محمد هو الوحيد
ظهر أخيراً في الولايات المتحدة الأمريكية كتاب جديد للدكتور (هارث) الذي يحمل أربع شهادات دكتوراه:
الأولى في الرياضيات، والثانية في القانون، والثالثة في الفيزياء، والرابعة في الفلك، وهو الآن مسؤول علمي عن التطبيقات العلمية لعلوم الفضاء، في الولايات المتحدة وبين أخص صفاته أنه يبذل جهدا جباراً خارقاً في القراءة والمطالعة بخاصّة تأريخ العالم وحضارته بكل وجوهها، واسم كتابه الجديد «المئة»! وموضوعه أهم مئة رجل في التأريخ الإنساني كله.
وقد أخد المؤلف على نفسه أن يرتب المئة في الذكر تبعاً لأهمية كل واحد منهم، فالأول عظمة هو الأول ذكراً، وقد اختار الأول من المئة محمّداً، ويدلنا هذا -كما قال بهاء الدين- أن المؤلف على درجة عالية من التجرد وعدم الانحياز لأنه مسيحي، علماً بأنه جعل المسيح في الرقم الثالث، وموسى في الرقم السادس، وبرر المؤلف المسيحي اختياره محمدا للأولية بقوله:
“إن اختياري محمد ليكون الأول في قائمة أهم رجال التاريخ قد يدهش القراء، لكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي، فهناك رسل وحكماء بدأوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، المسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم فيها غيرهم أو سبقهم إليها سواهم موسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي رسالته الدينية كاملة، وتحددت كل أحكامها وآمنت بها الشعوب بأسرها، في حياته؛ لأنه أقام إلى جانب الدين دولة جديدة، ووحد القبائل المختلفة في شعب متقدم، والشعوب في أمة متحضرة ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم أيضا في حياته.
ثم يضيف المؤلف المسيحي إلى ذلك: «إن معظم اللذين غيروا التاريخ ظهروا في قلب أحد المراكز الحضارية في العالم، ولكن محمد هو الوحيد الذي نشأ في بقعة من صحراء جرداء مجرّدة تماماً من كل مقومات الحضارة والتقدم، ولكنه جعل من البدو البسطاء المتحاربين قوة معنوية هائلة قهرت بعد ذلك إمبراطوريات (فارس، وبيزنطية، وروما المتقدمة بما لا يقاس).
وفي تأريخ الغزو في كل زمان للبلاد التي فتحها حلفاؤه عَرباً تماماً تغيرت لغةً وديناً وقومية.
وثبت ذلك واستقر بما ليس له مثيل في تأريخ الفتح في العالم.
كذلك لا يوجد نص في تأريخ الرسالات نقل عن رجل واحد وبقي بحروفه كاملاً دون تحريف سوى القرآن الذي نقله محمد، الأمر الذي لا ينطبق على التوراة مثلا أو الإنجيل، ومن أجل ذلك وجدت أن محمد هو صاحب الحق الوحيد في أن أعتبره صاحب أعظم تأثير على الإطلاق في التاريخ الإنسان.
أبدا، لا ذنب للإسلام عند خصومه إلا ذنب الطاهرة عند العاهرة، والمخلص عند الخائن، والضاري الشقي عند البر القي، وهل يطلب من الصهاينة والمستعمرين القدامى والجدد أن يهادوا الإسلام والقرآن الذي يثير الشعوب والأجيال ضد كل جائر وكافر بقوله تعالى: ( فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
إن الإسلام دين قد أصبح محركا للشعوب، وليس أفيونا لها كما قال مارکس: “الدين أفيون الشعوب”.
المصدر: كتاب نفحات محمدية