من كل مدخل تسلكه إلى الحرم الرضوي المطهر، سترى طاقماً من الخادمات يؤدين واجباتهن بكل ما تحمله كلمة عطاء من معان، يستقبلن الزوار بتواضع كامل ووجوه مبهجة ويردن سلامهم بحرارة.
لا يهمهن أين يخدمن؛ تراهن يمسكن بعصا ويرحبن بالزوار أو يجمعن الغبار أو غلاف الشوكولاتة الذي ربما يكون قد سقط من طفل على الأرض. قد يكن صاحبات مناصب خارج هذا المكان، لكن عندما يأتين إلى هنا، لا أحد يعتبر لنفسه لقباً أو منصباً، فلا وجود لشيء في الحرم هنا سوى الألفة واللطف.
التقينا بعض الخادمات المشغولات بالخدمة في مختلف أقسام الحرم الرضوي المطهر ليحدثننا عن تجربتهن ومشاعرهن والخبرات التي اكتسبنها في هذه الخدمة التي وفقن للتشرف بها ويعتبرنها واحدة من أكبر النعم التي مَنّ الله عليهن بأن كانت من نصيبهن.
ومن الأقسام التي يعمل الخادمات فيها، قسم خدمة الخدام، ووظيفة خدم هذا القسم هو رعاية الخدم أثناء استراحتهم في الأماكن المخصصة لذلك وإعداد كل شيء لهم.
تقول “نسرين جهاني فرد” إحدى الخادمات اللواتي تشرفن بالعمل في هذا القسم لمدة أربع سنوات: “لا أشعر بمرور الوقت وأنا في الحرم. وظيفتي هي أن أخدم الخادمات في وقت استراحتهن، حتى يتمكن من العودة إلى مكان خدمتهن بمزيد من الطاقة والنشاط”.
وتضيف جهاني فرد: “الفرق بين خدمة هذا العام والسنوات السابقة هو أن عدد الزوار قد ازداد وأصبح الخدم أكثر تعباً، بينما يتم تقصير وقت راحتهم حتى يتمكنوا من الوصول إلى مركز خدمتهم في وقت أسرع”.
وتقول “زيبا سيد محمدي”، وهي إحدى العاملات في قسم حفظ النظام في العتبة الرضوية المقدسة: “أخدم في حرم الإمام الثامن (عليه السلام) منذ ثماني سنوات. لكن هذا العام كانت لي تجربة مختلفة عن السنوات السابقة وقضيت معظم وقتي في الحرم. أشعر أن هذا هو بيتي؛ كما هو الحال عندما يكون لدي ضيوف في منزلي وأحاول أن أقوم بأفضل استقبال لضيوفي، هنا أحاول خدمة الزوار بأفضل طريقة”.
وتحدثنا “طيبة جمعة زاده”، التي وُفقت للخدمة في الحرم المطهر منذ عام 2017، عن نوع الخدمة التي تقدمها للزوار في المرقد الشريف: “الخدمة في هذا المكان لها حلاوة خاصة. وظيفتي هي إزالة الغبار أو أي قمامة في منطقة خدمتي. وفي هذه الأيام التي يزداد فيها توافد الزوار، يجب أن نكون أكثر حرصاً حتى تكون منطقة خدمتنا في وسط الزحام نظيفة ولائقة باستقبال زوار الإمام الرضا (عليه السلام)”.
أما “ليلى خدا شناس”، هذه الخادمة تأتي إلى مدينة مشهد كل أسبوع من مكان بعيد لخدمة زوار علي بن موسى الرضا (عليه السلام) مرتدية زيها الأخضر، فتقول: “أخدم في ترتيب كتب الأدعية وسجادات الصلاة من خلال المحافظة على نظافتها ووضعها في المكان المخصص لها. كان الأمر صعباً بعض الشيء بالنسبة لي في البداية، لكن الآن بعد أن أمضيت أربع سنوات في خدمتي، وقعت في حبها وأصبحت أستمتع بكل لحظة أمضيها فيها”.
وتقول “طيبة مؤمن زاده”، وهي خادمة تعمل في قسم أمانات الأحذية: “قد يبدو ازدحام الحرم بالناس في هذه الأيام متعباً قليلاً للخدام، لكن وجود هؤلاء الزوار نعمة لنا المشهديون. يرغب الكثير من الناس في الخدمة في هذه البقعة المباركة ويحصون لحظات التوفيق لها”.