Search
Close this search box.

دور العبادة في الاسلام

دور العبادة في الاسلام

دور العبادة السماوية او غيرها لها اهمية خاصة فيما يتعلق بالقدسية والوظيفة التي اسست من اجلها او من حيث الاستفادة من وظائف اخرى اقترنت بها من زمن نشوئها او تطورت لتكون محتواة لعدة وظائف اهمية واساسية في حياة الانسانية وطبيعة التعاطي معها . على مر التاريخ البشري نجد ان دور العبادة الاولية او الابتدائية قد اقترنت بالتعبد واستمرت لفترة طويلة على هذا النحو ورافقها بعض العلاقات ذات البعد الانساني من امثال الاحتماء بها اثناء الكوارث الطبييعية او اعانة الضيوف وما شابه ذلك ، لانها تعتبر ملكا مشاعا كون بنائها في الاول من قبل الناس جميعا وتحت اشراف الملوك الالهة او ما يسمى العبادة التوصلية ، اصبحت دور العبادة مكانا يلجأ اليه الحكام سواء كانوا الهة في عقيدة بعض الشعوب او خدمة لتلك الالهة لأجل الحصول على مبتغياتهم من الحصول على الجواري او الاموال بعنوان القربانية او مطالبة الشعب وقت العتبد ببعض الاوامر والنواهي للتنفيذ باعتبار مدخلية ذلك بالتقرب من الاله ، ونطورت فكرة التعبد في تلك الدور وقد تنبه السلاطين والحكام سواء ممكن يعتقد بقدسيتهم وانهم مختارون من الله او ممن لا اعتبار لذلك المهم ان محلية ومكانية العبادة اخذت من افكار واذهان الحكام اهمية في ترسيخ وتاسيس قدسية الحكومة ووجوب دعمها من قبل الشعب واستمرت هذه الحالة الى تاسيس الفكرة القائلة بان دار العبادة ومن يعمل فيها مقدس ولا يمكن المساس به لكونه اقرب الناس الى المعبود والقائم بخدمته . عندما اصبحت الفكرة تتحول شيئا فشيئا الى الملوك وانهم رعاة الدين لسد الطريق على اصحاب الافكار النقية والثورية المرتبطة بالمعبود التي ترى عبودية المعبود الازلي منزهة عن عبودية المحدود وهو الانسان والتي تطورت تلك الحالة الى تقديس الحكام واعتبارهم ابناء الالهة كما في الديانه الفرعونية القديمة وبعض ديانات الرومان وبلاد الرافدين والتي يمكن اعتبارها اصلا من اصول تاسيس بني اسرائيل لخدام الكنيس اليهودي فلم يستطع النبي موسى عليه السلام اختزال تلك الفكرة من الديانات اليهودية القديمة في دينه التواراتي الرباني وقد اختلق عباد الاوثان اليهود بنقل تلك الكيفية للسيطرة على الدين الجديد بان اعتبروا بعض انبيائهم ملوكا لتاصيل فكرة ارتباط العبادة بالملوكية وهي مرحلة خطيرة في التاسيس لهذه الفكرة التي تطورت الى القول بشعب الله المختار كون الملوك انبياء وإن صح ذلك إلا انه لايبعد الاستفادة من دور العبادة والتي اطلقوا عليها الهياكل المقدسة ، ومن جاءت مقولة الناس على دين ملوكهم.حتى تجد في بعض الازمنة من شيد منهم مساجد وسماها باسمه او ما يعرف انها تابعة له ، فتجد مسجد زايد ومسجد فلان او ال فلان وغيره.
بقيت فكرة ان الملوك الهة او ابناء الهة او انبياء او اوصياء انبياء بمعنى وراثة النبوة وبقائها في نسل واحد وان لا دين او تعبد خلاف ذلك واستمرت فكرت سلطنة المعابد او دور العبادة في كل مراحل التاريخ الامر الذي ادى الى عدم وجود حالات من النقد والاشكال على تصرفات الملوك والحكام او من يعينوه بديلا عنهم ، حاول الانبياء واوصيائهم جاهدين الى استقلالية دور العبادة عن السلطة وهي الفكرة التي اسست من اجلها تلك الوظيفة ، ومن خلال التعاطي مع فكرة استقلالية الدور العبادية وروادها عن السلطة الامر الذي لا يقبله الحكام وقد حاولوا جاهدين الى بقائها تحت هيمنتهم كونها اقدس ما يقبل منه الناس لاسيما من عوام الناس وان ما يخرج من دور العبادة منُزه ومقدس لابد من اتباعه وعدم مخالفته لاي سبب كان ونجد ان ذلك في الديانات القديمة وغيرها اصبح واضحا ومن اجلى صور ذلك هو ما كان عند اليهود والمسيحيين بشكل واضح فكان الامبراطور راعي دار العبادة منزه عن النقص استخدمها الحكام وسيلة لمحاربة الديانات اللاحقة كبداية الدعوة العيسوية والديانه الاسلامية واستمرت حالة الاستيلاء على دور العبادة الى ان اتضحت الاهداف للجميع . ان الرغبة في ذلك هو لأجل المنافع الشخصية وليس العبادية والاعتقادية ، وقد شخص المفكرين الاوائل الاحرار تلك الهدفية وواجهوها بشكل جدي من خلال الرؤيا السماوية لأهمية دور العبادة واستقلاليتها عن الحكام وعاظ السلاطين . استمرت تلك المواجهة بشكل كبير وما زالت الى اليوم بعض الحكام والملوك لاسيما في شرق وحنوب اسيا يمارسون هذا النوع من الاستيلاء على دور العبادة لذا تجدهم فعالين في مواجهة الاسلام . لقد اهتم النبي الاعظم بفكرة دور العبادة ووضع لها مصطلحا خاصا وهو المسجدية قبل الجامعية فقد انشا الرسول اول المساجد عند الدعوة فقد كان يتعبد في غار حراء الى ان انتقلت الدعوة الى المقربين فكانت في بيته مع خواصه من اهل بيته ومن يثقون به، استمرت حالة التعبد في (اول مسجد ووضع الناس للذي ببكة مباركا فيه ايات بينات ) كما وصف ذلك في القران واشارة الى الايات البينة على صحة المسجدية ، واعتبرالاسلام في احكامه باقي دور العبادة الاخرى الغير اسلامية بنفس الاحكام بالحرمة وجواز التعبد وعدم المساس بها بأي شكل من الاشكال وقول الله تعالى واضح في هذا الامر(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) الجن/18 وغيرها من الايات الكثيرة التي تؤكد على اهمية المسجدية في الانسانية قبل الاسلامية ، وقد وصفت العبادة في المسجد الذي وجد لاجل الاجتماع وليس التفرد في العبادة فاصل المسجدية في كل الديانات هو الاجتماع في التعبد والتوسل والذكر ولا مانع من ممارسة بعض العبادات الفردية في المسجد لكن الاصل هو التجمع فيه وقد جاءت هذه الاية موضحة ذلك(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) التوبة /18 نعم ولا يستخدم الاسلام مصطلح غير المسجدية في لغته مع باقي الالديان لأقراره بان المسجدية مستقلة حتى عن نوعية وشخصية التدين . عمل الحكام وعبدة الاوثان في كل الازمنة الى التقليل من اهمية المسجدية لانه يعتبر كل ما يعبد الله فيه مسجد وله حرمة وإن تفترق عن بعض احكام المسجدية فيسمى المسجد الذي كان يعتبر محل عبادة لانبياء اليهود مسجدا اقصى في مقابل المسجد الحرام الذي يعتبر مسجدا ادنى من الناحية الجغرافية لأهل الحجازوهذا الاحتواء لدور العبادة يؤكد انه لا خلاف في اهمية وخطورة دور العبادة لذا ترى بني صهيون من الاسرائيليين ينادون خلاف ذلك يقولون هيكل سليمان وهو خلاف رسالة الاسلام الذي سماه مسجدا بمعنى مقبول بموجب احكام الاسلام وشريعته وهو رد واضح الى نظرة الاسلام بمقبولية دعوة باقي الانبياء بل وجودب الاعتقاد بهم . نعم اصبح المسجد مصطلحا عاما لكل دور العبادة لجميع الديانات وان لختلفت تسميتها الغير اصيلة كالدير والكنيسة والمعبد ولكنها هي محل للدعوة الى الله ومظهرا لاظهار الطاعة والولاء له سبحانه وتعالى .
المهم ان نعرج على وظائف المسجدية في الاسلام وهي كما ذكرها من سبقنا من علماء ومفكرين ومؤرخين ومحللين ودعاة يمكن ان ندرجها بما يلي:
1- الدعوة الى الله وهو التبليغ بالمعنى الاولي وتبيان حقيقة الدين ونظرته الى الحياة بوجوب اتباعها وعمق ذلك الدين وشموليته لجميع ما هو مادي ومعنوي .
2- التبليغ بالاحكام الخاصة والعامة للانسانية عامة .
3- محل لتداول الامور المربوطة بمنهج الاسلام في ادارة الحياة العامة والخاصة .
4- القيادة فهو محل القيادة الاولى للاسلام والمسلمين وقد اوضح ذلك الرسول (ص) في الخطب التي يلقيها او من لحقه من الخلفاء حيث كانت تؤخذ البيعة من المسلمين في المسجد ولاسيما خليفة المسلمين الامام على بن ابي طتالب (ع) الذي كان مميزا في تاهيل المسجد من الناحية التبليغية والحوارية والعلمية والاجتماعية فكانت معظم قضايا الحكومية وغيرها يؤديها في المسجد يريد ان يبين ان المسجد هو محل الاسلام الاول وفيه لابد ان تتم امور المسلمين فيما يخصهم ويخص غيرهم ولم ند مجلسا له عليه السلام خارج المسجد متبعا ومقتديا برسول الله (ص) . ولكي يفهم الناس ان محلية اصدار الاوامر والاحكام هي عين ما يريده الاسلام وجاء به.
5- محل لطلب العلم والمعارف المختلفة والثقافات المتنوعة لكي يتم مقارنتها بما جاء به الاسلام وان تكون موافقة للعقل والانسانية التي جاء بها الاسلام ، فنجد العلماء والمفكرين والمحدثين والمؤرخين والادباء والفلاسفة وغيرهم من جميع الاديان يجلسون في المساجد لقيوموا بدورهم الفعال فتجد الكيميائي والجغرافي وغيرهم من كل التخصصات في المسجد لذا كان مدرسة عامة وفيها تخصصات وروابط علمية كبيرةوكثيرة.
6- العلاقات الدولية وغيرها كانت في المسجد يتم ممارستها فيستقبل رسول الله رسول الروم وكسرى وغيرهم من الممالك في المسجد ويقرأ عليهم تلك المخاطبات وكذلك ما حصل في ازمنة الامويين الذين اساءوا الى المساجد وحرمتها في نظر ونفوس المسلمين وغيرهم فتجد بعض ملكوهم يدخلون وهم سكارى وقد يدخلون حيوانات معهم لتنديس قدسية واهمية المسجد ، والاستهتار بعقائد الناس ومنها القدسية للمساجد وكذلك فعل ملوك بني العباس الذين كانوا اكثر فطنة وذكاء من بني امية .
7- محل لعقد الخطط العسكرية واستخدامها للنفير المجتمعي.
8- المساعدة في حالة الكوارث الطبيعية والنكبات وغيرها مما يعتبر طارئا.
وهناك امور كثيرة لا حصر لها في المسجدية كون بعضها مركزي في العباده ومنها التوجه الى المسجد الحرام في الصلاة ووجوب ذلك ومنها انتقل الى الجامعية فتجد المسجد الجامع الذي يعتبر مركزيا لمساجد جغرافيا معينة ، تقدم فيه الكثير من الامور التي لا يقدمها المسجد العادي نعم هناك مركزية للمسجدية في الاسلام واهميته .واليوم نجد ان الثقافات المضادة استطاعت ان تقلل او تشكك من اهمية المسجد في حياة الانسانية عموما والاسلامية خصوصا فتجدها خالية من المؤمنين وإن ارتادها فكثير منهم ليسوا من المخلصين ولهم غايات اخرى غير الدعوة الى الحق والانسانية ويقومون بتوهين الاخرين باهمية المسجد . لذا تجد في احاديث ومرويات المسلمين شكاية المسجد انه خال من فعاليته في المجتمع ،يقول الإمام الصادق عليه السلام: “ثلاثة يشكون إلى الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة: مسجد خراب لا يُصلّى فيه أهله، وعالمٌ بين جهّال، ومصحفٌ معلّق قد وقع عليه غبار لا يُقرأ فيه” ونجد ذلك بوضوح في تغييب الوظائف الحقيقية للمسجد وهي دعوة باطة ومظللة.
في الخاتمة وليس الختام هناك بعض الامور التي تساعد على اعادة روح المسجدية الى عهدها الموضوعي ومنها:

1- النظافة
إن أول ما يلفت انتباهنا عند مشاهدة الشخص هو نظافة اللباس والبدن… ما يؤســـف له أن مساجدنا اليوم لا تحظى بنظافة لائقة. يجب أن تكون مساجدنا كالمسجد الحرام ومســـــــجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
جاء في الحديث الشريف: “من كنس مسجداً يوم الخميس ليلة الجمعة فأخرج منه التراب ما يضرّ في العين غفر له”. ألا يعني هذا الحديث عدم وجود حتى الغبار في المسجد؟ إن أول ما يجب أن يهتم به متولي المساجد هو نظافتها. يجب أن تحظى المساجد بنظافة دائمــــــة ومستمرة.
2-النظام‏
يجب أن يكون المسجد منظماً ويجب أن تتضح ساعة افتتاح المسجد وساعة إغلاقه حتى لا يقع الناس في الحيرة، لذلك يجب أن يسيطر النظام على جميع برامج المسجد.
3-عدم الأذية
يجب أن لا يشكل المسجد نوعاً من الأذية للجيران. وقد وصل الأمر في بعض الأماكن أن الذي يريد شراء منزل على سبيل المثال، يرفض شراءه قرب المسجد. حيث يستـــمر بث البرامج عبر الميكرفون إلى قرابة 12 ليلاً، هل من الضروري وضع المكبرات على ظهر المسجد؟ يمكننا رفع الآذان فقط عبر المكبرات، لا بل يجب تأدية الآذان عبر المكـــبرات بصوت مقبول. وعلى هذا الأساس فإن رفع صوت المكبرات في كافة برامج المســـــجد. وعدم وجود موقف للسيارات، ووجود روائح كريهة، كلها من جملة مسائل إيجاد الأذى للناس. لقد جعل المسجد للناس ولم يجعل عليهم.
4 التخطيط
يجب القيام ببرامج متنوعة تتناسب مع الناس والأعمار… ويجب وجود برامج للصغــــار والشباب والطلاب… برامج الدعاء تكون للمتعلقين بالدعاء ويجب أن يكون للآخرين برامج حسب توجهاتهم .

يقول البعض: لا تسمحوا للأطفال بدخول المســــــجد، لأنهم يسببون الضجيج. ولا تسمحوا للنساء بدخول المسجد، لأن البيت مسجــــــد المرأة، ونحن نقول: من الواجب حضـــــــــور الأطفال إلى المسجد. ومن الواجب حضور النســـاء إلى المسجد، وإجازة الزوج ليـــــــست شرطاً، على أساس أن المسجد هو المحـــــل الوحيد لتعليم الإسلام. إذا لم يأتوا إلى المسجد فسيهربون من الإسلام.إجازة الزوج شرط في المستحبات وفي الواجبات ليست كذلك. إذا لم تأتِ السيدة إلى المسجد، فأين تتعلم الإسلام.
دعوا الأطفال يرتادون المسجد، وليحدثوا الضجيج، يمكننا تذكيرهم بذلك، وليكسّروا بعض الأشياء ونحن نشتري البديل. وفي النهاية سيتعلمون شيئاً فشيئاً، فإذا لم يحضر الطفل إلى المسجد، فلن يدخله عند الكبر.
كانت جدتي تصطحبني إلى المسجد. وتطلب مني إحضار التربة وتشجعني على ارتياده. لذلك عندما كنا نأتي المسجد كنا نعتبـــــره مكاناً محبباً مغروساً في أعمــــــــاق أرواحنا.
5- السلوك الحسن‏
يجب على إمام الجماعة، وهيئة الأمناء والخادم معاملة الناس باحترام. لا يوجد أي إشكال إذا ما وقف طفل أو طفلان في الصف الأول، إذا طلبنا منه الرجوع إلى الصفوف الخلفية فلن يعود إلى المسجد. نعم يمكن إرجاعهم إلى الصفوف الخليفة باحترام.
6 – الامتناع من الإفراط والتفريط في برامج المسجد
يحاول البعض إحضار بعض الأشياء إلى المسجد كالأفلام والألبسة الرياضية و… ونحن نقول لهم: هذه أمور جيدة ولكن المسجد ليس مكاناً لها بل يمكن اختيار مكان آخر، بينما يحاول البعض التفريط في مقابل هؤلاء الأشخاص.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل