Search
Close this search box.

مرض الزهراءعليها السلام واستشهادها

مرض الزهراءعليها السلام واستشهادها

1ـ فاطمة عليها السلام على فراش المرض
إنتشر خبر مرض السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام في المدينة، وسمع الناس به، ولم تكن تشكو السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام من داء عضال غير ماحدث…

كلّ هذه الاُمور ساهمت في انحراف صحتها وقعودها عن ممارسة أعمالها، وكان زوجها العطوف هو الذي يتولّى تمريضها، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس1، جاءت نسوة من أهل المدينة لعيادتها، وخطبت فيهنّ تلك الخطبة ـ التي ستمرّ عليك ـ وأعادت النسوة كلامها على رجالهن، فجاء الرجال يعتذرون، فما قبلت اعتذارهم فقالت عليها السلام: ” إليكم عنّي لا عذر بعد تعذير ولا أمر بعد تقصير “.

لقد انتشر خبر استياء السيّدة فاطمة عليها السلام من السلطة ونقمتها على الذين آزروا الحزب الحاكم بسكوتهم وصمتهم، وتناسوا كلّ النصوص التي نزلت في آل الرسول، وأعرضوا عن كلّ حديث سمعوه من شفتي الرسول صلى الله عليه وآله في حقّ الزهراء عليها السلام وزوجها وولديها، وأخيراً تولَّد شيء من الوعي عند الناس، وعرفوا أنّهم مخطئون في دعم السلطة الحاكمة التي لم تعترف بشرعية الزعامة لآل رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا تعير للحقّ اهتماماً ولا للمنطق موقعاً سوى القوّة وحدّ السيف.

2 ـ عيادة النساء للسيّدة فاطمة عليها السلام
لا نعلم بالضبط السبب الحقيقي والدافع الأصلي الذي دعا بنساء المهاجرين والأنصار لعيادة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، فهل كان ذلك بإيعاز من رجالهن ؟ وما الذي دعا اُولئك الرجال لإرسال نسائهم إلى دار السيّدة فاطمة عليها السلام ؟ وهل حصل الوعي عند النساء وشعرن بالتقصير بل الخذلان لبنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فانتشر هذا الشعور بين النساء فحضرنَ للعيادة والمجاملة أو إرضاء لضمائرهن المتألمة ممّا حدث وجرى على سيدة النساء؟ أو كانت هناك أسباب سياسية فرضت عليهنّ ذلك، فحضرن لتلطيف الجوّ وتخفيف التوتّر للعلاقات بين بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبين السلطة الحاكمة في ذلك اليوم؟ خاصة وإنّ الموقف الاعتزالي الذي اختارته السيّدة فاطمة عليها السلام لنفسها وانسحابها عن ذلك المجتمع لم يكن خالياً عن التأثير، بل كان عاملاً مساعداً لانتباه الناس، وبالأخص حين حمل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام السيّدة فاطمة عليها السلام يطوف بها على بيوت الأنصار تستنجد بهم وتستنهضهم فلم تجد منهم الإسعاف بل وجدت منهم التخاذل2.

وعلى كلّ تقدير فلا يعلم أيضاً عدد النساء اللاّتي حضرن عند الزهراءعليها السلام وهي طريحة الفراش، ولكن يبدو أنّ العدد لم يكن قليلاً بل كان مما يُعبأ به.

3 ـ خطبتها الثانية
قال سُوَيْدُ بن غفلة: لمّا مرضت سيّدتنا فاطمة عليها السلام المَرْضة التي توفّيت فيها; اجتمعت اليها نساء المهاجرين والأنصار ليَعِدْنَها، فقلن لها: يا بنت رسول الله كيف أصبحت من علّتك ؟ فحمدت الله وصلّت على أبيها صلى الله عليه وآله ثم قالت: “أصبَحتُ واللهِ عائِفَةً3 لدنياكم، قالِية4 لرجالكم، لَفَظْتُهُم5 بَعدَ أنْ عَجَمْتهُمْ6 وَشَنَأْتُهُمْ7 بَعْدَ أن سَبَرْتُهُمْ8، فَقُبحاً9 لفُلولِ الحدِّ10واللَّعبِ بَعدَ الجِدِّ11، وقَرْعِ الصَّفاةِ1213، وخَوْرِ القَناةِ14، وخَطَلِ الرّأيِ15 وزَلَلِ الأهواءِ 16. وَبِئسَ ما قَدَّمَتْ لهم أنفُسُهم أنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيهْمِ وفي العذابِ هُم خالدون. لا جَرَمَ17 والله18 لَقَدْ قَلَّدَتْهُم رِبْقَتها19 وَحَمَّلَتْهُم أَوْقَتَها 20 وَشَنْنتْ عَلَيْهِم غارتها21، فجَدعاً22 وعَقراً23 وسُحْقاً24 للقوم الظالمين.

وَيْحَهُم25 أنّى زَحْزَحوها26 عن رَواسي27 الرِّسالةِ، وقواعِدِ28 النبوّةِ والدّلالَةِ ومَهبِطِ الوحيِ الأمين، والطّبين29 بأمرِ الدُّنيا والدّين،ألا ذلك هو الخسران المبين، وما نَقَموا30 من أبي الحسن ؟ ! نَقَموا واللهِ مِن نَكيرِ31 سيفِهِ، وَقِلَّةِ مُبالاتِه بِحَتْفِهِ وشِدَّةِ وَطأتِهِ32 ونَكالِ33 وَقْعته34 وتَنَمُّرِهِ35 في ذاتِ اللهِ عزّوَجَلَّ.

واللهِ لو تَكافُّوا36 عَن زَمان37 نَبَذَهُ38 رسولُ الله صلى الله عليه وآله لأعْتَلَقَهُ39 ولَسار بِهِم سَيْراً سُجُحاً4041، لا يُكْلَمُ42 خِشاشُه43 ولا يكلّ سائره ولا يُتَعْتَعُ44 راكبهُ، ولأوردهم مَنْهَلاً نميراً45 فَضْفاضاً46 تَطْفَحُ ضِفّتاه47 ولا يَتَرَنَّقُ جانِباهُ 48 ولاصَدَرَهُم بِطاناً49 ونصح لهم سرّاً وإعلاناً قد تحيّر بهم الرّيّ50 غير متحلٍّ منه بطائل51. ولا يحظى من الدنيا بنائل52 إلاّ بِغَمْرِ53 الماءِ وَرَدْعِه54 شَرَرَ الساغِب55 وَلَبانَ لَهُمُ الزّاهِدُ من الرّاغِب والصّادقُ مِنَ الكاذِبِ56ولَفُتِحَتْ عليهِم بَرَكاتٌ مِنَ السماءِ والأرضِ، وسَيَأْخُذُهُمُ اللهُ بما كانوا يكْسِبونَ57.

أَلا هَلُمَّ فَاسْمَعْ58، وَما عِشْتَ أراكَ الدَّهْرُ العَجَبَ، وإنْ تَعْجَبْ فَقَد أعْجَبَك الحادِثُ لَيْتَ شِعري59 إلى أيِّ سِناد60 استَنَدوا وعلى أيّ عِماد اعتَمَدوا وبِأيَّةِ عُرْوة تَمَسّكوا، وعلى أيّةِ ذُرِّيَّة اَقْدَموا واحتنكوا ؟61 لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا62. استبدلوا الذُنابى63 والله بالقوادِمِ والعَجزَ بالكاهِل، فَرَغْماً لمَعاطِسِ قوم يحسبون أنّهُم يُحسِنون صُنْعاً، ألا إنّهم هُمُ المُفْسِدون وَلكن لا يَشْعُرونَ. ﴿وَيْحَهُم أَفَمَنْ يهَدي إلى الحقِّ أَحَقُّ أن يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدّي64 إلاّ أَنْ يُهدى فما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمون﴾َ65. أما لَعَمْري لقد لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَيْثَما تُنْتِج66 ثمّ احْتَلِبوا طِلاعَ القَعْبِ67 دَماً عَبيطاً68، وذُعافاً مُمْقِراً69، هُنالِكَ يَخْسَرُ المُبْطِلونَ، ويَعْرِفُ التالون غِبَّ70 ماسَنَّ71 الأوَّلونَ.

ثمّ طيبوا بعد ذلك عن أنفسكم72 أنفساً73، وَطَأْمنوا لِلْفِتْنَةِ جَأشاً74 ، وابْشروا بِسَيْف صارِم75 وَسَطْوَةِ مُعْتَدغاشِم76 وهَرَج شامِل77، وَاستِبداد78 مِنَ الظالمينَ، يَدَعُ فَيْئَكُم زَهيداً79، وَزَرْعَكُمْ حَصيداً80، فَيا حسرتي لكم، وَأَ نّى81 بِكُمْ وَقَدْ عُمِّيَتْ82 عليكم أَ نُلزِمُكموها وَأَنْتُم لها كارِهون”.

قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها عليها السلام على رجالهن فجاء اليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين، وقالوا: يا سيّدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد ونحكم العقد; لما عَدَلنا إلى غيره، فقالت: ” إلَيْكُمْ عَنيّ ! فَلا عُذْرَ بَعْدَ تَعذيرِكُم وَلا أمْرَ بَعْدَ تَقصيرِكُم “83.

* سلسلة أعلام الهداية-فاطمة الزهراء”سيدة النساء”-، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، ط1، 1422هـ، ج3، ص173-181.

1- بحار الأنوار: 43 / 185.
2- الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 29.
3- عائفة: أي كارهة.
4- القالية: المبغضة.
5- لفظت الشيء من فمي: أي رميته وطرحته.
6- عجمتهم: جرّبتم.
7- شنأتهم: أبغضتهم.
8- سبرتُهُم: اختبرتُهُم، فعلى ما في أكثر الرّوايات المعنى: طرحتهم وأبغضتهم بعد امتحانهم ومشاهدة سيرتهم وأطوارهم.
9- قبحاً ـ بالضمّ ـ: مصدر حذف فعله، إمّا من قولهم: قبّحه الله قبحاً، أو من قبح بالضمّ قباحة، فحرف الجرّ على الأوّل داخل على المفعول، وعلى الثّاني على الفاعل، والفلول بالضمّ: جمع فلّ بالفتح، وهو الثّلمة والكسر في حدّ السيف، وحكى الخليل في العين أنّه يكون مصدراً، ولعلّه أنسب بالمقام.
10- وفي الأمالي: ” فقبحاً لأفون الرأي “. قال الجزريّ: في حديث عليّ عليه السلام: إيّاك ومشاورة النساء فإنّ رأيهنّ إلى أفن، الأفن: النقص، ورجل أفن ومأفون أي ناقص العقل النهاية: 51 / 57.
11- اللّعب بعد الجدّ: أي أخذتم دينكم باللّعب والباطل بعد أن كنتم مجدّين فيه آخذين بالحجّة.
12- وقرع الصّفاة، الصّفاة: الحجر الأملس أي جعلتم أنفسكم مقرعاً لخصامكم حتّى قرعوا صفاتكم أيضاً.
13- من الاحتجاج.
14- الخور ـ بالفتح وبالتحريك ـ: الضعف ” وفي الاحتجاج: صدع: أي شقّ ” والقناة: الرّمح.
15- والخطل ـ بالتحريك ـ: المنطق الفاسد المضطرب، وخطل الرأي: فساده واضطرابه. وفي الأمالي: ” القول ” وفي الاحتجاج: “الآراء”.
16- من الاحتجاج.
17- لا جرم: كلمة تورد لتحقيق الشيء. يعني: حقّاً.
18- من الأمالي.
19- ربقتها: الرّبقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربّقة، ربق، وتجمع على ربق ورباق وأرباق، والضمير في ربقتها راجع إلى الخلافة المدلول عليها بالمقام، أو إلى فدك، أو حقوق أهل البيت عليهم السلام أي جعلت إثمها لازمة لرقابهم كالقلائد.
20- من الاحتجاج وحمّلتهم أوقتها: قال الجوهري: الأوق: الثّقل، يقال: ألقى عليه أوقه، وقد أوّقته تأويقاً أي حمّلته المشقّة والمكروه.
21- قولها: وشننت عليهم غارها، الشنّ: رشّ الماء رشّاً متفرّقاً، والسنّ ـ بالمهملة ـ: الصبّ المتّصل، ومنه قولهم: سنّت عليهم الغارة إذا فرّقت عليهم من كلّ وجه.
22- الجدع: قطع الأنف أو الأذن أو الشّفة، وهو بالأنف أخصّ، ويكون بمعنى الحبس.
23- والعقر بالفتح: الجرح، ويقال في الدّعاء على الإنسان: عقراً له وحلقاً. أي عقر الله جسده وأصابه بوجع في حلقه، واصل العقر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسّيف، ثمّ اتّسع فيه فاستعمل في القتل والهلاك.
24- وفي الاحتجاج: بُعداً.
25- ويح: كلمة تستعمل في الترحّم والتوجّع والتعجّب.
26- الزّحزحة: التّنحية والتّبعيد. وفي الاحتجاج: زعزعوها. والزّعزعة: التحريك.
27- الرواسي من الجبال: الثّوابت الرّواسخ.
28- قواعد البيت: أساسه.
29- الطّبين ـ هو بالطاء المهملة والباء الموحّدة ـ: الفطن الحاذق.
30- يقال: نَقَمْتُ على الرّجل: أي عتبت عليه وكرهت شيئاً منه.
31- والنكير: إنكار سيفه فإنّه عليه السلام كان لا يسلّ سيفه إلاّ لتغيير المنكرات.
32- الوطأة: الأخذة الشديدة والضغطة.
33- النكال: العقوبة التي تنكل الناس.
34- الوقعة: صدمة الحرب.
35- تنمّر فلان: أي تغيّر وتنكّر وأوعد، لأنّ النمر لا تلقاه أبداً إلاّ متنكّراً غضبان.
36- التكافّ: تفاعل من الكفّ: وهو الدّفع والصرف.
37- في الأمالي: زمام. والزّمام ككتاب الخيط الّذي يشدّ في البُرة والخشاش ثمّ يشدّ في طرفه المقوَد، وقد يسمّى المقود زماماً.
38- نبذه: أي طرحه.
39- اعتلقه: أحبّه.
40- السّجح ـ بضمّتين ـ: اللّين السّهل.
41- وفي الاحتجاج بدل ” والله لو تكافّوا ـ إلى قولها ـ لاعتلقه ” وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة لردّهم، وحملهم عليها.
42- الكلم: الجرح.
43- الخِشاش ـ بكسر الخاء المعجمة ـ: ما يجعل في أنف البعير من خشب ويشدّ به الزّمام ليكون أسرع لانقياده.
44- وتعتعت الرّجل: أي أقلقته وأزعجته.
45- المنهل: المورد، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي، ماء قاله الجوهريّ، وقال: ماء نمير: أي ناجع، عذباً كان أو غيره، وقال الصّدوق نقلاً عن الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري: النمير: الماء النامي في الجسد، وذكر في الأمالي بدل كلمة نميراً: رويّاً، والرويّ: سحابة عظيمة القطر، شديدة الوقع.
46- الفضفاض: الواسع، يقال: ثوب فضفاض، وعيش فضفاض، ودرع فضفاضة.
47- ضفّتا النهر ـ بالكسر وقيل وبالفتح أيضاً ـ: جانباه، وتطفح: أي تمتلئ حتّى تفيض.
48- ترنّق: كدر، وصار الماء رونقة: غلب الطين على الماء والترنوق: الطين الّذي في الأنهار والمسيل، والمراد أنّه لا ينقص الماء حتّى يظهر الطين والحمأ من جانبي النهر ويتكدّر الماء بذلك.
49- بطن كعلم: عظم بطنه من الشّبع، ومنه الحديث: “تغدو خماصاً وتروح بطاناً”، والمراد عظم بطنهم من الشّرب.
50- تحيّر الماء: أي اجتمع ودار كالمتحيّر، يرجع أقصاه إلى أدناه، ويقال: تحيّرت الأرض بالماء إذا امتلأت ، ولعلّ الباء بمعنى “في” أي تحيّر فيهم الريّ، أو للتعدية: أي صاروا حيارى لكثرة الريّ، والريّ ـ بالكسر والفتح ـ ضدّ العطش. وفي رواية الشيخ بدل قولها “قد تحيّر” قد خثر بالخاء المعجمة والثّاء المثلّثة، أي أثقلهم من قولك: أصبح فلان خاثر النفس، أي ثقيل النّفس غير طيّب ولا نشيط، وحلي منه بخير كرضي: أي أصاب خيراً.
51- غير متحلّ منه بطائل: قال الجوهريّ: قولهم: لم يحلّ منها بطائل أي لم يستفد منها كثير فائدة.
والتحلّي: التزيّن، والطائل: الغنى والمزيّة والسّعة والفضل.
52- النائل: العطية.
53- التغمّر: هو الشّرب دون الرّيّ، مأخوذ من الغمر ـ بضمّ الغين المعجمة وفتح الميم ـ: وهو القدح الصغير، وفي الاحتجاج: غير ريّ الناهل. والنّاهل: العطشان.
54- الرّدع: الكفّ والدّفع، والرّدعة: الدّفعة.
55- وفي الأمالي: سورة سغب وسورة الشيء ـ بالفتح ـ: حدّته وشدّته، والسّغب: الجوع. وفي الاحتجاج بدل قولها “وردعه شرر الساغب” “وشعبة الكافل” قال الفيروز آباديّ: الكافل: العائل، والذي لا يأكل أو يصل الصّيام، والضامن، انتهى. أقول: يمكن أن يكون هنا بكلّ من المعنيين الأوّلين، ويحتمل أن يكون بمعنى كافل اليتيم، فإنّه لا يحلّ له الأكل إلاّ بقدر البلغة، وحاصل المعنى: أنّه لو منع كلّ منهم الآخرين عن الزّمام الّذي نبذه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو تولّي أمر الاُمة، لتعلّق به أمير المؤمنينعليه السلام أو أخذ محبّاً له ويسلك بهم طريق الحقّ من غير أن يترك شيئاً من أوامر الله أو يتعدّى حدّاً من حدوده، ومن غير أن يشقّ على الاُمّة، ويكلّفهم فوق طاقتهم ووسعهم، ولفازوا بالعيش الرّغيد في الدنيا والآخرة، ولم يكن ينتفع من دنياهم وما يتولى من أمرهم إلاّ بقدر البلغة وسدّ الخلّة.
56- من الاحتجاج.
57- وفي الاحتجاج أضاف قوله تعالى: والّذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيّئات ما كسبوا وما هم بمعجزين الزمر 39: 51.
58- وفي رواية ابن أبي الحديد: ألا هلمّنّ فاسمعن، وما عشتنّ أراكنّ الدهر عجباً.
قولها: وما عشتنّ: أي أراكنّ الدهر شيئاً عجيباً لا يذهب عجبه وغرابته مدة حياتكنّ، أو يتجدّد لكنّ كلّ يوم أمر عجيب متفرّع على هذا الحادث الغريب.
59- ليت شعري: أي ليتني علمت.
60- السناد: ما يستند إليه.
61- قال الجوهريّ: احتنك الجراد الأرض: أي أكل ما عليها وأتى على نبتها وقوله تعالى حاكياً عن إبليس: “ولأ حتنكنّ ذرّيّته” الاسراء 17: 64 قال الفرّاء: يريد: لأستولينّ عليهم، والمراد بالذّريّة ذريّة الرّسول صلى الله عليه وآله.
62- المولى: الناصر والمحبّ، والعشير: الصاحب المخالط المعاشر، وبئس للظالمين بدلا: أي بئس البدل من اختاروه على إمام العدل وهو أمير المؤمنين عليه السلام.
63- الذُّنابى بالضمّ: ذنب الطائر ومنبت الذّنب، والذّنابى في الطائر أربع ذنابى بعد الخوافي وهي مادون الرّيشات العشر من مقدّم الجناح التي تسمّى قوادم، الذّنابى من الناس: السفلة والأتباع. والعجز كالعضد: مؤخّر الشيء، يؤنث ويذكر، وهو للرّجل والمرأة جميعاً، والكاهل: الحارك، وهو ما بين الكتفين، وكاهل القوم: عمدتهم في المهمّات، وعدتهم للشدائد والملمّات، ورغماً، مصدر رغم أنفه أي لصق بالرّغام بالفتح، وهو التّراب، ورغم الأنف يستعمل في الذّل، والعجز عن الانتصار، والانقياد على كره، والمعاطس جمع معطس ـ بالكسر والفتح ـ وهو الأنف.
64- قرئ فـي الآية “يهـدّي” بفتح الهاء وكـسرها وتسديد الـدّال فأصله يهتدي، وبتخفيف الدال وسكون الهاء.
65- يونس 10: 35.
66- وفي بعض نسخ ابن أبي الحديد: أما لعمر الله، وفي بعضها: أما لعمر إلهكنّ، والعمر ـ بالفتح والضمّ ـ بمعنى العيش الطويل، ولا يستعمل في القسم إلاّ العَمَر ـ بالفتح ـ، ومعنى عمر الله بقاؤه ودوامه، ولقحت كعلمت أي حملت، والفاعل فعالتهم، أو فعالهم، أو الفتنة،أو الأزمنة، والنظرة ـ بفتح النّون وكسر الظاء ـ: التأخير، واسم يقوم مقام الانظار، أي انتظروا أو انظروا نظرة قليلة، وريثما تنتج: أي قدر ما تنتج، يقال: نتجت الناقة على ما لم يسمّ فاعله: تنتج نتاجاً وقد نتجها أهلها نتجاً وأنتجت الفرس إذا حان نتاجها.
67- القعب: قدح من خشب يروي الرجل، أو قدح ضخم، واحتلاب طلاع القعب: هو أن يمتلئ من اللّبن حتى يطلع عنه ويسيل. في الاحتجاج: ملء العقب.
68- العبيط: الطريّ.
69- الذُعاف، كغُراب: السّم، والمَقِر ـ بكسر القاف ـ: الصبر ـ وربّما يسكّن ـ، وأمقر أي صار مرّاً. في الأمالي: ذعافاً ممضّاً. وفي الاحتجاج: ذعافاً مبيداً. والمبيد: المهلك، وأمضّه الجرح: أوجعه.
70- غبّ كلّ شيء: عاقبته.
71- في الأمالي: ما أسكن، وفي الاحتجاج: ما أسس.
72- في الاحتجاج: عن دنياكم.
73- في الأمالي: لنتنها. وطاب نفس فلان بكذا: أي رضي به من دون أن يكرهه عليه أحد، وطابت نفسه عن كذا أي رضي ببذله.
74- في الأمالي: ثم اطمئنّوا وفي الاحتجاج: واطمئنّوا. وفي كتاب ناظر عين الغريبين: طأمنته: سكنته فاطمأنّ، والجأش ـ مهموزاً ـ: النفس والقلب أي اجعلوا قلوبكم مطمئنّة لنزول الفتنة.
75- السيف الصارم: القاطع.
76- الغشم: الظلم.
77- الهرج: الفتنة والاختلاط. وفي الأمالي: هرج دائم شامل. وفي رواية ابن أبي الحديد: وقرح شامل، فالمراد بشمول القرح، إمّا للأفراد أو للأعضاء.
78- الاستبداد بالشيء: التفرّد به.
79- والفيء: الغنيمة والخراج وما حصل للمسلمين من أموال الكفّار من غير حرب، والزهيد: القليل.
80- والحصيد: المحصود، وعلى رواية: زرعكم، كناية عن أخذ أموالهم بغير حقّ، وعلى رواية، جمعكم يحتمل ذلك، وأن يكون كناية عن قتلهم واستئصالهم. وفي الأمالي والاحتجاج: جمعكم حصيداً.
81- وأنّى بكم: أي وأنّى تلحق الهداية بكم، وعميت عليكم ـ بالتخفيف ـ: أي خفيت والتبست، وبالتشديد على صيغة المجهول أي لبّست.
82- وأنّى بكم: أي وأنّى تلحق الهداية بكم، وعميت عليكم ـ بالتخفيف ـ: أي خفيت والتبست، وبالتشديد على صيغة المجهول أي لبّست.
83- مصادر الخطبة: معاني الأخبار لابن بابويه، والاحتجاج للطبرسي، والأمالي للشيخ الطوسي، ودلائل الإمامة للطبري، و بلاغات النساء لأبي الفضل بن أبي طاهر، وكشف الغمّة للأربلي، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل