يا أبا ذرّ
من وصيّة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذرّ الغفاريّ:
“يا أبا ذرّ، كن في الدنيا كأنّك غريب وكعابر سبيل، وعدّ نفسَك في أهل القبور.
يا أبا ذرّ، إذا أصبحتَ فلا تحدّث نفسَك بالمساء، وإذا أمسيتَ فلا تحدّث نفسك بالصباح، وخذ من صحّتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنّك لا تدري ما اسمك غداً.
يا أبا ذرّ، كن على عمرك أشحّ منك على درهمك ودينارك.
يا أبا ذرّ، إنّ شرّ الناس عند الله (تعالى) يومَ القيامةِ عالِمٌ لا يُنتفع بعلمِه، ومن طلبَ علماً ليصرِفَ به وجوهَ الناس إليه، لم يجد ريحَ الجنّة.
يا أبا ذر، إذا سُئلت عن علمٍ لا تعلمُه فقل: لا أعلمه، تنجُ من تبِعَتِه، ولا تُفتِ الناسَ بما لا علم لك به، تنجُ من عذابِ يوم القيامة.
يا أبا ذر، يطّلعُ قومٌ من أهلِ الجنّة إلى قومٍ من أهلِ النّار فيقولون: ما أدخلَكم النار، وإنّما دخلنا الجنّة بفضل تأديبكم وتعليمكم! فيقولون: إنّا كنّا نأمركم بالخير ولا نفعله.
يا أبا ذر، إنّ حقوقَ الله أعظمُ من أن يقوم بها العباد، وإنّ نعم الله (عزّ وجلّ) أكثر من أن يُحصيها العباد، ولكن أمسوا تائبين وأصبحوا تائبين.
يا أبا ذر، إنّكم في ممرّ الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموتُ يأتي بغتةً، فمن يزرع خيراً يوشك أن يحصُدَ رغبة، ومن يزرع شرّاً يوشَك أن يحصُد ندامةً، ولكلِّ زارعٍ ما زرع.
يا أبا ذر، المتّقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستُهم زيادة.
يا أبا ذر، إنّ المؤمن ليرى ذنبَه كأنّه تحت صخرةٍ يخافُ أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبَه كأنّه ذبابٌ مرّ على أنفه”(1) .
(1) الشيخ الطوسي، الأمالي، ص 527.