أعمال أم داوود، هي من العبادات والأدعية المؤكدّة في شهر رجب. ذكرها الشيخ عباس القمي في المفاتيح من جملة أعمال النصف من الشهر، وذلك بعد صيام الأيام البيض، فمن يعتكف من اليوم الثالث عشر من رجب يختم اعتكافه في اليوم الخامس عشر بأعمال أم داوود.
تقول أم داود أنها بعد أن أتت بهذه الأعمال أطلق سراح ابنها ورجع إلى البيت، ويعتقد علماء الشيعة كالشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس أن هذه الأعمال مؤثر في قضاء الحوائج ودفع الظلم.
أم داوود
أم داوود هي زوجة الحسن المثنى وأم الإمام الصادق (ع) من الرضاعة، وكنيت بأم داوود لاسم ابنها داوود بن الحسن، وقد اختلف في اسمها بين فاطمة وحبيبة. فورد أخبارها ضمن دعاء أم داوود, وهناك دعاء روتها عن الإمام الصادق (ع) لخلاص ابنها داوود من سجن المنصور الدوانيقي.
حكاية الدعاء
ورد حكاية دعاء أم داوود في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة للشيخ الصدوق، وإقبال الأعمال للسيد بن طاووس بالتفصيل، وملخصها:
ألقي القبض على داوود بن أم داوود من قبل المنصور، وأخذ إلى العراق، ولفترة طويلة انقطعت أخباره، فتضرعت أم داوود إلى الله لخلاص ابنها، حتى أنها استعانت بالزهاد والعباد أن يدعو لابنها، ولكن لم تنفع الدعوات، وفي أحد الأيام زارت أم داوود الإمامَ الصادق (ع)، واستخبر عن داوود، فحكيت له الحال، فأوصاها الإمام الصادق (ع) بأن تصوم أيام البيض من شهر رجب وهي 13 و14 و15، وعلّمها أعمالا تأتي بها في ظهر 15 رجب، فسميت بأعمال أم داوود، ومنها دعاء الاستفتاح وهو دعاء أم داوود.
وبناء على ما ورد في الأخبار أن أم داوود بعد أن أتت بهذه الأعمال رأت النبي (ص) في المنام، وبشرها بخلاص ابنها، وبعد فترة عاد ابنها، وقال: اطلق سراحه في منتصف رجب.
كيفية الأعمال وشروطها
أمّا كيفية الإتيان بها فقد ذكر ذلك الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان، وهو العمل الخامس من أعمال يوم النصف من شهر رجب، فيقول: دعاء أمّ داوُد وهو أهمّ أعمال هذا اليوم ومن آثاره قضاء الحوائج وكشف الكروب ودفع ظُلم الظالمين، وصفته على ما أورده الشّيخ في المصباح هي أنّ من أراد ذلك فليصم اليوم الثّالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر، فإذا كان عند الزّوال من اليوم الخامس عشر اغتسل، فاذا زالت الشّمس صلّى الظّهر والعصر يحسن ركوعهما وسجُودهما، وليكن في موضع خال لا يشغله شاغل، ولا يكلّمه انسان، فإذا فرغ من الصّلاة استقبل القبلة، وقرأ:
الحمد مائة مرّة
الإخلاص مائة مرّة
آية الكرسي عشر مرّات
ثمّ يقرأ بعد ذلك سُورة الأنعام، وبني إسرائيل، والكهف، ولقمان، ويس، والصّافات، وحم السّجدة، وحم عسق، وحم الدّخان، والفتح، والواقعة، والملك، وسورة ن، و (اذا السّماء انشقّت)، وما بعدها الى آخر القرآن.
فاذا فرغ من ذلك يقرأ دعاء أم داوود والذي يبدأ بـ “صَدَقَ اللهُ العَظيمُ الَّذي لا اِلـهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ، ذُو الجَلالِ وَالاِكرامِ”.
فضيلة الدعاء
ذكر الشيخ الصدوق أن الإمام الصادق (ع) قبل أن يعلّم هذا الدعاء بيّن لأم داوود فضائله، وأنّ الله يفتح لمن يدعو به أبواب السماء، والملائكة تبشر بإجابته، وأقل ثوابه لصاحبه الجنة.
هناك من علماء الشيعة البارزين كـالشيخ الطوسي، والسيد بن طاووس، ومحمد باقر المجلسي ذكروا أن دعاء أم داوود له تأثير في حل المشاكل، وقضاء الحوائج، ودفع الظلم.
وفي الآونة الأخيرة أن المتعكفين الذين يعتكفون في أيام البيض من شهر رجب يأتون بأعمال أم داوود في اعتكافهم.
مصادر الدعاء
وردت أعمال أم داوود في مختلف مصادر الحديث عند الشيعة، فأقدم كتاب يروي هذه الأعمال هو فضائل الأشهر الثلاثة للشيخ الصدوق، لكن في هذا الكتاب يكتفي الصدوق بذكر سند الدعاء وقصته، ولقراءة نص دعاء يرجع القارئ إلى كتابه الآخر كتاب “عمل السنة”، لكن فقد هذا الكتاب، ولم يعد له أثرا.
والمصدر الآخر الذي ورد فيه هذه الأعمال هو مصباح المتهجد للشيخ الطوسي (ت 460 هـ)، ولم يذكر قصته واكتفى بالدعاء، وذلك ضمن أعمال منتصف رجب، وأما إقبال الأعمال للسيد بن طاووس فإنه ذكر نص الدعاء مع قصته، والحاكم الحسكاني (ت 490 هـ) أحد علماء السنة ذكر الدعاء في كتاب فضايل شهر رجب.
وردت أعمال أم داوود في البلد الأمين والمصباح للكفعمي، وبحار الأنوار للمجلسي، ومفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي أيضا، وذلك نقلا عن الكتب الماضيين.