Search
Close this search box.

أهل البيت (عليهم السلام) والقول بالحقّ وإنْ عَزّ

أهل البيت (عليهم السلام) والقول بالحقّ وإنْ عَزّ

القول بالحقّ وإنْ عَزّ

الحقّ: ضدّ الباطل، وهو الحكم المطابق للواقع، والشيء الثابت الصحيح. والعزّة: في أصل معناها ضدّ الذلّة، وتُطلق على الشيء القليل. يُقال: عزَّ الشيء، إذا قلّ فلم يكد يوجد..

فالشيء العزيز هو القليل، لكن إذا كان مفيداً، ومنه الحديث (عزّ ماؤنا ليلة التاسع من المحرّم). فالشيء القليل غير المفيد لا يطلق عليه العزيز.

والقول بالحقّ وإن عزّ: هو أن يقول الإنسان الحقّ، ويتكلّم بالكلام الحقّ المفيد، في وقت قلّة القول بالحقّ وعدم إقدام الآخرين عليه.

وقول الحقّ وإن كان قد يقوله جميع الناس، إلّا أنّ قوله الحقّ والتصديع به في حين قلّته هو الذي يكون عزيزاً، وهو زينة المتّقين، وحلية الصالحين، بل هو الذي يتقوّم به الدِّين.

وقد هدى القرآن الكريم إلى التوصية بالحقّ في قوله عزّ اسمه: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾([1]). وهذه الصفة الجليلة ممّا كان القدوة فيها أيضاً أهل البيت (عليهم السلام)، وفي الطليعة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، صدعت بالحقّ في حين قلّته، ونبّهت أهل الغفلة في حين تقاعسهم، وبيّنت الحقيقة الجليّة لتبقىٰ علىٰ مدى الدهور والعصور.

وذلك في خطبتها المباركة التي دوّت بالحقّ، وشيّدت حقيقة الإسلام، وردعت الباطل لجميع الأنام. وكذلك في خطبتها لنساء المهاجرين والأنصار..

قالت كلمة الحقّ، ونطقت بحقيقة الدِّين، وكشفت عن رسالة سيّد المرسلين، ودافعت عن حقّ أمير المؤمنين، في حين عزّت كلمة الحقّ.

وخطبتها الشريفة في الأُسس الهامّة في الدِّين، والجديرة بدراستها لجميع المؤمنين، في سبيل معرفة الإسلام المحمّدي والدِّين الأحمدي([2]). وهي المعجزة الخالدة، والآية الباهرة، والحجّة الكاملة التي صَدَعَت بها أمام جميع المسلمين من الأنصار والمهاجرين. فكانت قمّة الكلام المتّصف بفصاحة النطق، وبلاغة البيان، وقوّة الحجّة، ومتانة الدليل.

بل كانت خطبتها (عليها السلام) البيان الكامل للدِّين، والدستور الشامل لشريعة سيّد المرسلين، في المحاور التي ركّزت عليها الصدِّيقة الطاهرة (عليها السلام) من التجليل بساحة ربّ العالمين بصفاته الحُسنىٰ

والتعريف بنعمة الرحمة الإلهيّة المتمثِّلة في أبيها المصطفى (صلى الله عليه وآله)

والإشادة بمعالي ومواقف وجهاد ابن عمّها المرتضى (عليه السلام)، وتبيين معالم القرآن الكريم

وأحكام ربّ العالمين، ثمّ أشارت إلى الانقلاب على الأعقاب

وظهور الظلم والطغيان والغصب والعدوان الذي صدرَ من القوم بعد رحيل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)

ثمّ ختمت الخطاب بوعيد العذاب علىٰ خذلانهم وعدوانهم، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون».

وقد سار على طريق أهل البيت (عليهم السلام) وهُداهم في القول بالحقّ عند عزّته صفوة أصحابهم الكرام كالإثنى عشر صحابي الذين دافعوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن حقّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، فخطبوا واحتجّوا بما تلاحظ مفصّله في حديث الإمام الصادق (عليه السلام)([3]).

ومن هذه الثلّة الطيّبة المدافعين عن الحقّ بصراحة، والقائلين بالحقّ حين العزّة الطرماح بن عدي بن حاتم الطائي الذي صدع كيان الباطل الأموي، وزلزل رئيسه الطاغي، وألقمه الحجر، وسقاه الكأس المصبّر، في وروده عليه، وحمل رسالة الأمير (عليه السلام) إليه كما تلاحظ نصّه الكامل في حديث البحار([4]).
القول بالحقّ وإنْ عَزّ القول بالحقّ وإنْ عَزّ
أخلاق أهل البيت (عليهم السلام) – بتصرّف، السيد علي الحسيني الصدر


([1]) سورة العصر: الآية 3. راجع كنز الدقائق / ج 14 / ص 427.
([2]) الاحتجاج / ج 1 / ص 131.
([3]) الاحتجاج / ج1 / ص 97، والخصال / ص 461 / ح 4.
([4]) بحار الأنوار / ج 33 / ص 289 / ب 20 / ح 550.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل