وهو من أعظم مطالب الدعاء بعد حمد الله تعالى وثنائه وبعد الصلاة على محمد وآله والانبياء وأوصيائهم، وهذا الدعاء من أهم أبعاد (الدعاء) فهو يربط الفرد المسلم بالأمة المسلمة في عمق التاريخ وعلى وجه الأرض، كما أن الصلاة على محمّد وآله تربط المؤمن بحبل الولاء النازل من عند الله.
وهذه العلاقة التى ينسجها الدعاء بين الفرد والأمة من جانب، وبين الفرد والافراد الذين يتعامل معهم ويرتبط بهم بنحو من الانحاء بأفضل أنواع العلاقة؛ لأن هذه العلاقة تتكون بين يدي الله، وفي امتداد العلاقة بالله، ولا يعرفها أحد إلا الله، وهي استجابة لدعوة الله تعالى.
وهذا الدعاء يأتي على نحوين: على نحو التعميم من غير تسمية وتشخيص. وعلى نحو التخصيص والتسمية. ونتحدث نحن إن شاء الله عن كل منهما:
أ ـ التعميم في الدعاء للمؤمنين:
وهو دعاء يحبه الله تعالى، ويستجيب له، كما يستجيب لما يليه ويلحقه من الأدعية، فإن الله تعالى أكرم من أن يبعض في الاستجابة، فيستجيب لبعض الدعاء ويرد بعضاً.
وهذا اللون من الدعاء لعموم المؤمنين الحاضرين، والذين سبقونا بالايمان، يشعر المؤمن بالارتباط التاريخي والفعلي (العمودي والافقي) بالأسرة المؤمنة في التاريخ، وعلى وجه الأرض، وبوحدة هذه الاسرة، وبالعلاقة القوية التي تربطنا بهذه الاسرة، ويكون للدعاء في حياتنا بعدان: البعد الأول منهما يربطنا بالله تعالى، والبعد الثاني يربطنا بالأمة المسلمة من آمن بالله تعالى في اعماق التاريخ وعلى وجه الارض.
وقد ورد في النصوص الاسلامية تأكيدات بليغة على هذا اللون من الدعاء وورد أن الله تعالى يثيب صاحب الدعاء بعدد كل مؤمن يشمله دعاؤه بالحسنات، وأن كل مؤمن يشمله هذا الدعاء يشفع له يوم القيامة بين يدي الله تعالى، عندما يأذن سبحانه لصالحين من عباده بالشفاعة للمذنبين منهم.
عن أبي عبدالله الصادق، قال: قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: «ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلا ردّ الله عليه مثل الذي دعا لهم به من كل مؤمن ومؤمنة، مضى من أول الدهر، أو هو آت الى يوم القيامة.
وإن العبد ليؤمر به الى النار يوم القيامة فيسحب، فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا رب، هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه، فيشفعهم الله عز وجل، فينجو»([1]).
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال: «من قال كل يوم خمساً وعشرين مرة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى، وبعدد كل مؤمن ومؤمنة بقي الى يوم القيامة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة»([2]).
وعن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه كان يقول: «من دعا لإخوانه من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وكل الله به عن كل مؤمن ملكاً يدعو له»([3]).
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام: «ما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والأموات، إلا كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة، منذ بعث الله آدم الى أن تقوم الساعة»([4]).
عن الامام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: (ما من مؤمن أو مؤمنة، مضى من أول الدهر، أو هو آت الى يوم القيامة، إلا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وإن العبد ليؤمر به الى النار يوم القيامة، فيسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا، هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه، فيشفعهم الله، فينجو)([5]).
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «ما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات، إلا ردّ الله عليه من كل مؤمن ومؤمنة حسنة منذ بعث الله آدم الى أن تقوم الساعة»([6]).
وعن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلي الله عليه واله: (ما من عبد دعا للمؤمنين والمؤمنات إلا ردّ الله عليه مثل الذي دعا لهم من كل مؤمن ومؤمنة، مضى من أوّل الدهر، أو هو آت الى يوم القيامة. إن العبد ليؤمر به الى النار يوم القيامة، ويسحب، فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا، هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه، فيشفعهم الله، فينجو من النار»([7]).
وعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: (إذا دعا احدكم فليعم، فإنه أوجب للدعاء)([8]).
وعن أبي عبدالله عليه السلام: «إذا قال الرجل: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم وجميع الأموات ردّ الله عليه بعدد ما مضي ومن بقا من كل انسان دعوة»([9]).
الدعاء عند أهل البيت (عليهم السلام)، سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي (رحمه الله)
([1]) أصول الكافي: 535، امال الطوسي 2: 95، وسائل الشيعة 4: 1151، ح 8889.
([2]) ثواب الاعمال: 88، وسائل الشيعة 4: 1152، ح 8891.
([3]) وسائل الشيعة 4: 1152، ح 8893.
([4]) وسائل الشيعة 4: 1152، ح 8894.
([5]) امالي الصدوق: 273، بحار الانوار 93: 385.
([6]) ثواب الاعمال: 146، بحار الانوار 386: 93.
([7]) ثواب الاعمال: 147، بحار الانوار 386: 93.
([8]) ثواب الاعمال: 147، بحار الانوار 93: 386.
([9]) فلاح السائل: 43، بحار الانوار 93: 387.