في حديث للشيخ عبّاس القمّيّ(1) مع ابنه قال:
“عندما ألّفتُ كتاب (منازل الآخرة) وطبعته ووصل إلى قمّ، وصلت إحدى نسخه إلى الشيخ عبد الرزّاق الذي كان دائماً يُبيّن بعض المسائل في صحن حرم المعصومة عليها السلام قبل صلاة الجماعة، وكان والدي المرحوم محمّد رضا من مريدي الشيخ عبد الرزّاق، وكان يحضر يوميّاً مجلسه.
كان الشيخ عبد الرزّاق في النهار يتناول كتاب (منازل الآخرة) ويقرأ منه على الحاضرين.
وذات يوم، جاء والدي إلى البيت وقال: “يا شيخ عبّاس! ليتك كنت مثل هذا الواعظ تستطيع أن ترتقي المنبر، وتقرأ مثل هذا الكتاب الذي قرأه علينا اليوم”.
أردتُ أن أقول له مرّات عدّة إنّ هذا الكتاب من مؤلّفاتي، ولكنّي كنت في كلّ مرّة أسيطر على نفسي وأسكت، واكتفيت بأن قلت: تفضّل بالدعاء ليوفّقني الله تعالى”.
ويُنقل عنه أيضاً (رضوان الله عليه)، أنّه عندما كان مقيماً في مشهد، كان في أحد المواسم يعظ في مسجد ﮔـوهرشاد، حضر إليه المرحوم الشيخ عبّاس تربتي -وهو من العلماء الأبرار والروحانيّين العُبَّاد- من “تُربت حيدريّة” محلّ إقامته إلى مشهد؛ ليستفيد من مواعظ الشيخ عبّاس القمّيّ، حيث كانت تربطهما علاقةٌ متينة.
وذات يوم ومن فوق المنبر، عندما وقعت عين الشيخ القمّيّ على الشيخ تربتيّ في زاوية من المجلس المكتظّ يستمع إلى حديثه، قال الشيخ القمّيّ:
“أيّها الناس، سماحة الشيخ موجود، استفيدوا من علمه”.
وعلى الرغم من كثرة الناس الذين كانوا قد جاؤوا لأجل محاضرة المُحدّث القمّيّ، نزل عن المنبر، وطلب من الشيخ أن يتولّى الحديث إلى آخر شهر رمضان بدلاً عنه.
(*) مقتبس من كتاب “سيماء الصالحين”.
(1) هو الشيخ عباس القمّيّ المعروف بالمحدّث القمّيّ، صاحب كتابي: “مفاتيح الجنان” و”منازل الآخرة”، وعدد من المؤلّفات القيّمة.