تصرّمت ليالي شهر رمضان المبارك، وانتهت أيّامه، بعضنا قضاها في العبادة والاستغفار، وبعضنا قضاها في اللعب والتسلية، بعضنا استثمر أوقاته، وبعضنا القاها في التيه.
رَبِحَ من استغل شهر رمضان لتصحيح الذات، وبناء الضمير ومراجعة النفس، فيمن ظلم، وسرق، وآذى وقطع…
تلك حقيقة: إننا إذا لم نعرف قيمة الوقت، فلن نعرف قيمة الانتصار، وإن الزمن الذي نلهو به، يلهو بنا.
وهنا تأتي مناجاة الصائمين:
إِلهِي وَقَفَ السَّائِلُونَ بِبابِكَ،
وَلاذَ الفُقَراءُ بِجَنابِكَ
وَوَقَفَتْ سَفِينَةُ المَساكِينِ عَلى ساحِلِ بَحْرِ جُودِكَ وَكَرَمِكَ
يَرْجُونَ الجَوازَ إِلى ساحَةِ رَحْمَتِكَ وَنِعْمَتِكَ.
إِلهِي إِنْ كُنْتَ لاتَرْحَمُ فِي هذا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إِلاّ مَنْ أَخْلَصَ لَكَ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ
فَمَنْ لِلْمُذْنِبِ المُقَصِّرِ إِذا غَرِقَ فِي بَحْرِ ذُنُوبِهِ وَآثامِهِ ؟
إِلهِي إِنْ كُنْتَ لاتَرْحَمُ إِلاّ المُطِيعِينَ فَمَنْ لِلْعاصِينَ ؟
وَإِنْ كُنْتَ لاتَقْبَلُ إِلاّ مِنَ العامِلِينَ فَمَنْ لِلْمُقَصِّرِينَ ؟
إِلهِي رَبِحَ الصَّائِمُونَ، وَفازَ القَائِمُونَ، وَنَجا المُخْلِصُونَ، وَنَحْنُ عَبِيدُكَ المُذْنِبُونَ.
فَارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ،
وَاعْتِقْنا مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا بِرَحْمَتِكَ.
يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ]. (1)
___________
(1): هامش كتاب مفاتيح الجنان ص 236 عن كتاب أنيس الصالحين.