لا خلاص للبشرية من شقائها إلا بالإستضاءة بنورالقرآن
إذا ما أنسنا بالقرآن، عندها ستسنح الفرصة لأهل الفكر من الفئات المختلفة، لأن يتدبّروا في النكات القرآنيّة، ويستفيدوا ويستنبطوا ويدركوا من القرآن أشياء، ، ومن ثمّ يجيبوا عن الأسئلة المختلفة. لا أقصد بالأسئلة هنا، الشبهات؛ بل الأسئلة حول الحياة، ونمط العيش. أمامنا الآن ملايين الأسئلة. عندما يكون المجتمع والحكومة يقودان الحياة باتّجاه مبادئ معيّنة، فإنّ [هذا المجتمع] سيُواجه بآلاف آلاف الأسئلة: عن نوع العلاقات، والسلوك، واتّخاذ المواقف، والعداوات والصداقات، التعاطي مع المال، ومع الأمور الدنيويّة. هذه كلّها أسئلة تُطرح. ولكلّ هذه المسائل أجوبة. لم تضلّ البشريّة وتشقى، إلا لأنّها لم تجد الإجابات الشافية عن هذه الأسئلة. فتعاسة العالم والبشر اليوم، هي بسبب أنّهم لم يتوصّلوا إلى الإجابات الصحيحة عن هذه الأسئلة. وقد تلقّوا إجابات خاطئة، منحرفة، ومضلّلة، وعملوا بها؛ فوصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم. العالم اليوم خال من الأمن، والصفاء، والمعنويّات، والاستقرار الروحي. وقلوب الناس ليست صافية باتّجاه بعضها بعضًا. هذا هو الوضع السائد في العالم اليوم، وهذا ما يعيشه العالم أجمع.
إن ألقيتم نظرة اليوم، تجدون أنّ الحرب وفقدان الأمن والخوف والضلال، واختلاف القلوب هو السائد في كلّ مكان: الأُسر المتفكّكة، الاختلاف الطبقي الفاحش، جماعة ثريّة ومتنفّعة، وجماعة محرومة. وهذا مرجعه كلّه إلى عدم الإجابة الصحيحة عن أسئلة الحياة هذه. وعندها، وُجدت هذه النظم الاقتصاديّة والسياسيّة المعوجّة في العالم، وابتُليت البشريّة بها. فملايين البشر مبتلون بهذا الوضع. وحتّى أولئك الأثرياء والمتنفّعون مبتلون. هكذا هو المجتمع الذي لا يعرف الطريق الصحيح، ولا يهتدي إلى الصراط المستقيم، ولا يرتبط بالله. فالصراط المستقيم هو ذلك الطريق الخالي من هذه الآفات والمشاكل. هذه المجتمعات الإنسانيّة تعاني اليوم، وللأسف، مثل هكذا ضلالة وضياع.
إذا ما أنسنا بالقرآن، وفهمناه بنحو صحيح، وتدبّرنا فيه، عندها سيمنحنا الإجابة الشافية عن أسئلة الحياة.
1- سورة آل عمران، الآية 103.
2- سورة المنافقون، الآية 8.
* من خطاب سماحة الإمام الخامنئي (دام ظلّه الوراف) في جلسة الأنس بالقرآن الکريم (1) بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك في حسينيّة الإمام الخميني (قدس سره) ــ 27 ـ 05 ــ 2017 .