يقول الدكتور ا.ج. کرونین: كنتُ ملحداً عندما كنت أدرس الطب في جامعة لندن، وعندما كنت أقف أمام جسم إنساني في غرفة التشريح، أحس بأنني أمام جهاز شديد التعقيد، وفي الوقت نفسه، كنت أفكر في الروح الخالدة في الله وكانت ابتسامة الاستخفاف والسخرية ترتسم على وجهي، وكنت أرى في ذلك كله أسطورة قديمة بالية.
وكان يشاركني في هذا الشعور أكثر طلاب الجامعة؛ بقيت هكذا إلى أن أصبحت طبيباً وسافرت إلى منطقة المناجم بجنوب (ويلز)، وصرت أجد أني أنفذ في مملكة إلى الإنسانية.
لقد شاهدت معجزة ميلاد الإنسان وجلست إلى الموتى واستمعت في الظلام إلى رفرفة أجنحة الموت فتخلى عني غروري، فصرت أؤمن بالله، ورأيت العمال كلهم يؤمنون بالله، ولا يمضي أسبوع واحد دون أن يقع هناك ما يؤيد إيمانهم بالله وتوكلهم عليه.
لن أنسى ذلك اليوم ما حييت. فقد حدث انفجار مروع أدى إلى سقوط المنجم على 14 عاملاً وبقي هؤلاء العمال مدفونين تحت التراب خمسة أيام كاملة. وظلت القرية تصلي لله لأجلهم، وأخيراً استطاع رجال الإسعاف أن يشقوا طريقهم إلى المنكوبين واستمعوا إلى دعاء خافت ينبعث من الأنقاض إنه صوت العمال، يترنمون بأنشودة: “يا أرحم الراحمين”.
أُخرجوا أحياء من تحت الأنقاض وهم منهكو القوى، والتف حولهم ألوف من العمال وراحوا يرددون: يا أرحم الراحمين في كل حين.
وعندما وقفت إلى جوار هؤلاء المنكوبين، اجتاحتني هذه الموجة من الدعاء والصلوات. إنها دليل آخر على أن إيمان الإنسان، قد تجاوز كل كلام وكل تعبير.
وبعد سنة انتقلت للعمل في منطقة أخرى، والتقيت بممرضة كانت تشتغل ليل نهار في التمريض والإسعاف مدة عشرين عاما وهي تدور مسافة طولها عشرة أميال يوميا بلا توقف للقيام بما هو فوق واجبها. فقلت لماذا لا تطلبين زيادة لراتبك؟ فإنك تستحقين أكثر مما يعطى لك! فقالت بعد صمت يسير: إذا كان الله يعلم أنني أستحق هذه الزيادة فهذا كل ما أطمع فيه.
حادث المنجم وإيمان هذه الممرضة الساذجة. كل ذلك قد أخرجني من عذاب الشك والقلق وأوقفني على أرض ثابتة عالية من الإيمان .
نحن لا نستطيع أن نبرهن على وجود الله كما نبرهن على المعادلات الرياضية. ولكن إذا تأملنا الكون وأسراره وعجائبه ونظامه ودقته وضخامته وروعته فلابد أن نفكر في إله خالق.
المصدر: كتاب التكامل في الإسلام