لقد بين الإمام الرضا (عليه السلام) أهمية وخطورة منصب الإمامة، بحيث يقطع الحجة نهائيا, ولا يمكن القول بعده أنها خاضعة لاختيار البشر, قال (عليه السلام) : «إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وتوفير الفيء والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم، وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار»[1].
وفي نفس الرواية يبين خطأ القائلين باختيار الأمة للإمام، يعتبرهم مخالفين لله ورسوله، حيث يقول: «رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُون﴾[2]، وقال عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[3]»، إلى أن قال (عليه السلام) «فكيف لهم باختيار الإمام، والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس والطهارة، والنسك والزهادة، والعلم والعبادة، …إلخ الحديث».
وقد ظهر مما تقدم, أن مقولة البعض باختيار الأمة لإمامها, تتضمن جملة من المخاطر والمحاذير، تؤدي إلى التفريط بالدين، وإضعاف لشأنه، وذهاب حقيقته وجوهره, فإن هذه المقولة من الأسس الثابتة لفكرة فصل الدين من السياسة، الأمر الذي أدى إلى تسلط الكثير من الجهال والماجنين على رقاب المسلمين، وكان من أبرز آثاره ما تعيشه الأمة الإسلامية في العصر الراهن، كما أدى إلى إفراغ الإسلام من مضمونه الاجتماعي والسياسي، ففتح بذلك منفذا إلى المستعمرين للدخول والتأثير على ذهان المسلمين.
العقيدة في القرآن – بتصرّف يسير، سماحة الشيخ حاتم إسماعيل
[1] أصول الكافي، ج1، ص200
[2] سورة القصص، آية:68
[3] سورة الأحزاب، آية:36