القاعدة الأساس في البحث العقائدي -بقسميه العقلي والنقلي- أنّ المطالعة فيه لا تغني عن الدراسة على يد أستاذ ماهر أو مراجعته عند الحاجة على أقلّ تقدير، لذا فإنّ المنهج الذي سأذكره هنا لا يعني أنّه يصنع من مطالع هذه المؤلفات باحثا خبيراً في العقيدة وإنمّا هو من قبيل أنّ ما لا يُدرَك كله لا يُترك جلّه هذا أوّلاً .
وأمّا ثانياً فإنّ المنظومة العقائدية بصورة عامّة يكون تدعيمها وتجذيرها على مرحلتين الأولى والأهم هي مرحلة التأسيس وأمّا الأخرى فهي مرحلة الإجابة على الشبهات، ومالم يكن التأسيس والبناء جيدا فمن الطبيعي أن يتعسّر دحض الشبهات لاحقاً، لذا يجب أن تكون الأولوية للتأسيس خلافا لما أراه من بعض الشباب المتدين بل وبعض الدارسين وللأسف حيث يمنحون الأولوية لردّ الشبهات، وفاتهم أنّ البناء لو كان متين الأساس لما ضرّه مناكفات غير منهجية لا تستحق أن يُنفق المرء وقته في جوابها .
بعد ذلك أذكر لك منهجاً استفدته من تجربة طويلة الأمد في هذا المجال ومن نصائح عدد من الأساتذة الذين تشرفت في محضرهم راعيتُ فيه مناسبته للمبتدئين على أن تحفظ فيه النقطتين السابقتين بالإضافة إلى الترتيب وهو :
في مرحلة البناء والتأسيس
1ـ كتاب أصول العقائد للشباب تأليف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي (حفظه الله) إذ يشاطر هذا الكتاب كتاب عقائد الإمامية للشيخ المظفر من حيث الوضوح والأسلوب السلس لكنه يمتاز عنه بلغته الإستدلالية المبسطة في جميع المطالب خلافاً لعقائد الإمامية حيث جاء خلواً من الإستدلال في الغالب لذا أرجح البداية مع هذا الكتاب خلافاً للمناهج الكلاسيكية التي في الغالب تبدأ مع عقائد الإمامية .
2ـ كتاب بداية المعرفة تأليف السيد حسن مكي العاملي، ويمتاز بمنهجيته المتسلسلة واسلوبه الواضح .
3ـ كتاب دروس في العقيدة الإسلامية تأليف الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي رحمه الله، ويمتاز بلغته الجيدة من حيث الوضوح ومن حيث حداثة الطرح الفكري ومواكبته لمتطلبات المرحلة وهي سمة ملازمة لمؤلفات الشيخ المصباح رحمه الله .
4ـ كتاب صراط الحق في المعارف الإسلامية والأصول الإعتقادية تأليف العلّامة النحرير الشيخ آصف محسني رحمه الله وهو موسوعة ضخمة في ثلاثة مجلدات، وضعتها هنا لتكون مرحلة ممهدة للكتاب اللاحق، حيث سنتعرف مع كتاب الصراط على لغة أكثر تخصصا وتوسعاً قياسا بالكتب السابقة .
5ـ الإلهيات تأليف الشيخ جعفر السبحاني حفظه الله وهو بحقٍ يُعدّ أفضل مُنجَزٍ في علم الكلام الشيعي في الوقت الحاضر ولا أعني هنا مختصر الإلهيات بقلم الشيخ علي الرباني بل أقصد موسوعة الإلهيات الكاملة بأجزائها الأربعة .
أعتقد أنّ هذه الخمسة تفي بالغرض في مرحلة التأسيس، وسبب عدولي عن المنهج الكلاسيكي الذي يقدمه بعض الباحثين في هذا المجال حيث يتم الاعتناء فيه بكتب من قبيل شروح الباب الحادي عشر والتجريد وما ضارعها هو أنّ مثل هذه الكتب لم تعد تفي بمتطلبات الواقع الراهن فهي قاصرة عن استيفاء مشاكله المعرفية فضلاً عن لغة بعضها الصعبة التي تحتاج مراسا وتدريباً ذهنيا لا يتيسر لكلّ أحدٍ .
بقي أنّ هذه الكتب وغيرها من موسوعات علم الكلام تعاني من بعض النقص في بحث الإمامة حيث تقتصر على تحرير أصل المسألة مع بحث محل النزاع بين الإمامية ومدرسة الخلافة فلا تعتني بدراسة النص على سائر الأئمة غير الإمام علي عليه السلام لذا يجب على من يريد تحصين نفسه في هذا المجال الرجوع الى المصنفات المختصة بمعالجة هذه المسألة ولعلّ أفضل ما كُتِب فيها في حدود اطلاعي القاصر كتاب ( تواتر النص على الأئمة عليهم السلام) للشيخ الفاضل محمد صنقور البحراني حفظه الله .
وأمّا في مرحلة رد الشبهات :
فلا شكّ في أنّ التأسيس إذا كان جيدا ستنهدم معه أغلب الشبهات ولا نحتاج الى مؤونة دراستها بشكلٍ منفصل ومع ذلك برزت عدّة مصنفات تخصصت في رد الشبهات وأفضلها وأجودها ولا سيّما للمبتدئين :
1ـ كتاب أجوبة الشبهات الكلامية تأليف محمد حسن قراملكي ويقع في خمسة أجزاء ويمتاز بإسلوبه السهل واستدلالاته الجيدة وموسوعيته في مجاله .
2ـ كتاب في رحاب العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم رحمه الله في ثلاثة أجزاء وهو تقرير لحوار أجراه باحث أردني مع سماحة السيد وقد تضمن أجوبة لكثير من الشبهات حول عقائد الإمامية وبإسلوب واضح سلس واستدلالٍ متين.
هذا ما تيسر فأرجو أن يكون مفيدا والله ولي التوفيق.