ليست الأوقات كلها متساوية بحسب النصوص الشرعية، فهناك أوقات خاصة تكون الحجُب فيها أقلّ وإمكانية التوفيق في الدعاء أكبر، وأثر الدعاء فيها آكد، ومن هذه الأوقات:
1-جوف الليل
ففي الوقت الذي تنام فيه عيون العباد، تقوم بين يدي الله تعالى، في وقت الصفاء وقلة الشاغل الدنيوي، ففي هذا الوقت يتفرّغ عباد الله المخلصون للدعاء والمناجاة، وعن نوف البكالي في حديث قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه وقال لي: “يا نوف، إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له”([1]). وعن الإمام الصادق عليه السلام: ” كان فيما ناجى الله به موسى بن عمران عليه السلام أن قال له: يا ابن عمران، كذب من زعم أنّه يحبني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أليس كل محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا يا ابن عمران مطّلع على أحبائي، إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلّموني عن الحضور. يا ابن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع، وادعني في ظلم الليل، فإنّك تجدني قريباً مجيباً”([2]). وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “من قام من آخر الليل فتطهّر وصلّى ركعتين وحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه، إمّا أن يعطيه الذي يسأله بعينه، وإمّا أن يدّخر له ما هو خير له منه”([3]).
2-زوال الشمس
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدّم شيئاً فتصدّق به، وشمّ شيئاً من طيب، وراح إلى المسجد، ودعا في حاجته بما شاء الله”([4]). وعنه عليه السلام: “إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، وأبواب الجنان، وقضيت الحوائج العظام”، فقيل له عليه السلام: من أي وقت؟ قال عليه السلام: “مقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسّلاً”([5]).
3-بين الطلوعين
عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: “أجيبوا داعي الله، واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض، وهي الساعة التي يقسّم فيها الرزق بين عباده… توكّلوا على الله عند ركعتي الفجر إذا صلّيتموها، ففيها تعطوا الرغائب”([6]). وعن الإمام أبي جعفر عليه السلام: “إنّ الله عز وجل يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وتقسم فيها الأرزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام”([7]).
4-قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
عن الإمام الصادق عليه السلام: “إذا كان قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فعليك بالدعاء واجتهد، ولا يمنعك من شيء تطلبه من ربك، ولا تقل: هذا ما لا أعطاه، وادع فإن الله يفعل ما يشاء”([8]).
5-بعد الصلوات المكتوبة
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من أدّى لله مكتوبة، فله في أثرها دعوة مستجابة”([9])، وعن الإمام الصادق عليه السلام: “إن الله تبارك وتعالى فرض الصلوات في أفضل الساعات، فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات”([10]).
6-يوم الجمعة
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إن يوم الجمعة سيّد الأيّام، يضاعف الله عز وجل فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات، ويستجيب فيه الدعوات”([11]).
7-ليالي الإحياء
وهي الليالي الخاصّة الوارد إحياؤها والدعاء فيها، كليلة القدر، بالإضافة إلى ليلة الفطر، وليلة الأضحى، وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من رجب، فقد روي عن الإمام الكاظم عليه السلام أنه قال: “كان علي عليه السلام يقول: يعجبني أن يفرغ الرجل نفسه في السنة أربع ليال: ليلة الفطر وليلة الأضحى وليلة النصف من شعبان، وأوّل ليلة من رجب”([12]). وهناك أوقات أخرى أيضاً مذكورة في كتب الأدعية.
الدعاء، جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
([1]) الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص 78
([2]) نفس المصدر
([3]) نفس المصدر -ص 77.
([4]) نفس المصدر – ص67
([5]) الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص66
([6]) نفس المصدر – ص 68
([7]) نفس المصدر
([8]) نفس المصدر – ص34
([9]) نفس المصدر – ص66
([10]) نفس المصدر – ص110
([11]) نفس المصدر – ص376
([12]) نفس المصدر – ج8 – ص109