Search
Close this search box.

الأساس الديني للوحدة بين المسلمين

الأساس الديني للوحدة بين المسلمين

كما نعلم فإنّ القرآن الكريم قد أورد المبادئ الأساسية التي ينبغي للأمة الإسلامية الالتزام بها حتى تصل إلى الهدف النهائيّ لها ألا وهو علوّ كلمتها بين الأمم.

ولذلك نجد بعض الآيات القرآنية التي تدعو وتأمر باتّحاد الكلمة واتحاد موقف المسلمين، لتصبح أشد قوة وأصلب منعةً، حيث يقول الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[1].
الأساس الديني للوحدة بين المسلمين
إنّ الآية الشريفة تتحدّث بوضوح عن التوحّد ونبذ الاختلاف بين المسلمين، حيث تدعوهم للاعتصام؛ أي التمسّك جميعاً بحبل الله.

والاعتصام يكون طلباً للعصمة، وهي الحفاظ والغطاء، وهذا يعني أنّ في ترك هذا الاعتصام الهلاك الحتميّ، وهذا ما يكون من خلال التفرّق والاختلاف على الأمور الصغيرة.

كما أنّ الله سبحانه وتعالى يمتنّ علينا بنعمة الإسلام، هذا الدين الذي يجمعنا جميعاً على كل اختلافاتنا في دائرة واحدة، بعد أن كانت تفرّقنا القوميات والعشائر والمناطق والشعب.

فحين هدى الله تعالى الناس برسوله الأكرم  صلى الله عليه وآله وسلم، أخرجهم من ظلام هذه القواقع الفارغة إلى رحابة الإسلام دين الإنسانية والرحمة والسلام، وهذا من أكبرِ نعم الله تعالى علينا.

وكذلك نجد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتحدّث عن الوحدة وتحذّر من الاختلاف. وسنستعرض بعضها، فمنها قول الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[2].

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[3].

﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[4].

﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[5].

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾[6].

﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾[7].
الأساس الديني للوحدة بين المسلمين
ومن هنا فإنّ الإمام الخمينيّ قدس سره لطالما أكّد على أهمّية وعي الأساس الدينيّ والقرآنيّ للوحدة. وممّا قاله في هذا الإطار: “القرآن وضع عقد الأخوّة بين جميع المسلمين.

وإنّني آمل أن يكون جميع إخواننا في أطراف إيران سواء الأخوة أهل السنة أو إخواننا أهل التشيّع، وجميع أبناء هذا الشعب من الأقليات الدينية متّحدين فيما بينهم، ويتعاملون كالأخوة، حتّى تتقدّم البلاد، وتطبق فيها أحكام الإسلام، ويتحقّق رفاه جميع المسلمين وجميع الذين يسكنون في هذا البلد الإسلاميّ.

وأنا آمل أن لا تتصوّر الشعوب الإسلامية أنّنا في زاوية وأنّهم في زاوية أخرى، فالقرآن اعتبركم إخوة جميعاً، ووضع عقد الأخوّة بينكم، فالمؤمن والمسلم الذي يتواجد في آخر نقطة من العالم وذلك المؤمن والمسلم الذي يتواجد في أول نقطة من العالم وبينهما ما بين المشرق والمغرب هما أخوان ولا يفصلهما شيء عن بعضهما بعضاً.

ويجب أن يكونا أخَوَين كما يحكم الإسلام بذلك ولا يتفرّقا، وأن يعتبرا مصالحهما هي مصالح الإسلام ومصالح جميع الشعوب، وأن يعتبر كل شعب أنّ مصلحة الشعب الآخر هي مصلحته أيضاً، وأن يكون المؤمنون أينما كانوا أخوة فيما بينهم ويتعاملوا بأخوّة، وأن يعتبروا اعتداء أي ظالم على دولة إسلامية اعتداءً عليهم.

وإنّني آمل، ومن خلال النظر لهذا الحكم الإسلاميّ الذي يعتبر جميع الناس، جميع المسلمين، أخوة فيما بينهم، أن تسيطر هذه الدول على مصالحها، وأن تنتصر جميع الدول الإسلامية على القوى العظمى، ويوفّقوا لتطبيق الأحكام الإسلامية حتى النهاية”[8].

ولطالما حذَّر الإمام ممّا حذر منه القرآن الكريم وهو التنازع والتناحر حيث يقول قدس سره:

“اليوم على الجميع أن يتّحدوا مع بعضهم بعضاً، وأن لا يتنازعوا بموجب تعليمات الإسلام والقرآن الكريم. فالتنازع ممنوع حسب أوامر القرآن مهما كان نوعه. وإذا تنازعوا فإنّه يؤدّي إلى الفشل، وتذهب ريحهم، سواء الأشخاص أو الشعوب. وهذه أوامر الله.

إنّ الذين يدعون الإسلام، ويسعون من أجل زرع الفرقة والتنازع لم يجدوا ذلك الإسلام الذي كتابه القرآن، وقبلته الكعبة، ولم يؤمنوا بالإسلام. إنّ الذين آمنوا بالإسلام إنّما هم الذين يقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذي يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾[9] فيلتزمون بكلّ ما تقتضيه الأخوّة. تقتضي الأخوة أن يتأثر جميع الإخوان أينما كانوا إذا ألمّت بكم مشكلة، وأن يفرحوا جميعاً لفرحكم”[10].
الأساس الديني للوحدة بين المسلمين
الوحدة الإسلامية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] سورة آل عمران، الآية 103.
[2] سورة الأنفال، الآية 46.
[3] سورة الحجرات، الآية 10.
[4] سورة آل عمران، الآية 104.
[5] سورة آل عمران، الآية 105.
[6] سورة الأنعام، الآية 159.
[7] سورة المؤمنون، الآية 52.
[8] منهجية الثورة الإسلامية، مقتطفات من أفكار وأراء الإمام الخميني قدس سره، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني قدس سره، طهران- إيران، 2006م، ط2، ص 432.
[9] سورة الحجرات، الآية 10.
[10] منهجية الثورة الإسلامية، مقتطفات من أفكار وأراء الإمام الخميني قدس سره، ص 435.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل