضاً هو عبد الله بن أبي
وقوله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ). وقد نزلت في رجل واحد اشتكت منه زوجته إلى رسول الله (ص).
وقد تصدى العلامة الشيخ الأميني لتفنيد هذا الاعتراض فذكر كثيراً من الآيات الشريفة التي نزلت بصيغة الجمع.
إذا فهذا الاعتراض باطل عقلا ومنطقا
الزكاة عبادة
أما الاعتراض الثاني فهو أضعف من الأول وهو: أنّ علياً في وقت الصلاة يجب أن يكون منشغلاً بالله سبحانه وتعالى، وهو بعيد عن الأمور الدنيوية فكيف يلتفت إلى السائل ؟ وكيف يشير إليه ويرفع أصبعه ؟
لقد جهل هؤلاء إن الزكاة هي من الأمور الدينية فأمير المؤمنين (ع) اتجه من عبادة إلى عبادة.
الولي هو الخليفة
أما الاعتراض الآخر فهو أن كلمة (ولي) في الآية تعني الصديق والناصر وليست ولي الأمر بعد رسول الله (ص) وهو اعتراض مضحك مبكي لأن صفة الناصر لا تنحصر بعلي بل تشمل المؤمنين وهي خلاف مراد الآية الشريفة التي تنص على شخص واحد
دلالة الآية المباركة على الولاية
دلت الآية الشريفة دلالة واضحة وصريحة على ولاية أمير المؤمنين (ع) بعد النبي (ص) فألفاظها تؤكد ذلك فلفظة (إنما) تعني الحصر بإجماع علماء اللغة وقد انحصرت الولاية بالله والرسول وأمير المؤمنين وهو ما أكدته الأحاديث الشريفة الكثيرة بحق أمير المؤمنين ومنها قوله (ص): إِنَّ عليا مِني وأنا مِنه، علي وليّكُم بعدي، من أكن مولاه فهذا علي مولاه وغيرها.
كما أن ألفاظ هذه الآية الكريمة والأحاديث الشريفة تنفي نفياً قاطعاً القول بأنها نزلت في عموم المؤمنين وقد فنّد الشيخ مُطهّري هذا القول وأكد على أن هذه الآية لا تشمل إلا شخصاً واحداً حيث قال:
(عندما نعود إلى أحكام الإسلام لا نجد فيها ما يدل على وجوب أن يأتي المسلم الزكاة وهو راكع، حتى نقول أن هذا الحكم عام يشمل الجميع ولا يفيد الحصر والتخصيص. وهذا يعني أن الآية تشير إلى واقعة حدثت في الخارج مرة واحدة).
ويقول أيضاً: (وقد اتفق الشيعة والسنة على نقلها, ليس ثمة من يختلف من الشيعة والسنة في أن علياً (ع) أعطي خاتمه وهو في الصلاة، وأن الآية نزلت بشأنه. كما نعرف أن ليس في أحكام الإسلام ما يدل على وجوب الإنفاق في حال الركوع ، ليصح أن يقال أن بعضهم ــ غير من خصّته الآية وهو الإمام علي ــ عمل به إذ الآية تشير في قوله (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) إلى ما من فعل ذلك في تلك الواقعة المعروفة، أي فيها إشارة وكناية.
مع الشعر
من كل ما تقدم يتضح أن آية الولاية خاصة بالله ورسوله وأمير المؤمنين (ع) وشهرتها أقوى من أن تنكر وقد تضافرت الأحاديث والروايات على ذلك كما أخذت هذه الرواية حيزا كبيرا في الشعر العربي منذ وقوعها وإلى الآن وقد ذكرها كثير من الشعراء نذكر بعضهم مع أشعارهم في نزول هذه الآية:
يقول حسّان بن ثابت الأنصاري:
أبا حسنٍ تفديـــــكَ نفسي ومهجتي *** وكل بطيءٍ في الهدى ومُسـارعِ
أيذهبُ مدحي فـي المحبّين ضائعاً *** وما المدحُ في ذاتِ الإلَهِ بضائعِ
فأنتَ الذي أعطيتَ إذْ كُنتَ راكعاً *** فدتكَ نفوسُ القومِ يا خيرَ راكــعِ
بخاتمكَ الميمـــــــون يا خيرَ سيّدٍ *** ويا خير شارٍ ثمَّ يا خيـــــر بائعِ
فأنزلَ فيك الله خَيــــــــــــر وِلايَةٍ *** وبيَّنَها في مُحكمـــــاتِ الشَّرائعِ
وقال حسان أيضاً:
وافى الصـــلاة مع الزكاةِ فقامها *** والله يرحم عبده الصبّــارا
مَنْ ذا بخـــــــاتَمه تصدّقَ راكعاً *** وأسرّها في نفســهِ إسرارا
مَن كانَ باتَ عــلى فراشِ محمّد *** ومحمّدٌ أســري يَؤمُّ الغارا
من كان جبــــــــريلٌ يقومُ يمينه *** يوماً وميكـــالٌ يقومٌ يسارا
مَن كان في القـرآنِ سُمّيَ مؤمناً *** في تِسعِ آيات جُعلن كبارا
وقال الصحابي الجليل خزيمة بن ثابت الأنصاري:
فديتُ علياً إمــــــــــام الورى *** ســراجَ البريةِ مأوى التقى
وصيُّ الرسولِ وزوجُ البتولِ *** إمامُ البريةِ شمسُ الضحى
ففضّله الله ربّ العبــــــــــــاد *** وأنـــزلَ في شأنهِ هل أتى
تصدّق خـــــــــــــاتمه راكعاً *** فأحســن بفعلِ إمامِ الورى
وقال السيّد الحميري (محمد بن إسماعيل):
من كان أوّل من تصدّق راكعاً *** يوماً بخــــاتمه وكان مُشيرا
من ذاك قول الله إنّ وليـــــــكم *** بعد الرسولِ ليعلم الجمهورا
وقال أيضاً:
وأنزل فيه ربُّ النــــاسِ آياً *** أقـرّت من مواليهِ العيونا
بأنّي والنبيُّ لكــــــــــم وليٌّ *** ومؤتون الزكاة وراكعونا
ومن يتول ربَّ الناسِ يوماً *** فإنّهمُ لعمــــــري فائزونا
وقال أيضاً
من خمسةٍ جبريلُ سادسهم وقد *** مدَّ النبيُّ على الجميع عباءَ
من ذا بخاتمــــهِ تصدَّق راكعاً *** فأثابه ذو العـرشِ منه ولاءَ
وقال الحسن بن علي بن جابر المعروف بـ (الهبل) اليمني:
صنو النبيِّ محمـــدٍ ووصيهِ *** وأبو سليـــليه شبير وشبّرا
من ذا سواه من البريةِ كلها *** زكّى بخاتمه ومدَّ الخنصرا
وقال دعبل الخزاعي:
نطقَ الكتـــابُ بفضلِ آلِ محمّدٍ *** وولايةٍ لعـــــــلـيــــهِ لم تجحدِ
بولايةِ المختارِ من خيرِ الورى *** بعدَ النبيِّ الصــــــادقِ المتودّدِ
إذ جاءه المسكيــنُ حالَ صلاتِهِ *** فامتدَّ طـــــوعاً بالذراعِ وباليدِ
فتناولَ المسكيـــــــنُ منه خاتماً *** هبةَ الكريمِ الأجودِ بن الأجودِ
فاخصّه الرحــــــمنُ في تنزيلِهِ *** من حـــــاز مثل فخارهِ فليعددِ
وقال الشريف الرضي:
ومن سمحت بخاتمه يمينٌ *** فضنَّ بكلِّ عاليةِ الكعابِ
وقال الصاحب بن عباد:
لم يعلموا أن الوصي هو الذي *** آتى الزكاة وكان في المحرابِ
لم يعلموا أن الوصي هو الذي *** حكمَ الغديرُ له على الأصحابِ
وقال أيضا:
هل مثل برِّك في حالِ الركوعِ وما *** زكا كبرِّك برٌّ للمزكينا
وقال أحمد بن علوية الأصفهاني المعروف بـ (ابن الأسود الكاتب):
أمَّن بخاتمِه تصـــــــــــدّق راكعاً *** يرجو بذاكَ رضا القريبِ الداني
حتى تقـــــــــــــرّب منه بعد نبيهِ *** بولايةٍ بشـــــــــــــواهدٍ ومعاني
بولاية في آيـــــــــــــــــة لولاتها *** نزلت حصــــــاهم واحد واثنانِ
فالأولُ الصمدُ المُقــــــدّس ذكره *** ونبيه ووصيه التبـــــــــــــــعانِ
هل في تلاوتها بآي ذوي الهدى *** من قبل ثــــــــــالث أهلها يليانِ
هذي الولاية أن تعود عــــليهما *** من بعده من عقـــــــدِها قسمانِ
وقال الحسين بن علي بن الحسن العشاري البغدادي الشافعي:
يؤتي الزكاة لمن أتى متعرضاً *** لنداه وهو الراكعُ المتشهّدُ
وقال الحسن بن يوسف المعروف بـ الكزون السنجاري:
قولُ الإلهِ جــــــلَّ في كتابِهِ *** على عــــــليٍّ جاءَ نصّاً قاطعا
أنا الوليُّ ورســـولي والذي *** آتى الزكــاة في الصلاة راكعا
فخصّه منه بوصفٍ لم يكن *** بغيـــــــــــرِهِ فيما رووه واقعا
فأوجــــــــــبَ اللهُ له ولايةً *** على الذي للذكرِ أضحى تابعا
ويقول الشيخ كاظم الأزري في ملحمته:
وهو في آيةِ (التباهلِ) نفسُ *** المصطفى ليـــسَ غيرُه إيّاها
ثم سلْ (إنّمــــــا وليُّكم الله) *** ترَ الاعتبـــــــــارَ في معناها
آيةٌ خصّت الولايــــــــة لله *** وللطهرِ حيــــــــــدرٍ بعدَ طه
آية جاءت الــــــولاية فيها *** لثلاثٍ يعدو الهدى من عداها
وقال السيد حسن بحر العلوم
كم بوحي الذكر في تفضيله *** صدعت آيــــــــــاتُ فضلٍ بيّنات
آية التصديــــــــقِ من آياتِه *** حين أعطى في الركوعِ الصدقات
محمد طاهر الصفار