لقد تحرّك أئمّتنا جميعًا في هذا الخطّ، من أجل أن تُسيطر الحاكميّة الإلهيّة وحاكميّة القانون الإلهيّ على المجتمعات. لقد بُذلت الكثير من الجهود والجهاد والآلام والمحن والسّجون والنّفي والاستشهاد المليء بالثّمار والعطاء. واليوم أنتم وجدتم هذه الفرصة مثلما أنّ بني إسرائيل وبعد قرونٍ قد وجدوا هذه الفرصة في زمان سليمان النبيّ وداوود.
إنّ الطريق الّذي سلكتموه يا أبناء شعب إيران العزيز، استمرّوا عليه وتحرّكوا وأكملوا هذا الطّريق، وهو الطّريق الّذي لحسن الحظّ نُشاهد اليوم الشّعوب المسلمة في مختلف أرجاء العالَم الإسلاميّ تتحرّك نحوه بالتدريج، وشيئًا فشيئًا. يقول الله تعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)1، فلو أنّنا جعلنا هذه التّقوى منهاج عملنا، فمن المسلّم أنّ عاقبة الأمر ستكون من نصيب الأمّة الإسلاميّة وإنّ هذا المستقبل لن يكون بعيدًا، إن شاء الله.
أذكر جملةً واحدة في الختام، فيما يتعلّق بضرورة الارتباط العاطفيّ والمعنويّ والرّوحيّ بإمامنا العظيم وليّ الله المعصوم، بالنسبة لكلّ واحدٍ منّا. القضيّة لا ينبغي أن تجعلوها محدودة في إطار التّحليل الفكريّ والاستنارة الفكريّة. فذاك المعصوم، الّذي هو صفيّ الله، يعيش اليوم بيننا نحن البشر في مكانٍ ما من هذا العالَم ونحن لا نعلمه. إنّه موجودٌ، ويدعو، ويقرأ القرآن، ويُبيّن المواقف الإلهيّة، إنّه يركع ويسجد ويعبد ويدعو ويظهر في المجامع ويُساعد البشر. فله وجودٌ خارجيّ ووجودٌ عينيّ، غاية الأمر أنّنا نحن لا نعرفه. إنّ هذا الإنسان الّذي اصطفاه الله، موجودٌ اليوم، ويجب أن نُقوّي علاقتنا به من الناحية الشّخصيّة والقلبيّة والروحيّة، بالإضافة إلى الجانب الاجتماعيّ والسّياسيّ والّذي بحمد الله صار نظامنا متوجّهًا نحو ما يريده هذا الإنسان العظيم إن شاء الله. فليجعل كلّ واحدٍ من أبناء مجتمعنا توسّله بوليّ العصر وارتباطه به، ومناجاته معه، وسلامه عليه، وتوجّهه إليه، تكليفًا وفريضةً وليدعو له كما لدينا في الروايات وهو الدعاء المعروف “اللهمّ كن لوليّك”2 الّذي يُعدّ من الأدعية الكثيرة الموجودة، ويوجد زياراتٌ في الكتب هي جميعًا بالإضافة إلى وجود البعد الفكريّ والوعي والمعرفة فيها، يوجد فيها أيضاً بعدٌ روحيّ وقلبيّ وعاطفيّ وشعوريّ وهو ما نحتاج إليه أيضًا. إنّ أطفالنا وشبابنا ومجاهدينا في الجبهة يحصلون على الرّوحية والمعنويّات بالتوجّه والتوسّل بإمام الزمان ويفرحون ويتفاءلون. وببكاء الشّوق ودموعه المنهمرة يُقرّبون قلوبهم إليه، وهم بذلك يعطفون نظر الحقّ وعنايته إليهم، مثلما أنّ ذلك يتحقّق مع الإمام ويجب أن يكون موجودًا.
يا إمام الزّمان! أيّها المهديّ الموعود المحبوب عند هذا الشّعب! يا سلالة الأنبياء الأطهار! ويا وارث كلّ الثّورات التوحيديّة والعالميّة! إنّ شعبنا هذا قد انبعث بذكرك واسمك واختبر لطفك في حياته وفي وجوده. أيّها العبد الصالح لله! إنّنا اليوم بحاجة إلى دعائك الّذي ينبعث من قلبك الإلهيّ والربّانيّ الطّاهر ومن روحك القدسيّة من أجل انتصار هذا الشّعب وهذه الثّورة، ونحتاج إلى يد القدرة الإلهيّة الّتي جُعلت فيك لتُساعد هذا الشّعب وطريقه. “عزيزٌ عليّ أن أرى الخلق ولاتُرى”3، يا إمام الزّمان إنّه لصعبٌ جدًّا علينا أن نرى أعداء الله في هذا العالَم وفي هذه الطّبيعة المترامية الّتي هي لعباد الله الصّالحين، ونتلمّس آثار وجود أعداء الله ولكن لا نراك أنت ولا نُدرك فيض حضورك.
اللهمّ! بمحمّد وآل محمد نُقسم عليك أن تطرّي قلوبنا بذكر إمام الزّمان دائمًا.
اللهمّ! نوّر أعيننا بجمال وليّ العصر.
اللهمّ! اجعل هؤلاء الّذين يُجاهدون في سبيلك جنود إمام الزمان والمضحّين بين يديه.
اللهمّ! بمحمّد وآل محمّد، ارضِ القلب المقدّس لوليّك المعصوم عنّا. واجعلنا من المتوجّهين والمتوسّلين به.
اللهم! بحرمة محمّد وآل محمّد عجّل فرجه وعجّل قيام تلك الحكومة الإلهيّة.
اللهمّ! بمحمّد وآل محمّد، اجعلنا من أتباعه وشيعته في جميع أحوالنا وأمورنا.
1- سورة الأعراف، الآية 128.
2- الشيخ الكليني، الكافي، ج 4، ص 162.
3- العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 99، ص 108.