Search
Close this search box.

جلالة فاطمة عليها السلام يوم القيامة

جلالة فاطمة عليها السلام يوم القيامة

ليس مستغربًا على السيدة فاطمة عليها السلام أن تأتي بجلالة لا نظير لها يوم المحشر، لكنّ اللافت في بعض الروايات التي سنعرضها أنّها عليها السلام تتمتّع بخصوصيّات لا يشاركها فيها أحد من النساء قاطبةً حتّى إنّها لم تُروَ في حقّ غيرها سلام الله تعالى عليها. ففي حديثٍ أنّه لمّا سمعت السيدة فاطمة عليها السلام بأنّ الناس يخرجون في المحشر عراة استحييت واستوحشت ذلك حيث تقول الرواية إنّه دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى فَاطِمَةَ عليها السلام وَهِيَ حَزِينَةٌ فَقَالَ لَهَا: “مَا حَزَنَكِ يَا بُنَيَّةِ قَالَتْ يَا أَبَتِ ذَكَرْتَ الْمَحْشَرَ وَوُقُوفَ النَّاسِ عُرَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ يَا بُنَيَّة إِنَّهُ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي جبرائِيلُ عليه السلام عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أنَّهُ‏ قَالَ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا ثُمَّ أَبِي إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ بَعْلُكِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْكِ جَبْرَئِيلَ فِي سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ فَيَضْرِبُ عَلَى قَبْرِكِ سَبْعَ قِبَابٍ مِنْ نُورٍ ثُمَّ يَأْتِيكِ إِسْرَافِيلُ بِثَلَاثِ حُلَلٍ مِنْ نُورٍ فَيَقِفُ عِنْدَ رَأْسَكِ فَيُنَادِيكِ يَا فَاطِمَةُ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ قُومِي إِلَى مَحْشَرِكِ فَتَقُومِينَ‏ آمِنَةً رَوْعَتَكِ مَسْتُورَةً عَوْرَتُكِ فَيُنَاوِلُكِ إِسْرَافِيلُ الْحُلَلَ فَتَلْبَسِينَهَا وَيَأْتِيكِ رُوفَائِيلُ بِنَجِيبَةٍ مِنْ نُورٍ زِمَامُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ رَطْبٍ عَلَيْهَا مَحَفَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَتَرْكَبِينَهَا وَيَقُودُ رُوفَائيلُ بِزِمَامِهَا وَبَيْنَ يَدَيْكِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بِأَيْدِيهِمْ أَلْوِيَةُ التَّسْبِيحِ وَإِذَا جَدَّ بِكِ السَّيْرُ اسْتَقْبَلَتْكِ سَبْعُونَ أَلْفَ حَوْرَاءَ يَسْتَبْشِرْنَ بِالنَّظَرِ إِلَيْكِ… فَيَسِرْنَ عَنْ يَمِينِكِ فَإِذَا مِثْلُ الَّذِي سِرْتِ مِنْ قَبْرِكِ إِلَى أَنْ لَقِيَتْكِ اسْتَقْبَلَتْكِ‏ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ فِي مِثْلِ مَنْ مَعَكِ مِنَ الْحُورِ فَتُسَلِّمُ عَلَيْكِ وَتَسِيرُ هِيَ وَمَنْ مَعَهَا عَنْ يَسَارِكِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْكِ أُمُّكِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُولى الْمُؤْمِنَاتِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بِأَيْدِيهِمْ أَلْوِيَةُ التَّكْبِيرِ فَإِذَا قَرُبْتِ مِنَ الْجَمْعِ اسْتَقْبَلَتْكِ حَوَّاءُ فِي سَبْعِينَ أَلْفَ حَوْرَاءَ ومَعَهَا آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ فَتَسِيرُ هِيَ وَمَنْ مَعَهَا مَعَكِ فَإِذَا تَوَسَّطْتِ الْجَمْعَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الْخَلَائِقَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَتَسْتَوِي بِهِمُ الْأَقْدَامُ…”[1].

إذًا فالكلّ في انتظار فاطمة عليها السلام، تمشي أمامهنّ ليمشين، وما وجود الملائكة والحور وكلّ ما ذكرت الرواية وطريقة الاستقبال للزهراء عليها السلام من قبل أكمل نساء البشر إلّا دليل على عظم مكانة السيدة فاطمة عليها السلام وموقعها يوم القيامة، فهي سيدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين[2] كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أخبرها صلى الله عليه وآله وسلم أنّها سيدة نساء أهل الجنّة حيث قال: “إنّك سيّدة نساء أهل الجنّة”[3].

ففاطمة عليها السلام هي السيدة دومًا وعلى كلّ حال، في الدنيا والآخرة، ولا يدانيها من ذلك أحد من النساء بل إنّ شرف غيرها من النساء هو باتّباعها والسير خلفها كما أسلفت الرواية في حال أكمل النساء.

فإنّ الأخبار أيضاً تُطلعنا على أن ظهور السيدة فاطمة عليها السلام يوم القيامة يكون على مركب ولا كغيرها من الناس، ويكون مركبها ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغضباء حيث تقول الرواية عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إنّه قال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ نَحْنُ فِي الْقِيَامَةِ رُكْبَانٌ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ غَيْرَنَا، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: – بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ الرُّكْبَانُ، قَالَ: أَنَا عَلَى‏ الْبُرَاقِ‏ وَأَخِي صَالِحٌ عَلَى نَاقَةِ اللَّهِ الَّتِي عَقَرَهَا قَوْمُهُ وَابْنَتِي فَاطِمَةُ عَلَى نَاقَتِيَ الْعَضْبَاءِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ”[4].

ولم يكتمل المشهد بعد، بل إنّ لسيدة الطهر من العفاف والستر والاكتناه والتبجيل ما يستدعي أمرًا إلهيًّا إلى جميع الخلائق، بغضّ الأبصار وتنكيس الرؤوس حتّى تمرّ سيدة الأكوان على الصراط!! ففي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام وهو يروي أحداث القيامة، وبعد عدّة أحداث يروي حدوثها يقول: “ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ‏ حَتَّى‏ تَمُرَّ بِنْتُ حَبِيبِ اللَّهِ إِلَى قَصْرِهَا فَتَمُرّ فَاطِمَةُ”[5]. فجلالة شأن السيدة فاطمة عليها السلام تأبى أن ينظر إليها البشر، كلَّ البشر حتّى وهي تمرّ بموكبها المهيب يوم القيامة نحو موطنها الأصليّ، وهو جنان الخلد وأعلى مراتب القرب الإلهيّ عند مليك مقتدر، وهي بعظمتها تلك وجلالها الذي لا يقاس تروي لنا أروع الحكايا عن عظمة بارئها وربّها الذي أبدع خلقها على صورته، فتقول في ذلك الموقف إنّ هذه العظمة والجمال والجلال ليس سوى مظهر من مظاهر الآيات يتحدّث عن عظمة وجلال الحقّ المطلق جلّ وعلا.

لقاء السيدة فاطمة عليها السلام الإمام الحسين عليه السلام
لا يقتصر دور السيدة فاطمة عليها السلام يوم القيامة بدخول الجنّة تحفّها الملائكة والحور من كلّ جانب، بل إنّ للزهراء عليها السلام أدوارًا رئيسيّة في المحشر، منها شكاية الظلم الذي لحق بها إلى الله عزّ وجلّ والمطالبة بحقّ الإمام الحسين عليه السلام، حيث تذكر الرواية أنّها قبل أن تدخل الجنّة تلقى الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام وأوداجه تشخب دمًا[6]، فتحمل ثيابًا للحسين عليه السلام ملطّخة بالدم وتطالب بحقّه، وقد أخبر رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الموقف فقال: “‏تُحْشَرُ ابْنَتِي فَاطِمَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهَا ثِيَابٌ مَصْبُوغَةٌ بِالدَّمِ فَتَعَلَّقُ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَتَقُولُ يَا عَدْلُ احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ قَاتِلِ‏ وَلَدِي،‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: فَيَحْكُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِابْنَتِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَإِنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ يَغْضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ وَيَرْضَى لِرِضَاهَا”[7].

فيتحقّق الوعد الإلهيّ بالاقتصاص من قتلة الإمام الحسين عليه السلام وكلّ من ظلم ولد فاطمة عليها السلام وبل يُقتَصّ الاقتصاص من كلّ من ظلم شيعة فَاطِمَةَ عليها السلام.

وفي حديث آخر عن الإمام عليّ عليه السلام عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يخبر فيه عن الاقتصاص من الظالمين، قال: “…. فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ عِنْدَ ذَلِكِ زَفْرَةً ثُمَّ يَخْرُجُ فَوْجٌ مِنَ النَّارِ فَيَلْتَقِطُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَأَبْنَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَ أَبْنَائِهِمْ ويَقُولُونَ يَا رَبِّ إِنَّا لَمْ نَحْضُرِ الْحُسَيْنَ عليه السلام فَيَقُولُ اللَّهُ لِزَبَانِيَةِ جَهَنَّمَ: خُذُوهُمْ بِسِيمَاهُمْ بِزُرْقَةِ الْأَعْيُنِ وَسَوَادِ الْوُجُوهِ خُذُوا بِنَوَاصِيهِمْ فَأَلْقُوهُمْ‏ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَشَدَّ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْحُسَيْنِ مِنْ آبَائِهِمُ الَّذِينَ حَارَبُوا الْحُسَيْنَ فَقَتَلُوهُ..”[8].

المصدر: السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قدوة وأسوة – بتصرّف، دار المعارف الإسلامية الثقافية

[1] تفسير فرات الكوفي‏، مصدر سابق، ص 445.
[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، مصدر سابق‏، ص487.
[3] الأصفهاني، عوالم العلوم، مصدر سابق، ج‏11، ص 136.
[4] الشيخ المفيد، الأمالي، مصدر سابق، ص 272.
[5] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج‏7، ص 336.
[6] تفسير فرات الكوفي‏، مصدر سابق، ص 446.
[7] الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام، مصدر سابق، ج‏2، ص 26.
[8] تفسير فرات الكوفي‏، مصدر سابق، ص 446.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل