ورد في بعض الروايات أنَّ السادة -أي المنتسبين إلى الرسول (ص)- لا تمسُّهُم النار فما مدى صحة ومعنى هذه الروايات؟
إن الثابتُ من الروايات أنَّ الذين لا تمسُّهُم النار من المنتسبين للرسول الكريم (ص) هم خصوص مَن وَلَدتْهم السيِّدةُ فاطمة (ع) دون واسطة، وأما سوى هؤلاء الكرام فشأنُهم شأنُ سائر الناس، مَن أطاعَ اللهَ وأصلَح كان من أهلِ الجنَّة، ومن عصاه كان مُستحِقّاً للنار.
والرواياتُ في ذلك عديدة:
منها: ما رواه الصدوق في معاني الأخبار بسندٍ معتبر عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (ع) قال: قلتُ لأبي عبد الله (ع) هل قال رسول الله (ص) إنَّ فاطمةَ أحصنت فرجَها فحرَّم اللهُ ذريَّتَها على النار، قال (ع): نعم، عنى بذلك الحسنَ والحسينَ وزينبَ وأُمَّ كلثوم عليهم السلام” 1.
ومنها: ما رواه الصدوق بسندٍ معتبرٍ عن حمَّاد بن عثمان قال: قلتُ لأبي عبد الله (ع): ما معنى قولِ رسول الله (ص) إنَّ فاطمةَ أحصنتْ فرجَها فحرَّم اللهُ ذريَّتَها على النار، فقال (ع): “المُعتَقون من النار هم ولدُ بطنِها الحسنُ والحسينُ وزينبُ وأُمُّ كلثوم” 1.
ومنها: ما رواهُ الصدوقُ بسندِه عن الحسن بن موسى الوشَّاء البغدادي قال: كنتُ في خراسان مع عليِّ بن موسى الرضا (ع) في مجلسِه، وزيدُ بنُ موسى حاضرٌ، وقد أقبلَ على جماعةٍ يفتخرُ عليهم ويقول: نحنُ ونحنُ وأبو الحسن مُقبِلٌ على قومٍ يُحدِّثُهم فسمِعَ مقالةَ زيدٍ فالتفتَ إليه فقال: “يا زيد أغرَّكَ قولُ باقلي الكوفةِ إنَّ فاطمةَ أحصنَتْ فرجَها فحرَّم اللهُ ذريَّتَها على النار، واللهِ ما ذلك إلا للحسنُ والحسينُ وولدُ بطنِها خاصَّة. فأما أنْ يكونَ موسى بنُ جعفر (ع) يُطيعُ اللهَ ويصومُ نهارَه ويقومُ ليلَه وتعصيه أنتَ ثم تجيئانِ يومَ القيامة سواءً، لأَنت أعزُّ على اللهِ عزَّ وجلَّ منه؟!!. ثم قال (ع): “إنَّ عليَّ بنَ الحسينِ (ع) كان يقولُ: لمُحسِنِنا كفلانِ من الأجرِ ولمُسيئنِا ضِعفانِ من العذابِ” 1.
هذا وقد ورد الحديث من طُرق العامة أيضاً، فمِن ذلك ما أخرجه الحاكمُ النيسابوري في المستدرك بسنده عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: قال رسولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله): إنَّ فاطمةَ أحصنتْ فرجَها فحرَّم اللهُ ذريَّتَها على النار” 2.
وعلَّق النيسابوري على سند الحديث بقوله: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1. معاني الأخبار -الشيخ الصدوق- ص106.
2. المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص152