أمّ أبيها هي من الكنى الخاصّة المأثورة لـفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وقد ذُكِرت أسباب في التكنية، من جملتها: أنها كانت تعامل أباها كالأم وأنها أصل شجرة النبوة والأمّ تعني الأصل.
الروايات الواردة في كنيتها
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (إن فاطمة تكنى بأم أبيها)، المصدر: الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 29.
وفي كشف الغمة: (إن النبي كان يعظم شأنها، ويرفع مكانها، وكان يكنيها بأم أبيها)
خصائص الزهراء
شاء الله عزَّ وجلَّ أن تكون السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فريدة في سجاياها ومناقبها وخصائصها وأدوارها وحتى في ظُلامتها، فأصبحت عليها السلام متميزة في كل شيء، فاجتباها ربها لأن تكون سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
وتبعاً لهذا الإجتباء والإصطفاء نرى أن أباها المصطفى (ص) قد أولاها من التقدير والاحترام والاهتمام ما لم يولِ أحداً سواها وسوى زوجها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كل ذلك بتدبير رباني وحكمة إلآهية ليُعرف قدرها ومنزلتها الفريدة، ولكي لا ينافسها أحدٌ في ما خصَّها الله تعالى.
ام ابيها
إن من مصاديق الاهتمام الخاص الذي كان يتكرر من جانب النبي المصطفى (ص) تجاه إبنته فاطمة الزهراء (ع) وعلى مرأى ومسمع من الصحابة وأمهات المؤمنين هومناداتها بكنيةٍ تسترعي الانتباه الخاص ألا وهي “أمّ أبيها”.
ما هوسبب تكنيتها بام ابيها ؟
لا شك أن هذه الكنية تحمل في طياتها دلالات ظريفة وعميقة في نفس الوقت، ولعل هناك أكثر من سبب وراء تكنية الزهراء بهذه الكنية.
السبب الأول رعايتها المتميزة لأبيها
أن الزهراء صلوات الله عليها كانت ترعى رسول الله صلى الله عليه وآله رعاية متميزة كرعاية الأم لولدها، فكانت لرسول الله (ص) بمثابة الأم الرحيمة والعطوفة التي تغدق عليه حنانها ومحبتها، بل كانت له أكثر حناناً وعطفاً وشفقة من الأم.
السبب الثاني تقدير النبي لها
لعل النبي صلى الله عليه وآله أراد بتكنيته لها بهذه الكنية أن يظهر تقديره وحبه وحنانه تجاهها بإظهار المحبة لها على مستوى محبته صلى الله عليه وآله لأمه البارة الحنونة السيّدة آمنة بنت وهب رضوان الله عليها ليعرف الجميع بأن إبنته الزهراء هي موضع دلاله وتقديره وحبه وحنانه على هذا المستوى الرفيع.
السبب الثالث بيان أفضليتها على امهات المؤمنين
ولعل السبب الأهم في تكنيتها بأم أبيها هوإظهار أفضلية الزهراء عليها السلام على نساء النبي صلى الله عليه وآله وأمهات المؤمنين، حيث أن نساء النبي هن بمثابة الأمهات بالنسبة للمؤمنين، إذ يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ … ﴾ (الأحزاب، آية: 6)، فأراد رسول الله (ص) أن يُبيِّن أن إبنته فاطمة الزهراء (ع) أرفع شأناً ومنزلة من أزواجه أمهات المؤمنين، فهن رغم ما لهن من المنزلة والاحترام بإعتبار كونهن زوجات النبي (ص) وأمهات المؤمنين، إلا أن فاطمة الزهراء (ع) أعلا شأناً منهن، لأنها أم النبي محمد (ص) وهوأشرف الخلق وأفضلهم جميعاً بما فيهم المؤمنين والمؤمنات، بل الأنبياء والمرسلين، فأين هذه الفضيلة من تلك.