Search
Close this search box.

ضرورة التهيؤ النفسي والسلوكي لاستقبال عيد الفطر

ضرورة التهيؤ النفسي والسلوكي لاستقبال عيد الفطر

عندما نقف على أعتاب نهاية شهر الله، ونقترب من ليلة العيد، لابد أن نتساءل: ما هو واجبنا في الأيام المتبقية من شهر رمضان الكريم؟

وللجواب نقول: لابد أن نلح على الله عز وجل في أن يغفر لنا فيما بقي من شهر رمضان، إن لم يكن قد غفر لنا فيما مضى منه، وأن لا يدع هذا الشهر الكريم ينقضي عنا دون أن يشملنا بواسع رحمته. فليالي شهر رمضان كلما اقتربت من نهايتها، كلما كانت أكثر استيعاباً للرحمة الإلهية، واستجابة الدعاء.

وفي ليلـة العيد يغفــر الله عز وجل لعباده بقدر ما غفر لهم في ليالي رمضان بأجمعها. فإن فاتتنا المغفرة فيما مضى من هذا الشهر، فلنسع جاهدين من أجل أن لا تفوتنا فيما بقي منه، وهذا هو واجبنا الأول.

أما الواجب الثاني فيتمثل في ضرورة التهيؤ النفسي والسلوكي لاستقبال عيد الفطر. فكيف نستعد لهذا العيد، بل ما هو هذا العيد أساساً؟

العيد دعوة لمراجعة الماضي لتحقيق مستقبل أفضل

إن العيد ليس إلاّ دعوة لمراجعة الماضي، وإعادة النظر فيه، ومحاولة تحقيق مستقبل أفضل من واقع الإنسان الذي مضى ليبدأ مرحلة جديدة ذات مواصفات جديدة. فالعيد يكرس الخصال الحميدة التي اكتسبناها خلال شهر رمضان أو فيما سبقه من الأيام.

ومن الناحية المبدئية هناك عيدان رئيسيان للمسلمين؛ العيد الأوّل هو عيد الفطر الذي يحل بعد شهر رمضان، حيث يغتسل الإنسان في بحار رحمة الله تعالى، ويخرج من ذنوبه.

أما العيد الثاني – وهو عيد الأضحى المبارك – فيأتي هو الآخر تتويجاً لرحلة ربانية أخرى يقوم بها الإنسان أثناء الحج بجسمه، في حين يقوم بها المسلمون في كافة أنحاء الأرض ممن لم يوفقوا إلى الحج بقلوبهم وأرواحهم، لتتوج هذه الرحلة في نهاية المطاف بالعيد.

تكريس المكاسب الروحية

وبنـاءً على ذلك فـإن العيـد – في معنـاه الدقيـق- هو تكريـس وتثبيت لتلك المكاسب الروحية التي حصل عليها الإنسان المسلم خلال شهر رمضان، أو أثناء العشرة الأولى من شهر ذي الحجة التي تمثل موسم الحج.

وهكذا فان العيد هو تثبيت للمكاسب السابقة، وتدشين للمرحلة القادمة، وتأكد من سلامة مواقعنا السابقة، وعزم على البدء بمرحلة جديدة.

وإذا كان العيد هكذا، فان استقبالنا له ينبغي أن يكون وفق هذا الأفق والرؤية، وذلك من خلال البرامج التي نريد أن نطبقها فيما بعد يوم العيد.

إننا نكتسب في كل عام خلال البرامج الروحية لشهر رمضان آداباً ورؤى جديدة، وبذلك يرتفع مستوانا الروحي على المستوى السابق ارتفاعاً ملحوظاً، فعلينا أن نكرس هذا الارتفاع في العيد أوّلاً ثم نبدأ بوضع برامج تفصيلية للمرحلة القادمة، لكي نحافظ على هذا المقدار المبارك من المكاسب التي حصلنا عليها خلال شهر رمضان الفضيل، سواء كانت هذه المكاسب علمية أو روحية أو حتى سلوكية.

ونحن نكتشف خلال هذا الشهر المبارك أن كل واحد منا يعاني من نقائص؛ كأن يكون فينا مقدار من الكسل، أو شيءٌ من الضجر والقلق، أو الأنانية والذاتية، أو قدر من الانطواء والانغلاق، أو عدم الالتزام الكامل بالعهود والمواثيق، وعدم تطابق القول مع الفعل، وما إلى ذلك من صفات سلبية يكتشفها الواحد منا في ذاته خلال شهر رمضان، ثم يعقد العزم الراسخ على أن يقتلعها بكل وسيلة ممكنة.

إننا إذا أردنا أن نقتلع هذه الصفات السلبية من نفوسنا، فلابد من أن نضع لأنفسنا برامج تربوية. فنحن لا نستطيع أن نغيّر حياتنا إلاّ من خـلال هذه البرامج التربوية التي يجب أن نستغل كل لحظة من لحظات أوقاتنا في سبيل وضعها، والتفكيـر العميق فيها، وذلك من خـلال تنظيـم هذه البرامج وفق المكاسب التي حصلنا عليها خلال أيام شهر رمضان.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل