Search
Close this search box.

بين مصائب الرضا عليه السلام ومصائب كربلاء

بين مصائب الرضا عليه السلام ومصائب كربلاء

مقالة حول : بين مصائب الامام الرضا وكربلاء 

لمّا خرج محمّد بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام بالمدينة، بعث الرشيد إليه الجلوديّ، وأمره أن ينهب دور آل أبي طالب، ويسلب نساءهم وأن لا يدع عليهن إلا ثوباً واحداً !!
وكان هذا بعد شهادة الإمام الكاظم عليه السلام، فصار الجلوديّ إلى المدينة، وفعل مع العلويّين كما أمره الرشيد، وهجم برجاله على دار الرضا عليه السلام..

فاضطربن العلويّات، وتجمّعن في بيت واحد، فقال له الرضا عليه السلام: دعني أسلب ما عليهن، وآتيك به، وحلف له أن لا يترك عليهن شيئاً. فوقف الجلوديّ على الباب، ودخل الإمام عليه السلام، فأخذ جميع ما عليهن من ثياب وأسورة وخلاخيل وأقراط، ودفعه إلى الجلوديّ1

سيّدي يا أبا الحسن، ما أشبه هذا الموقف بيوم عاشوراء ، بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام، لمّا هجم القوم على خيام بنات رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن لقد حاميت عن نسائك وعيالك، ولم تدع القوم يسلبونهن، ولكن أسفي على بنات رسول الله!! من الذي حامى عنهنّ، وليس لهنَّ من رجالهنّ إلّا مريض عليل لا يستطيع النهوض؟

فأخذ القوم يسلبون بنات رسول الله…
سيّدي أنت القائل: إنّ المحرّم شهر، كان أهل الجاهليّة يحرّمون فيه القتال، فاستحلّت فيه دماؤن، وهتكت فيه حرمتن، وسبي فيه ذرارينا ونساؤن، وأضرمت النيران في مضاربن، وانتهب ما فيها من ثقلن، ولم تُرعَ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرمة في أمرنا..”2.

يروى عن دعبل الخزاعيّ أنّه قال: دخلت على سيّدي ومولاي عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في مثل هذه الأيّام (أي أيّام محرّم)، فرأيته جالساً جلسة الحزين الكئيب، وأصحابه من حوله، فلمّا رآني مقبلاً قال لي: “مرحباً بك يا دعبل، مرحباً بناصرنا بيده ولسانه”، ثمّ إنّه وسَّع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه، ثمّ قال لي: “يا دعبل أحبّ أن تنشدني شعراً، فإنّ هذه الأيّام أيّام حزن كانت علينا أهل البيت، وأيّام سرور كانت على أعدائنا، خصوصاً بني أميّة، يا دعبل، من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله. يا دعبل، من ذرفت عيناه على مصابنا، وبكى لما أصابنا من أعدائنا، حشره الله معنا في زمرتنا. يا دعبل، من بكى على مصاب جدّي الحسين غفر الله له ذنوبه البتّة”. ثمّ إنّه عليه السلام نهض، وضرب ستراً بيننا وبين حرمه، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدّهم الحسين عليه السلام، ثمّ التفت إليّ، وقال لي: “يا دعبل، إرث الحسين، فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيّاً، فلا تقصّر عن نصرنا ما استطعت”. قال دعبل: فاستعبرت، وسالت عبرتي وأنشأت أقول:

أَفاطِمُ لَوْ خِلْتِ الحُسَينَ مُجَدَّلاً          وقدْ ماتَ عطشاناً بشَطِّ فُراتِ
إذاً لَلَطَمْتِ الخَدَّ فاطِمُ عِنْدَهُ            وأَجْرَيْتِ دَمْعَ العَيْنِ في الوَجَناتِ
أفاطمُ قُومي يا ابْنَةَ الخيرِ وانْدُبي     نُجومَ سماواتٍ بِأَرْضِ فَلاةِ
قُبورٌ بِكُوفانٍ وأُخْرَى بطَيْبَةٍ           وأُخْرَى بفَخٍّ نالَها صَلَواتي
قُبورٌ بِبَطْنِ النَّهْرِ مِنْ جَنْبِ كَرْبلا      مُعَرَّسُهُمْ فيها بِشَطِّ فُراتِ
تُوُفُّوا عُطَاشَى بالعَراءِ فليتني         تُوُفِّيتُ فيهمْ قَبْلَ حِينِ وَفاتي
3

في زيارته عليه السلام :
ورد الكثير من الروايات في فضل زيارة الرضا عليه السلام بطوس:
منها: ما عن قبيصة بن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: سمعت وصيّ الأوصياء، ووارث علم الأنبياء، أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، يقول: “حدّثني سيّد العابدين، عليّ بن الحسين، عن سيّد الشهداء، الحسين بن عليّ، عن سيّد الأوصياء، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام” قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان، ما زارها مكروب إلّا نفَّس الله كربته، ولا مذنب إلّا غفر الله ذنوبه”4 .

وعن الرضا عليه السلام : ” من زارني على بُعد داري، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن، حتّى أخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يميناً وشمال، وعند الصراط، وعند الميزان”5 .

وأمّا زيارته، فقد قال الشيخ المفيد رحمه الله:

باب مختصر زيارته عليه السلام : تقف على قبره- بعد أن تغتسل لزيارته، وتلبس أطهر ثيابك…- وتقول: السلام عليك يا وليّ الله وابن وليّه، السلام عليك يا حجّة الله وابن حجّته، السلام عليك يا إمام الهدى والعروة الوثقى، ورحمة الله وبركاته. أشهد أنّك مضيت على ما مضى عليه آباؤك الطاهرون صلوات الله عليهم، لم تؤثر عمىً على هدى، ولم تمل من حقّ إلى باطل، وأنّك نصحت لله ولرسوله، وأدّيت الأمانة، فجزاك الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء. أتيتك بأبي أنت وأمّي زائراً، عارفاً بحقّك، موالياً لأوليائك، معادياً لأعدائك، فاشفع لي عند ربّك.

ثمّ انكب على القبر فقبّله، وضع خديّك عليه.
ثمّ تحول إلى عند الرأس، فقل: السلام عليك يا مولاي يا بن رسول الله ورحمه الله وبركاته، أشهد أنّك الإمام الهادي، والوليّ المرشد، أبرأ إلى الله من أعدائك، وأتقرّب إلى الله بولايتك، صلّى الله عليّك ورحمة الله وبركاته.

ثمّ صلّ ركعتي الزيارة، وصلّ بعدهما ما بدا لك، وتحوّل إلى عند الرجلين، فادع بما شئت، إن شاء الله6 .

وإلى هنا تكون قد انتهت مقالة : بين مصائب الامام الرضا وكربلاء 

 * غريب خرسان، سلسلة مجالس العترة، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

1- المقرّم السيّد عبد الرزاق: وفاة الإمام الرضا عليه السلام ص 24.
2- الصدوق: الأماليّ ص 190.
3- المجلسيّ: بحار الأنوار ج 45 ص 257.
4- الصدوق: عيون أخبار الرض عليه السلامج 2 ص 288.
5- الصدوق: عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2 ص 285
6-المفيد: المقنعة ص 480.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل